الدكتور فاضل حسن شريف
ان ذهاب الرجس والتطهير نوع من العصمة "إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا" (الاحزاب 33). وفي موقع المكتبة الشيعية عن هوية التشيع للشيخ الدكتور احمد الوائلي: الكتاب هل اطلعوا على مصادر الفكر الشيعي عندما كتبوا عن الشيعة أم لا، فإن كان الأول فما معنى هذا الخبط وهذه النسب الباطلة، وإن كان الثاني فما هو المبرر لهو للخوض في أمور لم يطلعوا عليها أليس لهم رادع من مقاييس الأدب الإسلامي الذي رسمه الله تعالى بقوله: "وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا" (الاسراء 36)، وفي الوقت ذاته إن المنهج العلمي يأبى عليهم هذه التخرصات ونسبة الأشياء إلى غير مصادرها إذا ففكرة العصمة حتى ولو كانت أدلتها غير ناهضة، فلا يجوز أن تنحى عن مصدرها وتنسب إلى شخصية وهمية خلقها الحقد وافتعلها الهوى. يقول الشيخ عبد الحافظ البغدادي: في قوله تعالى "إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا" (الاسراء 75) النتيجة أنَّ الرّسول صلى الله عليه وآله وسلم بالطبع البشري قد وصل إِلى حافة القبول ببعض وساوس الأعداء، إِلاَّ أن التأييد الإِلهي (العصمة) ثبتهُ وحفظه وأنقذه مِن الانزلاق. هذا التعبير نفسهُ نقرأهُ في سورة يوسف حيث جاءَ البرهان الإِلهي في أدق اللحظات وأخطرها، مع امرأة العزيز: "ولقد هَمَّت بِهِ وَهمَّ لولا أن رأى برهان ربّه" (يوسف 24) في اعتقادنا أنَّ الآيات أعلاه ليست لا تصلح أن تكون دليلا على نفي العصمة بل هي واحدة مِن الآيات التي تدل على العصمة، لأنَّ التثبيت الإِلهي بهذا المستوى شاهداً على عصمة الأنبياء والأئمة عليه السلام. وعن عصمة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كره وهو صبي عبادة الأصنام والأوثان، فلم يعظمها ولم يسجد لها، وما شارك قومه في عيد من أعيادها، ولا ذاق من لحوم قرابينها بل كان ينفر منها، ويبغضها بغضاً شديداً، كان مجبولاً على السجايا الكريمة، والخصال الحميدة،فالخلق الحصين، أصل في طبعه الشريف، نشأ الرسول في قوم وثنيين، انتشرت بينهم الرذيلة فكان ذو مروءة، وخلق وأصدقهم قولاً، وأعظمهم أمانة، وأبعدهم عن الفحش، حتى عرف بالأمانة والصدق. فلما صدع برسالة ربه ودعا قومه إلى التوحيد وهجر الفواحش ما ظهر منها وما بطن، لم يستطع أحد منهم أن يجد في ماضيه عيباً واحداً، مهما صغر يرميه به، وهم الذين عرفوه طويلاً، ما رأوا منه غير عفاف النفس وطهر البدن.
في كتاب موسوعة الامام الخوئي للسيد ابو القاسم الخوئي قدس سره: ولاية الإمام عليهالسلام "وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ" (النساء 59) والتلازم بين هذه الولاية والإطاعة ، واشتراكهما بين النبيّ والأئمة للمشاكلة في الولاية، المسانخة بين النبيّ وبين خلفائه في العلم ، والقدرة على الإعجاز بإذن الله ؛ وذلك تصديقاً للنبوّة ، وتثبيتاً للإمامة ، وشرط العصمة ، باعتبارها القائمة على الرسالة على واقعها ، والمحافظة لها. وفي كتاب الصلاة للسيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر قدس سره: للإمامة في الإسلام عدة معانٍ منها العصمة من الذنوب والعيوب أو ما يسمى بالعصمة الواجبة، وهو ما يتصف به في معتقدنا سائر الأنبياء، مضافاً إلى المعصومين الأربعة عشر، عليهم الصلاة والسلام أجمعين. وكلهم بهذا المعنى يكونون قدوةً لغيرهم في تطبيق العدل على أنفسهم قبل الآخرين. ومنه قوله تعالى على لسان أحدهم: "وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ" (هود 88). وفي كتاب رفع الشبهات عن الانبياء عليهم السلام للسيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر قدس سره: داوود وسليمان عليهما السلام : قال تعالى : "فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ" (الانبياء 79). كيف حصل الخطاء في الحكم عند داوود عليه السلام مع كونه نبيا ً ؟ والجواب لم يحصل خطاء أطلاقا ً بل كلاهما حكم فقهي صحيح . ولكن كلام سليمان كان اصح . وهذا المقدار من الفرق لا ينافي العصمة.
