الدكتور فاضل حسن شريف
جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله تعالى "وَ لا تَذَرُنَّ وَدًّا وَ لا سُواعاً وَ لا يَغُوثَ وَ يَعُوقَ وَ نَسْراً" (نوح 23) و يستفاد من القرائن أنّ لهذه الأصنام الخمسة مميزات و خصائص، و أنّها لقيت عناية بالغة من القوم الظالمين، و لهذا كان رؤسائهم المستغلون لهم يعتمدون على عبادتهم لها. و هناك روايات متعددة تشير إلى وجود و ابتداع هذه الأصنام، و هي: 1- قال البعض: إنّها أسماء خمسة من الصالحين كانوا قبل نوح عليه السّلام و عند ما رحلوا من الدنيا اتّخذوا لهم تماثيل لتبقى ذكرى، و ذلك بتحريك و إيحاء من إبليس، فوقّروها حتى عبدت تدريجيا بمرّ العصور. 2- قيل أنّها أسماء خمسة أولاد لآدم عليه السّلام كان كلّما يموت أحدهم يضعون له تمثالا و ذلك لتخليد ذكراه، و بمرور الزمن نسي ذلك الغرض و أخذوا يروجون عبادتها بكثرة في زمن نوح عليه السّلام. 3- البعض الآخر يعتقد أنّها أسماء لأصنام في زمن نوح عليه السّلام، و ذلك لأنّ نوحا عليه السّلام كان يمنع الناس من الطواف حول قبر آدم عليه السّلام فاتخذوا مكانه تماثيل بإيعاز من إبليس و شغلوا بعبادتها. و هكذا انتقلت هذه الأصنام الخمسة إلى الجاهلية العربية، و انتخبت كل قبيلة واحدة من هذه الأصنام لها، و من المستبعد أن تكون الأصنام قد انتقلت إليهم، بل إنّ الظاهر هو انتقال الأسماء إليهم ثمّ صنعهم التماثيل لها، و لكن بعض المفسّرين نقلوا عن اين عباس أنّ هذه الأصنام الخمسة قد دفنت في طوفان نوح عليه السّلام، ثمّ أخرجها الشيطان في عهد الجاهلية و دعا الناس إلى عبادتها. و في كيفية تقسيم هذه الأصنام على القبائل العربية في الجاهلية، قال البعض: إنّ الصنم (ود) قد اتّخذته قبيلة بني كلب في أراضي دومة الجندل، و هي مدينة قريبة من تبوك تدعي اليوم بالجوف، و اتّخذت قبيلة هديل (سواعا) و كانت في بقاع رهاط، و اتّخذت قبيلة بني قطيف أو قبيلة بني مذحج (يغوث)، و أمّا همدان فاتّخذت (يعوق)، و اتّخذت قبيلة ذي الكلاع (نسرا)، و هي قبائل حمير. و على كل حال، فإنّ ثلاثة منها أي (يغوث و يعوق و نسر) و كانت في اليمن و لكنّها اندثرت عند ما سيطر ذو نؤاس على اليمن، و اعتنق أهلها اليهودية. يقول المؤرخ الشهير الواقدي: كان الصنم (ود) على صورة رجل، و (سواع) على صورة امرأة و (يغوث) على صورة أسد و (يعوق) على صورة فرس و (نسر) على صورة نسر (الطائر المعروف). و بالطبع أنّ هناك أصنام أخرى كانت لعرب الجاهلية، منها هبل الذي كان من أكبر أصنامها التي وضعوها داخل الكعبة، و كان طوله 18 ذراعا، و الصنم (أساف) المقابل للحجر الأسود، و الصنم (نائلة) الذي كان مقابل الركن اليماني (الزاوية الجنوبية للكعبة) و كذلك كانت (اللات) و (العزى). ثمّ يضيف عن لسان نوح عليه السّلام: "وَ قَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً وَ لا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلالًا" (النوح 24) المراد من زيادة الضلال للظالمين هو الدعاء بسلب التوفيق الإلهي منهم: ليكون سببا في تعاستهم، أو أنّه دعاء منه أن يجازيهم اللّه بكفرهم و ظلمهم و يسلبهم نور الإيمان، و لتحلّ محله ظلمة الكفر.
