الدكتور فاضل حسن شريف
جاء في كتاب المحكم في اصول الفقه للسيد محمد سعيد الحكيم قدس سره: وما يظهر من غير واحد من المفروغية عن عدم كون الإمامة من الأحكام الوضعية وأنها كالنبوة. كما ترى إذ لا ينبغي التأمل في تبعية الإمامة للجعل بعد قوله تعالى: "قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا" (البقرة 124) وما تضمنته جملة من النصوص من أنها تابعة لجعل الامام ونصبه من قبله تعالى. فإن كانت النبوة كذلك فالالتزام بأنها من الأحكام الوضعية غير عزيز، وإن اعتبر فيها كالإمامة كمال النفس وصفاؤها بمرتبة خاصة، لا أنهما شرطان لأهلية المنصب لا مقولتان له، وإن كانت النبوة تابعة لسبب تكويني فلا وجه لقياس الإمامة عليها. ومنه يظهر ضعف ما ذكره بعض الأعاظم قدس سره من منع كون الولاية والقضاوة من الأحكام الوضعية، مع المفروغية عن عدم كون الوكالة والنيابة منها، بدعوى: أنه لو بني على هذا التعميم لزم عد النبوة والإمامة منها. وأما الرخصة والعزيمة فهما من شؤون الحكم التكليفي، إذ المراد بهما أن سقوط الخطاب بالواجب أو المستحب إن كان مع بقاء مشروعيته فهو رخصة، وإن كان مع ارتفاعها فهو عزيمة ، فيكون مرجع الرخصة إلى ثبوت الحكم الاقتضائي ببعض مراتبه من دون إلزام ، ومرجع العزيمة إلى عدم ثبوته. ولا وجه لعدهما من الأحكام الوضعية.
وعن كتاب المحكم في اصول الفقه للسيد محمد سعيد الحكيم قدس سره: ودعوى: أن البعث الاعتباري يستتبع الانبعاث حين تحققه للتلازم بينهما عرفا ، كملازمة البعث الخارجي للانبعاث حقيقة. ممنوعة ، لان البعث والانبعاث الخارجيين متلازمان تلازم المتضايفين، فيمتنع انفكاك أحدهما عن الاخر عقلا ، أما البعث الاعتباري بالخطاب بالتكليف فهو غير ملازم للانبعاث بمعنى فعلية الإطاعة لا عقلا ولا عرفا، لوضوح تخلفها عنه كثيرا، وإنما يلازم الانبعاث بمعنى إحداث الموضوع للإطاعة بالنحو الصالح للداعوية للعمل، أما نحو العمل المدعو إليه فهو تابع للمأمور به سعة وضيقا ، فمع فرض ظهور إطلاقه في إرادة الطبيعة على سعتها لا وجه لكون البعث سببا لاحداث الداعي نحو خصوص بعض أفراده بالنحو الملازم للبدار. ولذا لا إشكال ظاهرا في عدم اقتضاء الامر بنفسه البدار لو كان الواجب موقتا بوقت واسع بناء على ما هو المعروف من إمكانه مع وضوح إمكان البدار للطبيعة المقيدة بالوقت المذكور كالطبيعة المطلقة. نعم، لو كان المدعى ظهور الصيغة أو نحوها في البعث نحو العمل بنحو البدار كان راجعا لتقييد المأمور به بالفرد السابق. لكن لا طريق لاثبات ذلك، بل المرتكزات تقضي بتمحضها في البعث نحو الطبيعة. فلا مجال لاستفادة الفور من نفس الخطاب. كما لا مجال لاستفادته من الامر بالمسارعة والاستباق في قوله تعالى "فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ" (البقرة 148). بدعوى: أنه ليس المراد من المغفرة والجنة إلا سببهما ومنه فعل الواجبات، التي هي أيضا من الخيرات لاندفاعها: بأن سببية فعل الواجبات للمغفرة والجنة وكونه من الخيرات بناء على أن المراد بها الأخروية ، كما هو الظاهر، وعليه يبتني الاستدلال في رتبة متأخرة عن تعلق الامر بها، فلا يصلح الامر بالمسارعة والاستباق إليها الذي هو متأخر رتبة عن سببيتها وعن صدق عنوان الخيرات عليها لتقييد المأمور به منها شرعا، بنحو يكون عدم المسارعة والاستباق مخرجا لها عن كونها سببا للمغفرة والجنة ومن الخيرات ، لعدم الامر بها بدونهما. مع أنها لو حملت على الالزام المولوي لزم تخصيص الأكثر، لخروج الواجبات الموسعة والمستحبات، مع إباء عمومها ارتكازا عن التخصيص، كما نبه له غير واحد. ودعوى: أن خروجها تخصص لا تخصيص، لاستحالة وجوب المبادرة لما يجوز تركه، فلا يهم كثرته.