جاء في الموسوعة الإلكترونية لمدرسة أهل البيت عليهم السلام التابعة للمجمع العالمي لأهل البيت عليهم السلام: يمكن تصوّر عصمة الأنبياء في مراحل ومراتب، منها: العصمة من الشرك والكفر، الصّون من الزلل والخطأ في تلقّي الوحي وإبلاغه، والصّون من ارتكاب الذنوب الكبيرة والصغيرة وكذلك ارتكاب الأخطاء في القضايا العادية الشخصية. اتّفق علماء المسلمين في خصوص المرتبة الأولى والثانية. وهم على قناعة بأنّ الأنبياء جميعهم، لا يعتريهم الشرك والكفر أبداً، كان ذلك قبل نبوتهم أو بعدها. كما اتّفق المتكلّمون الشيعة والسنة على أنّ الأنبياء مصونون من التقول والافتراء في تلقّيهم الوحي، ووَعْيه، وإبلاغه إلى الناس، ولا يصدر عنهم شيئاً من ذلك بسهو أو خطأ. وكان القاضي عبد الجبار زعيم المعتزلة من معاصري القرن الخامس الهجري، يرى جواز الكذب سهواً في تبليغ الرسالة الإلهية. واتّفق آراء المتكلمون الشيعة بخصوص المرتبة الثالثة، ويذهبون إلى أنّ الأنبياء ينئون على أنفسهم باقتراف الكبائر والصغائر من الذنوب. وأما إذا كان من الذنوب الصغيرة حيث لا يستخف بها فاعله فجائز وقوعه منهم وذلك قبل النبوة وعلى غير تعمّد وممتنع منهم بعدها. أما المرتبة الرابعة، فقد أقرّ معظم علماء الشيعة بعصمة الأنبياء عن الخطأ في الأحداث العادية، واعتقدوا بأن الأنبياء مصونون عن الخطأ في القول والفعل في أمورهم الفردية والاجتماعية الشخصية، لكن اختلف البعض منهم كالشيخ الكليني والشيخ الصدوق وشيخه ابن الوليد مع هذا الرأي. واستند الشيخ الصدوق برواية ذي الشمالين، وبناء عليها ذهب إلى جواز سهو النبي صلى الله عليه وآله وسلم، واعتبر أنّ من ادّعى عصمة الأنبياء عن السّهو والإسهاء، فهو من الغلاة والمفوضة. وكذا العلامة الطباطبائي كان يعتقد بأن الأمور التي هي خارجة عما ترتبط بالوحي أو فيما لها علاقة بهداية الناس، لا تنطوي تحت مظلة العصمة. ويردف قائلاً أنّ باستثناء النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم الذي فضّله الله على سائر الأنبياء والمرسلين، فهناك آيات في القرآن تدلّ على أن الأنبياء قد وقعوا في السهو والنسيان في شؤونهم الحياتية، فمنها: نسيان النبي آدم عليه السلام لعهده، وطلب النبي نوح عليه السلام من الله لنجاة ابنه العاصي من الغرق، وترك النبي يونس عليه السلام قومه غاضباً عليهم، وعتاب موسى عليه السلام أخيه هارون عليه السلام بعد اتّخاذ بني اسرائيل العجل ءالهة لهم.
https://telegram.me/buratha