الدكتور فاضل حسن شريف
جاء في كتاب البيان في تفسير القرآن للسيد ابو القاسم الخوئي قدس سره: ويتعرض القرآن لذكر الانبياء فيصفهم بكل جميل ينبغي أن يوصفوا به، وينسب إليهم كل مأثرة كريمة تلازم قداسة النبوة، ونزاهة السفارة الالهية، منها "إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ" (ال عمران 33).
عن موسوعة الامام الخوئي للسيد أبوالقاسم الخوئي: أنّ الطهور الذي هو من الخمسة المعادة منها الصلاة إما أن يكون أعم من الطهارة الحدثية والخبثية، وإما أن يكون مجملاً لا يدرى أنه يختص بالطهارة الحدثية أو يعم الخبثية أيضاً، وعلى كلا الفرضين لا يمكن التمسك به في الحكم بعدم وجوب الإعادة على الجاهل. أما بناء على أنه أعم فلأجل أن صلاة الجاهل فاقدة لطهارة الثوب أو البدن والإخلال بالطهارة الخبثية مما تعاد منه الصلاة. وأما بناء على إجماله فلأجل كفاية الإجمال في الحكم بوجوب الإعادة على الجاهل بالحكم أو بالاشتراط، وذلك لأن إجمال المخصص المتصل كالطهور يسرى إلى العام كقوله لا تعاد ويسقطه عن الحجية في مورد الإجمال، ومعه لا دليل على عدم وجوب الإعادة في مفروض الكلام. ومقتضى إطلاقات مانعيّة النجاسة في الثوب والبدن بطلان صلاة الجاهل القاصر ووجوب الإعادة عليه. و هذا الوجه وإن كان أمتن الوجوه التي قيل أو يمكن أن يقال في المقام إلّا أنه أيضاً مما لا يمكن المساعدة عليه، وذلك لأنّ الطهور حسبما ذكرناه في أوائل الكتاب من أنه بمعنى ما يتطهر به نظير الوقود والفطور والسحور وغيرهما مما هو بمعنى ما يحصل به المبدأ، وقد يستعمل بمعنى آخر أيضاً وإن كان أعم حيث إن ما يحصل به الطهارة وهو الماء والتراب غير مقيد بطهارة دون طهارة وبالحدثية دون الخبثية، إلّا أن في الحديث قرينة تدلنا على أن المراد بالطهور خصوص ما يتطهر به من الحدث فلا تشمل الطهارة الخبثية بوجه. بيان تلك القرينة: أن ذيل الحديث دلّنا على عدم ركنية غير الخمسة في الصلاة، حيث بيّن أن القراءة والتشهّد والتكبير سنّة ثم إنّ الخمسة المذكورة في الحديث هي بعينها الخمسة التي ذكرها اللَّه سبحانه في الكتاب وقد أشار إلى الركوع بقوله عزّ من قائل في قوله "يَا مَرْيَمُ اُقْنُتِي لِرَبِّكِ وَ اُسْجُدِي وَ اِرْكَعِي مَعَ اَلرَّاكِعِينَ" (ال عمران 43). و في قوله "يَا مَرْيَمُ اُقْنُتِي لِرَبِّكِ وَ اُسْجُدِي وَ اِرْكَعِي" (ال عمران 43) و غيرها من الآيات. و بذلك يظهر أن الحديث إنما يشير إلى تلك الخمسة التي ذكرها اللََّه سبحانه في الكتاب، والذي ذكره سبحانه إنما هو خصوص الطهارة من الحدث أعني الغسل والوضوء والتيمم وليس من الطهارة الخبثية ذكر في الكتاب، فاذا ضممنا إلى ذلك ما استفدناه من ذيل الحديث، فلا محالة ينتج أن الطهور في الحديث إنما هو بمعنى ما يتطهر به من الحدث، وأما الطهارة من الخبث فليست من الأركان التي تبطل الصلاة بالإخلال بها مطلقاً كما هو الحال في الخمسة المذكورة في الحديث. ولعل ما ذكرناه هو الوجه فيما سلكه المشهور من أصحابنا حيث خصوا الحديث بالطهارة من الحدث مع عمومه في نفسه.
جاء في كتاب البيان في تفسير القرآن للسيد ابو القاسم الخوئي قدس سره: وحسب القرآن عظمة ، وكفاه منزلة وفخرا أنه كلام الله العظيم ، ومعجزة نبيه الكريم ، وأن آياته هي المتكفلة بهداية البشر في جميع شؤونهم وأطوارهم في أجيالهم وأدوارهم ، وهي الضمينة لهم بنيل الغاية القصوى والسعادة الكبرى في العاجل والآجل: "هَـذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ" (ال عمران 138). وقد ورد في الاثر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : فضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على خلقه. نعم من الخير أن يقف الانسان دون ولوج هذا الباب ، وأن يكل بيان فضل القرآن إلى نظراء القرآن ، فإنهم أعرف الناس بمنزلته ، وأدلهم على سمو قدره ، وهم قرناؤه في الفضل، وشركاؤه في الهداية ، أما جدهم الاعظم فهو الصادع بالقرآن ، والهادي إلى أحكامه ، والناشر لتعاليمه. وقد قال صلىاللهعليه وآله وسلم: (إني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض). فالعترة هم الادلاء على القرآن، والعالمون بفضله. فمن الواجب أن نقتصر على أقوالهم ، ونستضئ بإرشاداتهم. ولهم في فضل القرآن أحاديث كثيرة جمعها شيخنا المجلسي في البحار الجزء التاسع عشر منه. ونحن نكتفي بذكر بعض ما ورد : روى الحارث الهمداني قال: دخلت المسجد فإذا أناس يخوضون في أحاديث فدخلت على علي فقلت: ألا ترى أن أناسا يخوضون في الاحاديث في المسجد؟ فقال: قد فعلوها؟ قلت: نعم، قال: أما إني قد سمعت رسول الله صلىالله عليه وآله وسلم يقول: ستكون فتن ، قلت : وما المخرج منها؟ قال : كتاب الله ، كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم ، وحكم ما بينكم. هو الفصل ليس بالهزل ، هو الذي من تركه من جبار قصمه الله ، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله ، فهو حبل الله المتين ، وهو الذكر الحكيم ، وهو الصراط المستقيم ، وهو الذي لا تزيغ به الاهواء ، ولا تلتبس به الالسنة ، ولا يشبع منه العلماء ، ولا يخلق عن كثرة الرد ، ولا تنقضي عجائبه. وهو الذي لم ينته الجن إذ سمعته أن قالوا : إنا سمعنا قرآنا عجبا ، هو الذي من قال به صدق ، ومن حكم به عدل ، ومن عمل به اجر ، ومن دعا إليه هدى إلى صراط مستقيم ، خذها اليك يا أعور.
https://telegram.me/buratha