الصفحة الإسلامية

مفردات الشهادة في القرآن الكريم (في سبيل الله) (ح 2)


الدكتور فاضل حسن شريف

تكملة الحلقة الاولى جاء في تفسير الميسر: قال الله تعلى عن القتل والجهاد في سبيل الله "قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا ۖ فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَىٰ كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ ۚ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاءُ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَعِبْرَةً لِّأُولِي الْأَبْصَارِ" ﴿آل عمران 13﴾ سبيل اسم، الله اسم علم، قد كان لكم أيها اليهود المتكبرون المعاندون دلالة عظيمة في جماعتين تقابلتا في معركة "بَدْر": جماعة تقاتل من أجل دين الله، وهم محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وجماعة أخرى كافرة بالله، تقاتل من أجل الباطل، ترى المؤمنين في العدد مثليهم رأي العين، وقد جعل الله ذلك سببًا لنصر المسلمين عليهم. والله يؤيِّد بنصره من يشاء من عباده. إن في هذا الذي حدث لَعِظة عظيمة لأصحاب البصائر الذين يهتدون إلى حكم الله وأفعاله. قال الله جل جلاله "وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ" ﴿آل عمران 146﴾ كثير من الأنبياء السابقين قاتل معهم جموع كثيرة من أصحابهم، فما ضعفوا لِمَا نزل بهم من جروح أو قتل؛ لأن ذلك في سبيل ربهم، وما عَجَزوا، ولا خضعوا لعدوهم، إنما صبروا على ما أصابهم. والله يحب الصابرين. قال الله سبحانه "وَلَئِن قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ" ﴿آل عمران 157﴾ ولئن قُتِلتم أيها المؤمنون وأنتم تجاهدون في سبيل الله أو متم في أثناء القتال، ليغفرن الله لكم ذنوبكم، وليرحمنكم رحمة من عنده، فتفوزون بجنات النعيم، وذلك خير من الدنيا وما يجمعه أهلها. قال الله عزت قدرته "وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا ۚ وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا ۖ قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَّاتَّبَعْنَاكُمْ ۗ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ ۚ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ ۗ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ" ﴿آل عمران 167﴾ وليعلم المنافقين الذين كشف الله ما في قلوبهم حين قال المؤمنون لهم: تعالوا قاتلوا معنا في سبيل الله، أو كونوا عونًا لنا بتكثيركم سوادنا، فقالوا: لو نعلم أنكم تقاتلون أحدًا لكنا معكم عليهم، هم للكفر في هذا اليوم أقرب منهم للإيمان؛ لأنهم يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم. والله أعلم بما يُخفون في صدورهم. قال الله عز اسمه "وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ" ﴿آل عمران 169﴾ ولا تظنَّنَّ أيها النبي أن الذين قتلوا في سبيل الله أموات لا يُحِسُّون شيئًا، بل هم أحياء حياة برزخية في جوار ربهم الذي جاهدوا من أجله، وماتوا في سبيله، يجري عليهم رزقهم في الجنة، ويُنعَّمون.

جاء في تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله: "وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ" (البقرة 244): الاتصال البين بين الآيات أعني الارتباط الظاهر بين فرض القتال، والترغيب في القرض الحسن، والمعنى المحصل من قصة طالوت وداود وجالوت يعطي أن هذه الآيات نزلت دفعة واحدة، والمراد بيان ما للقتال من شئون الحياة، والروح الذي به تقدم الأمة في حياتهم الدينية، والدنيوية، وسعادتهم الحقيقية، يبين سبحانه فيها فرض الجهاد، ويدعو إلى الإنفاق والبذل في تجهيز المؤمنين وتهيئة العدة والقوة، وسماه إقراضا لله لكونه في سبيله، مع ما فيه من كمال الاسترسال والإيذان بالقرب، ثم يقص قصة طالوت وجالوت وداود ليعتبر بها هؤلاء المؤمنون المأمورون بالقتال مع أعداء الدين ويعلموا أن الحكومة والغلبة للإيمان والتقوى وإن قل حاملوهما، والخزي والفناء للنفاق والفسق وإن كثر جمعهما، فإن بني إسرائيل، وهم أصحاب القصة، كانوا أذلاء مخزيين ما داموا على الخمود والكسل والتواني، فلما قاموا لله وقاتلوا في سبيل الله واستظهروا بكلمة الحق وإن كان الصادق منهم في قوله القليل منهم، وتولى أكثرهم عند إنجاز القتال أولا، وبالاعتراض على طالوت ثانيا، وبالشرب من النهر ثالثا، وبقولهم: لا طاقة لنا بجالوت وجنوده رابعا، نصرهم الله تعالى على عدوهم فهزموهم بإذن الله وقتل داود جالوت واستقر الملك فيهم، وعادت الحياة إليهم، ورجع إليهم سؤددهم وقوتهم، ولم يكن ذلك كله إلا لكلمة أجراها الإيمان والتقوى على لسانهم لما برزوا لجالوت وجنوده، وهي قولهم: "ربنا أفرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين"، فكذلك ينبغي للمؤمنين أن يسيروا بسيرة الصالحين من الماضين، فهم الأعلون إن كانوا مؤمنين. قوله تعالى: "وقاتلوا في سبيل الله" الآية، فرض وإيجاب للجهاد، وقد قيده تعالى هاهنا وسائر المواضع من كلامه بكونه في سبيل الله لئلا يسبق إلى الوهم ولا يستقر في الخيال أن هذه الوظيفة الدينية المهمة لإيجاد السلطة الدنيوية الجافة، وتوسعة المملكة الصورية، كما تخيله الباحثون اليوم في التقدم الإسلامي من الاجتماعيين وغيرهم، بل هو لتوسعة سلطة الدين التي فيها صلاح الناس في دنياهم وآخرتهم. وفي قوله تعالى: "واعلموا أن الله سميع عليم"، تحذير للمؤمنين في سيرهم هذا السير أن لا يخالفوا بالقول إذا أمر الله ورسوله بشيء، ولا يضمروا نفاقا كما كان ذلك من بني إسرائيل حيث تكلموا في أمر طالوت فقالوا: "أنى يكون له الملك علينا" "إلخ"، وحيث قالوا: "لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده"، وحيث فشلوا وتولوا لما كتب عليهم القتال وحيث شربوا من النهر بعد ما نهاهم طالوت عن شربه.

جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله تعالى "إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ" (التوبة 111) ولما كانت كل معاملة تتكون في الحقيقة من خمسة أركان أساسية، وهي عبارة عن: المشتري، والبائع، والمتاع، والثمن، وسند المعاملة أو وثيقتها، فقد أشار اللّه سبحانه إلى كل هذه الأركان، فجعل نفسه مشتريا، والمؤمنين بائعين، وأموالهم وأنفسهم متاعا وبضاعة، والجنّة ثمنا لهذه المعاملة. غاية ما في الأمر أنّه بيّن طريقة تسليم البضاعة بتعبير لطيف، فقال: "يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ ويُقْتَلُونَ"‏ وفي الواقع فإنّ يد اللّه سبحانه حاضرة في ميدان الجهاد لتقبل هذه البضاعة، سواء كانت روحا أم مالا يبذل في أمر الجهاد. ثمّ يشير بعد ذلك إلى سند المعاملة الثابت، والذي يشكل الركن الخامس فيها، فقال: "وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ والْإِنْجِيلِ والْقُرْآنِ"‏. إذا أمعنا النظر في قوله: فِي سَبِيلِ اللَّهِ‏ يتّضح جليا أنّ اللّه تعالى يشتري الأرواح والجهود والمساعي التي تبذل وتصرف في سبيله، أي سبيل إحقاق الحق والعدالة، والحريّة والخلاص لجميع البشر من قبضة الكفر والظلم والفساد. ثم، ومن أجل التأكيد على هذه المعاملة، تضيف الآية: "ومَنْ أَوْفى‏ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ‏" أي أنّ ثمن هذه المعاملة وإن كان مؤجلا، إلّا أنّه مضمون، ولا وجود لأخطار النسيئة، لأنّ اللّه تعالى لقدرته واستغنائه عن الجميع أوفى من الكل بعهده، فلا هو ينسى، ولا يعجز عن الأداء، ولا يفعل ما يخالف الحكمة ليندم عليه ويرجع عنه، ولا يخلف وعده والعياذ باللّه، وعلى هذا فلا يبقى أي مجال للشك في وفائه بعهده، وأدائه الثمن في رأس الموعد المقرر. والأروع من كل شي‏ء أنّه تعالى قد بارك للطرف المقابل صفقته، ويتمنى لهم أن تكون صفقة وفيرة الربح، تماما كما هو المتعارف بين التجار، فيقول عزّ وجلّ: "فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ وذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ‏". وقد جاء نظير هذا المبحث بعبارات أخرى، ففي الآيتين من سورة الصف يقول اللّه عزّ وجلّ: "يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى‏ تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ورَسُولِهِ وتُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِكُمْ وأَنْفُسِكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ويُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ومَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ" (الصف 10-11). إنّ الإنسان ليقع في حيرة هنا من كل هذا اللطف والرحمة الإلهية، فإنّ اللّه المالك لكل عالم الوجود، والحاكم المطلق على جميع عالم الخلقة، وكل ما يملكه أيّ موجود فإنما هو من فيضه ومنحته، يبدو في مقام المشتري لنفس هذه المواهب التي وهبها لعباده، ويشتري ما أعطاه بمئات الأضعاف. والأعجب من ذلك، أنّ الجهاد الذي هو السبب في عزّة الإنسان وافتخار الامّة، وثمراته تعود في النهاية عليها، قد اعتبر دفعا وتسليما لهذه البضاعة. ومع أنّ المتعارف أنّ الثمن يجب أن يعادل المثمن أو البضاعة، إلّا أن هذا التعادل لم يلاحظ في هذه المعاملة، وجعلت السعادة الأبدية في مقابل بضاعة متزلزلة يمكن أن تفنى في أية لحظة، (سواء كان على فراش المرض أو ساحة القتال). والأهم من هذا أنّ اللّه سبحانه وتعالى مع أنّه أصدق الصادقين، ولا يحتاج إلى سند وضمان، فإنّه تعهد بأهم الوثائق والضمانات أمام عبيده. وفي نهاية هذه المعاملة العظيمة، والصفقة الكبيرة، فإنّه قد بارك لهم وبشّرهم، فهل تتصور رحمة ومحبّة أعلى من هذه؟ وهل يوجد معاملة أكثر ربحا من هذه؟ ولهذا ورد في حديث عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري‏ أنّه لما نزلت هذه الآية كان النّبي صلى اللّه عليه وآله وسلّم في المسجد، فتلا هذه الآية بصوت عال، فكبر الناس، فتقدم رجل من الأنصار وسأل رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلّم: يا رسول اللّه، أنزلت هذه الآية ؟ فقال النّبي صلى اللّه عليه وآله وسلّم: «نعم». فقال الأنصاري: بيع ربيح لا نقيل ولا نستقيل‏