جاء في كتاب اصول العقيدة للسيد محمد سعيد الحكيم قدس سره: شمولية نظام الكون ودقته وروعته: ويزيد في تجلي هذه الحقيقة العظيمة ووضوحها هو دقة الصنع وإتقانه، وتناسقه وإحكامه، وروعة الكون وشمولية نظامه، وما فيه من طرف وعجائب، بنحو يبهر العقول ويحيّر الألباب، ويضطر العاقل للبخوع والإذعان، لا بوجود الخالق المدبر فحسب، بل بعظمته وحكمته، وقدرته المطلقة وإحاطته. وابدأ في الملاحظة والتدبّر بالإنسان في تطوره من مبدأ خلقه إلى منتهى حياته، ودقائق جسده، وإدراكه ومنطقه، وعواطفه وانفعالياته، وغرائزه وعقله، ومرضه وشفائه. إلى غير ذلك. ثم توجه في مثل ذلك إلى الحيوان إلى النبات إلى الماء والهواء إلى الأنهار والبحار إلى السهول والجبال إلى الغلاف الجوي إلى الكواكب السابحة في الفضاء إلى ما لا يحصى من آيات مذهلة، وبدائع خلقة مروعة، تخرس ألسنة المعاندين، ولا تدع لقائل مقال. وَفِي كُلّ شَيءٍ لَهُ آيَةٌ * تَدُلُّ عَلى أنهُ واحِدُ. نماذج من العرض القرآني لآيات الله تعالى: قال عزّ من قائل "إنَّ فِي خَلقِ السَّمَاوَاتِ وَالأرضِ وَاختِلاَفِ اللَّيلِ وَالنَّهَارِ وَالفُلكِ الَّتِي تَجرِي فِي البَحرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أنزَلَ الله مِن السَّمَاءِ مِن مَاءٍ فَأحيَا بِهِ الأرضَ بَعدَ مَوتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ المُسَخَّرِ بَينَ السَّمَاءِ وَالأرضِ لآيَاتٍ لِقَومٍ يَعقِلُونَ" (البقرة 164).
جاء في موقع وكالة انباء براثا عن كتاب فاجعة الطَّف للسيد محمد سعيد الحكيم: قراءة تحليلية للدكتور محمد محمود زوين: الكتاب فيقع في أكثر من ستمائة وسبعين صفحة من القطع الوزيري، طبع للمرة الثالثة عام (1431هـ – 2010م) وصدر عن مؤسسة الحكمة للثقافة الإسلامية. ينتظم الكتاب في مقدمة وثلاثة مقاصد وخاتمة توزعت على فصلين فضلًا عن تقديمٍ عرضَ فيه المؤلف منهجه , وستة ملاحق تضمنت خطبًا مهمة وقائمة للمصادر والمراجع زادت على ثلاثمائة وثلاثين عنواناً. لم يرغب السيد الحكيم في أن يبتدئ الكلام عن عنوان الكتاب ومنهجه قبل أن يرسخ في الأذهان ثلاثة أمور: الأول: إن هذه النهضة نادرة و فريدة، في العالم أجمع وقد حظيت بالاهتمام الذي أكسبها المزيد من الفرادة بشكل غير مسبوق ولا ملحوق. الثاني: على الرغم من كل ما تميزت به من الاهتمام فما زالت جوانبها المباركة مدار بحث ودراسة، وذلك لأنها كانت بأمر الله تبارك وتعالى ولها من الأهداف والثمرات والفوائد ما لا يدرك إلا في الوقت المناسب لأنها في علم الله تبارك شأنه "ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء" (البقرة 255). الثالث: إن نهضة الإمام عليه السلام أحدثت تحولًا إيجابيًّا في المجتمع الإسلامي وتفكيره في قضاياه الدينية والدنيوية, وفجرت فيه روح الإسلام المحمدي الحي, ومازالت إلى الآن منهلاَ يرتوي منه الأحرار ومنارًا يستضاء به في ظلمة الطغيان وفكرًا يوظف في كل زمان ومكان لاسترداد الحقوق ونبذ الباطل، وهذا مصداق من مصاديق الخلود.
https://telegram.me/buratha