عن كتاب اصول العقيدة للسيد محمد سعيد الحكيم قدس سره: وفي جميع ما تقدم بلاغ وكفاية في الاستدلال على التوحيد وإثباته لا يبقى معه مجال لتوقف العاقل المنصف فيه، فضلاً عن إنكاره له. بقي في المقام أمران: الأول: أن ما سبق إنما هو نفي الشريك المستقل عن الله عز وجل والمستغني بوجوده عنه. وهناك بعض الأديان التي تبتني على وجود الشريك له تعالى من خلقه، سواءً كان عاقل، كما قد يدعى في عيسى عليه السلام، أم صامت، كالأصنام وعجل السامري في بني إسرائيل. وهي واضحة البطلان، بل السخف، إذ لا معنى لأن يخلق الله سبحانه من يشاركه في ملكه، أو يساويه في حقه على عبيده، بحيث يستحق أن يعبد معه، قال الله تعالى: "ضَرَبَ لَكُم مَثَلاً مِن أنفُسِكُم هَل لَكُم مِن مَا مَلَكَت أيمَانُكُم مِن شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقنَاكُم فَأنتُم فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُم كَخِيفَتِكُم أنفُسَكُم كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَومٍ يَعقِلُونَ" (الروم 28).
جاء في کتاب الميزان في تفسير القرآن للعلامة الطباطبائي: ذكروا أن أول من وضع الاصنام على الكعبة ودعي الناس إليها عمرو بن لحى وكان في زمان سابور ذي الاكتاف ساد قومه بمكة واستولى على سدانة البيت ثم سافر إلى مدينة البلقاء بأرض الشام فرأى قوماً يعبدون الأصنام فسألهم عنها فقالوا هذه أرباب اتخذناها على شكل الهياكل العلوية والاشخاص البشرية نستنصر بها فننصر ، ونستمطر بها فنمطر بطلب منهم صنما من أصنامهم فدفعوا إليه هبل فرجع إلى مكة ووضعه على الكعبة ودعا الناس إلى عبادتها ، وكان معه إساف ونائلة على شكل زوجين فدعا الناس إليهما والتقرب إلى الله بهما ذكره في الملل والنحل وغيره. ومن عجيب الأمر أن القرآن يذكر أسماء من أصنام العرب في قصة نوح وشكواه من قومه قال تعالى حكاية عنه "وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلَا سُوَاعاً وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً" (نوح 23).
عن مركز الاشعاع الاسلامي للدراسات والبحوث الاسلامية للشيخ صالح الكرباسي: ما معنى كرم الله وجهه؟ جملة " كَرَّمَ الله وجهه " التي يتداول ذكرها كلما ذُكر الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام هي في الحقيقة تبيين لكرامة ثابتة لدى المسلمين جميعاً للإمام علي عليه السلام دون غيره من صحابة الرسول المصطفى صلى الله عليه و آله، و هذه الجملة إشارة الى منقبة متميِّزة، و هي مبادرته الى الاسلام قبل بلوغه سن التكليف و عدم سجوده لصنم قط ، فهي كرامة إلهية خصَّه الله عز و جل بها. قال العلامة الحسن بن أبي الحسن الديلمي و هو من علماء القرن الثامن الهجري في كتابه المسمى ـ ارشاد القلوب: و من فضائله عليه السلام أنه نشأ و رُبِّيَ في الإيمان و لم يدنس بدنس الجاهلية بخلاف غيره من سائر الصحابة، فإن المسلمين أجمعوا على أنه عليه السلام ما أشرك بالله طرفة عين ، و لم يسجد لصنم قط، بل هو الذي كسر الأصنام لما صعد على كتف النبي صلى الله عليه و آله. و ذكر محمد بن شهر آشوب المازندراني المولود سنة: 489، و المتوفى بحلب سنة: 588 هجرية في كتابه المعروف مناقب آل أبي طالب عليه السلام (وَ وَجَدْنَا الْعَامَّةَ إِذَا ذَكَرُوا عَلِيّاً فِي كُتُبِهِمْ أَوْ أَجْرَوْا ذِكْرَهُ عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ قَالُوا: كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ، يَعْنُونَ بِذَلِكَ عَنْ عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ.
https://telegram.me/buratha