الدكتور فاضل حسن شريف
تكملة للحلقات السابقة قال الله تعالى عن مصير ومشتقاتها "خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ ۖ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ" ﴿التغابن 3﴾، و "وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَـٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ" ﴿التغابن 10﴾، و "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ ۚ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ" ﴿التحريم 9﴾، و "وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ" ﴿الملك 6﴾ الْمَصِيرُ: الْ اداة تعريف، مَصِيرُ اسم، وللكافرين بخالقهم عذاب جهنم، وساء المرجع لهم جهنم.
قال ابن جرير الطبري: (أصل الجزاء في كلام العرب: القضاء والتعويض، يُقال: جزيته قرضَه ودَينه أجزيه جزاءً، بمعنى: قضيته دَينه، ومن ذلك قيل: جزى الله فلانًا عني خيرًا أو شرًّا؛ بمعنى: أثابه عني، وقضاه عني ما لزمني له بفعله الذي سلف منه إليَّ).
تكملة للحلقة السابقة جاء في شبكة المعارف الاسلامية الثقافية عن هل من العدل إخلاد المعاندين في النار؟ للشهيد مطهري: يقول الله تبارك وتعالى عن أهل النّار مشيرًا إلى أنّ عذابهم ناتجٌ من رجز أعمالهم الخبيثة: "أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِّن رِّجْزٍ أَلِيمٌ" (سبأ 5). أنواع الجزاء: حديثنا المتقدّم عن موضوعيّ الفروق بين عالمي الدّنيا والآخرة والتّرابط فيما بينهما هو بمثابة مقدّمة لفهم البحث الآتي بشأن أنواع الجزاء، وفيه سنثبت وجود فرق بين نمط العقوبات الأخرويّة ونمط العقوبات الدّنيويّة، ومعرفة هذا الفرق ضروريّة للإجابة عن الاعتراض السّالف القائل بعدم مناسبة العقوبات الأخرويّة للذّنوب والمعاصي. أنّ ما يُعطى في الآخرة للمحسنين والمسيئين من ثواب وعقاب هو تجسّم لأعمالهم ذاتها. قال الله تبارك وتعالى: "يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدً" (ال عمران 30)، "وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدً" (الكهف 49)، "يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ * فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ" (الزلزلة 6-8) فكلّ ما يلقاه الإنسان في عالم الآخرة من نعيم الجنّة أو عذاب الجّحيم هو ما أحضره بنفسه وأعدّه لها. إذاً، فالجزاء الأخرويّ هو تجسّم الأعمال ذاتها، وعندما تزول الحجب تتجسّم الأعمال الصّالحة نفسها وتتمثّل بصور النّعيم فيما تتجسّم وتتمثّل الأعمال السيّئة بأشكال العذاب.
جاء في شبكة رافد عن الخالدون في النار للشيخ جعفر السبحاني: أدلة القائلين بالخلود: استدلت المعتزلة وغيرهم من القائلين بخلود مرتكبي الكبيرة في النار ، بآيات وردت في حقّ طوائف مختلفة كلّهم محكومون بالخلود ويجمعهم اشتراكهم في اقتراف المعاصي الكبيرة ، وتلك الطوائف يربو عددها علىٰ 16 طائفة نسرد أسماءها والآيات الواردة في حقّها علىٰ وجه موجز ثمّ يتبعه التفصيل ، وهؤلاء هم: 1. الكفار. 2. المشركون (النحل 29)، (الأحزاب 64 ـ 65)، (الزمر 71 ـ 72)، (غافر 76)، (التغابن 10)، (البينة 6) وآيات أُخرى. 3. المنافقون (التوبة 68)، (المجادلة 17). 4. المرتدون (آل عمران 86 ـ 88). 5. المكذبون بآيات الله (الأعراف 36). 6. أعداء الله ورسوله صلّى الله عليه وآله وسلم (التوبة 63). 7. العصاة والمتمردون عن أمر الله ورسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم (الجن 22 ـ 23). 8. الظالمون (يونس 52 ، (الأنعام 128ـ 129). 9. الأشقياء (هود 106ـ 107). 10. المجرمون (الزخرف 74ـ 75) (السجدة 12ـ 14). 11. المتوغلون في الخطايا (البقرة 81). 12. المرتكبون للقبائح (الفرقان 68ـ 69). 13. المعرضون عن القرآن (طه 100ـ 101). 14. المطففون في الميزان (المؤمنون 103ـ 104). 15. الآكلون للربا (البقرة 275 ). 16. قاتلو المؤمنين (النساء 93)، (الفرقان 68). هذه هي العناوين التي حكم الذكر الحكيم بخلود أصحابها في النار ، ولكن عند إمعان الدقة والنظر في الآيات والقرائن المحفوفة بها ، نقف على أنّ المخلّدين في النار هم الذين ينطبق عليهم أحد العناوين الأربعة الأُولىٰ ، أعني : الكافرين والمشركين والمنافقين والمرتدين ، وأمّا أصحاب سائر العناوين فلا يخرجون عن هذا الإطار.
https://telegram.me/buratha