الدكتور فاضل حسن شريف
تكملة للحلقات السابقة قال الله تبارك وتعالى عن أتى ومشتقاتها "وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ" ﴿البقرة 23﴾ فأتوا: الفاء حرف واقع في جواب الشرط، أت فعل، وا ضمير، وإن كنتم أيها الكافرون المعاندون في شَكٍّ من القرآن الذي نَزَّلناه على عبدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وتزعمون أنه ليس من عند الله، فهاتوا سورة تماثل سورة من القرآن، واستعينوا بمن تقدرون عليه مِن أعوانكم، إن كنتم صادقين في دعواكم، و "وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۖ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقًا ۙ قَالُوا هَـٰذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ ۖ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا ۖ وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ ۖ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ" ﴿البقرة 25﴾ وأتوا: الواو حرف استئناف، أت فعل، وا ضمير، وأُتوا به: أي جيئوا بالرزق، و "قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ" ﴿البقرة 38﴾ يَأْتِيَنَّكُم: يَأْتِيَ فعل، النون نون التوكيد، كم ضمير، قال الله لهم: اهبطوا من الجنة جميعًا، وسيأتيكم أنتم وذرياتكم المتعاقبة ما فيه هدايتكم إلى الحق، فمن عمل بها فلا خوف عليهم فيما يستقبلونه من أمر الآخرة ولا هم يحزنون على ما فاتهم من أمور الدنيا، و "تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِم بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِن يَأْتُوكُمْ أُسَارَىٰ تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ" ﴿البقرة 85﴾ يَأْتُوكُمْ: يَأْتُ فعل، الواو ضمير، كم ضمير، وأن يأتوكم أسارى في يد الأعداء سعيتم في تحريرهم من الأسر، بدفع الفدية، مع أنه محرم عليكم إخراجهم من ديارهم، و "مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ۗ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" ﴿البقرة 106﴾ ما نبدِّل من آية أو نُزِلها من القلوب والأذهان نأت بأنفع لكم منها، أو نأت بمثلها في التكليف والثواب، ولكلٍ حكمة. ألم تعلم أيها النبي أنت وأمتك أن الله قادر لا يعجزه شيء؟ و "وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ ۖ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" ﴿البقرة 109﴾ تمنى كثير من أهل الكتاب أن يرجعوكم بعد إيمانكم كفارًا كما كنتم من قبلُ تعبدون الأصنام؛ بسبب الحقد الذي امتلأت به نفوسهم من بعد ما تبيَّن لهم صدق نبي الله ورسوله محمد صلى الله عليه وآله وسلم فيما جاء به، فتجاوزوا عمَّا كان منهم من إساءة وخطأ، واصفحوا عن جهلهم، حتى يأتي الله بحكمه فيهم بقتالهم، وسيعاقبهم لسوء أفعالهم، و "وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ ۗ كَذَٰلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّثْلَ قَوْلِهِمْ ۘ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ ۗ قَدْ بَيَّنَّا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴿البقرة 118﴾ تَأْتِينَا: تأتي فعل، نا ضمير، أو تأتينا آية: مما اقترحناه على صدقك، وقال الجهلة من أهل الكتاب وغيرهم لنبي الله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم على سبيل العناد: هلا يكلمنا الله مباشرة ليخبرنا أنك رسوله، أو تأتينا معجزة من الله تدل على صدقك.
تكملة للحلقات السابقة قال الله تبارك وتعالى عن آتى ومشتقاتها و "وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِّنكُمْ وَأَنتُم مُّعْرِضُونَ" ﴿البقرة 83﴾ وَآتُوا: وَ حرف عطف، آتُ فعل، وا ضمير، واذكروا يا بني إسرائيل حين أخَذْنا عليكم عهدًا مؤكدًا: بأن تعبدوا الله وحده لا شريك له، وأن تحسنوا للوالدين، وللأقربين، وللأولاد الذين مات آباؤهم وهم دون بلوغ الحلم، وللمساكين، وأن تقولوا للناس أطيب الكلام، مع أداء الصلاة وإيتاء الزكاة، ثم أَعْرَضْتم ونقضتم العهد إلا قليلا منكم ثبت عليه وأنتم مستمرون في إعراضكم، و "وَإِذًا لَّآتَيْنَاهُم مِّن لَّدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا" ﴿النساء 67﴾، و "فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ ۚ وَمَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا" ﴿النساء 74﴾، و "وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ" ﴿النساء 77﴾، و "لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا" ﴿النساء 114﴾، و "فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ" ﴿النساء 127﴾، و "وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ۚ وَإِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا" ﴿النساء 131﴾، و "إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَـٰئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ ۖ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا" ﴿النساء 146﴾، و "وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ أُولَـٰئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا" ﴿النساء 152﴾.
ورد عن قوله تعالى "وءاتى المال على حبة ذوى القربى واليتامى والمساكين" (البقرة 177) عن العطاء المالي البشري. و يقول الله سبحانه "ولا يحل لكم ان تأخذوا مما اتيتموهن شيئأ" (البقرة 229) عن الصداق وهنا الإتيان مادى ايضا. و يقول سبحانة وتعالى "وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء" (البقرة 271) عن الصدقات. وقوله عز من قائل "وآتوا اليتامى اموالهم" (النساء 2) عن إعطاء اليتامى. و يقول الله سبحانه "واتوا النساء صدقاتهن" (النساء 4) عن المهور. يقول جل جلاله "ولا تؤتوا السفهاء اموالكم التى جعل الله لكم قياما" (النساء 5) عن التعامل مع السفهاء فى العطاء. و "وآتيتم إحداهن قنطارا" (النساء 20) عن المهور. و يقول الله عز وعلا "وآتوا حقة يوم حصادة" (الانعام 141) عن إعطاء الزكاة الوقتية. و قوله عز من قائل "وءات ذا القربى حقه والمسكين وإبن السبيل ولا تبذر تبذيرا" (الاسراء 26) عن حقوق الفقراء. و يقول القرآن "وءاتوهم ما انفقوا ولا جناح عليكم ان تنكحوهن إذا اتيتموهن أجورهن" (الممتحنة 10) عن النفقات والصداق فى الزواج. وقوله تعالى "فإن ارضعن لكم فئاتوهن أجورهن" (الطلاق 6) عن نفقة الرضاعة. و قوله عز وجل "الذى يؤتى مالة يتزكى" (الليل 18) عن العمل الصالح. وهذه الأيات عن العطاء البشرى من البشر إلى البشر كلها تتحدث عن المادة المنقولة من يد إلى يد آخرى. ووردت التعبيرات عن ءاتى تبين العطاء والحقوق مع عدم التبذير وهي امور مالية.
أن كلمة يأتي ايضا بمعنى وصل بشكل مفاجئ "فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا" (مريم 27) واتت وهي عارفة بينما القوم لا يعرفون فاستخدم الفعل جئت كما في قوله تعالى "يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ" (مريم 43)، وفيه أحيانا سرعة "وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا" (الاعراف 143)، بينما أتى في الغالب يكون الفعل بشكل بطيء بدون عجلة "أَتَى أَمْرُ اللّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ " (النحل 41)، و "أَفَلَا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا" (الانبياء 44).
https://telegram.me/buratha