الدكتور فاضل حسن شريف
أنّ طول القراءة لا يعتبر عذراً للوقف قبل تمام الكلام عندما يكون القارئ قادرا على الاستمرار بنفسه بل ينبغي للقارئ أن يقف حيث يضيق نفسه، ثم يبتدئ من أول الكلام ويصل بعضه ببعض حتّى يقف على موضع يسوغ الوقف عليه. والنحويون يكرهون الوقف الناقص مع إمكان التامّ. لذلك وجود علامة جواز الوقف يجعل القارئ يقدر وقوفه في المكان المناسب ويتحكم على نفسه استنادا إلى ذلك كما في الآيات المباركة التالية من سورة الأنفال "لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ (ج: جواز الوقف) أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ" (الانفال 37)، و "وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ (ج: جواز الوقف) فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ" (الانفال 39)، و "وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلَاكُمْ (ج: جواز الوقف) نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ" (الانفال 40).
تكملة للحلقة السابقة جاء في دار السيدة رقية للقرآن الكريم اعداد عبد الرسول عبائي عن سلسلة دروس في الوقف والابتداء (الدرس الخامس): أقسام الوقف العامة: القسم الثاني: الوقف الاختباري بالباء التحتية الموحدة: وهو أن يأمر الأستاذ تلميذه مثلاً بالوقف على كلمة ليختبره في حكمها من قطع أو وصل أو إثبات أو حذفٍ كما في كلمة ﴿الأَيْدِي﴾ من قوله تعالى: "وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِي الأَيْدِي" (ص 54) فيوقف عليها بالإثبات. أمّا في قوله تعالى: "وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الأَيْدِ" (ص 17) فيوقف عليها بالحذف. أو وقفه على كلمة بالتاء أو بالهاء كما في كلمة "وَامْرَأَتَ" من قوله تعالى: "اِمْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ" (التحريم 10) فيوقف عليها بالتاء المبسوطة. أما في قوله تعالى: "وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ" (النساء 128) فيوقف عليها بالهاء (فمتعلق هذا الوقف، الرسم لبيان المقطوع من الكلمات، والموصول منها، والثابت والمحذوف والمرسوم بالتاء، والمرسوم بالهاء، ليقف على المقطوع بالقطع، والموصول بالوصل، وعلى الثابت رسماً بالإثبات، والمحذوف بالحذف، وليقف بالتاء على بعض الكلمات، وبالهاء على بعضه). وسميّ هذا الوقف اختبارياً (لحصوله إجابة على سؤال ممتحن أو تعليم متعلّم، كيف يقف إذا اضطر إلى الوقف، لأنه قد يضطر إلى الوقف على شيء فلا يدري كيف يقف عليه) ولأنّه ليس محل وقف في العادة. حكمه: هو جواز الوقف (على أن يعود إلى الكلمة التي وقف عليها فيبدأ بها ويصلها بما بعدها إن صلح البدء بها وإلاّ بدأ من كلمة قبلها من الكلمات التي يصحّ البدء به). في سورة الأنفال توجد آيات تحوي جواز الوقف "وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ (ج: جواز الوقف) وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ" (الانفال 47)، و "وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ (ج: جواز الوقف) إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ" (الانفال 58)، و "وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا (ج: جواز الوقف) إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ" (الانفال 59)، و "وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ (ج: جواز الوقف) إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ" (الانفال 61).
والعلامة (ج) فوق نهاية الكلمة يعني جواز الوقف والوصل. ولكن الوقف افضل وخاصة في الايات الطويلة، لاسباب منها تدبر القرآن أي يتفكر القارئ بما قرأ، وتقسيم الآية إلى جمل وعبارات بعد اكتمال المعنى. وتدبر القرآن له مفاهيم منها استنباط الادلة الشرعية، والحلال والحرام، والأمر والنهي، ودرجة الفهم. الايات التالية من سورة الأنفال "وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ (ج: جواز الوقف) هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ" (الانفال 62)، و "وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ (ج: جواز الوقف) لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ (ج: جواز الوقف) إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ" (الانفال 63)، و "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ (ج: جواز الوقف) إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ (ج: جواز الوقف) وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ" (الانفال 65)، و "فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا (ج: جواز الوقف) وَاتَّقُوا اللَّهَ (ج: جواز الوقف) إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ" (الانفال 69)، و "وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ (ج: جواز الوقف) إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ" (الانفال 73).
https://telegram.me/buratha