تكملة الحلقة السابقة جاء في شبكة المعارف الاسلامية الثقافية عن الشهيد في الإسلام: ثالثاً: لماذا هذه المكانة للشهيد؟ الدليل واضح: كلّ المجموعات التي أسدت خدمات إلى البشرية مدينة للشهداء، لكن الشهداء قلما كانوا مدينين لهذه المجموعات. العالم في علمه، والفيلسوف في فلسفته، والمخترع في اختراعه، ومعلّم الأخلاق في تعاليمه، محتاجون إلى أجواء حرة مساعدة كي يقدّموا خدماتهم. والشهيد بتضحياته يوفر هذه الأجواء. الشهيد كالشمعة التي تحترق وتفنى لتضيء الطريق للآخرين. الشهداء شموع البشرية على طريقها اللاحب الطويل. ولولا هذه الشموع لما استطاعت المسيرة البشرية أن تواصل طريقها، ولما استطاع أبناء البشر في ظلمات الاستعباد والاستبداد أن يمارسوا نشاطاتهم ويقدموا خدماتهم إلى الإنسانية. والله سبحانه يخاطب نبيّه الكريم قائلاً: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرً" (الاحزاب 45-46). و(السراج المنير) مفهوم يدلّ على الإضاءة، وينطوي على معنى الاحتراق وإزالة دياجير الظلام. أحكام الإسلام تقوم كلّها على أساس الحكمة والمصلحة، وجميعها لها دلالاتها الخاصّة، ودلالاتها الاجتماعية خاصّة. ومن هذه الأحكام ما يتعلّق بالميت من غسل وتكفين وصلاة ودفن. وكلّها ذات معان خاصّة لسنا بصدد الحديث عنها. إلّا أن أحكام الميت هذه، لها استثناء، وهذا الاستثناء يختص بجسد الشهيد. فأحكام الميت لا تطبّق على جسد الشهيد سوى الصلاة والدفن. أمَّا الغسل والتكفين، فلا، فالشهيد يدفن بدمه وملابسه. وهذا الاستثناء له مغزاه العميق، إنّه يرمز إلى أنّ روح الشهيد بلغت درجةً من السمو والطَّهارة بحيث ترك هذا السمو والطّهر آثاره على جسد الشهيد وعلى دمه، بل وحتّى على ما يرتديه من لباس. بدن الشهيد "جسد متروّح" إن صحّ التعبير، أي أضحى وجوداً تجري عليه أحكام الروح. ولباسه أضحى "لباساً متجسداً" أي تجري عليه أحكام الجسد الذي يضمّ تلك الروح الطاهرة. فجسد الشهيد ولباسه اكتسبا الشرف من طهر روحه وعلوّ فكره وسموّ تضحيته، وتلك دلالة أخرى على قداسة الشهيد في المفهوم الإسلامي. رابعاً: منشأ القدسية في الشهادة: ما هو مبعث القدسية في "الشهادة"؟ من الواضح أن هذه القدسية لا تأتي من كونها مقرونة بالقتل. فكثير من حوادث القتل لا يعدو أن تكون هلاك إنسان، وربما اقترن أحياناً بالعار بدلاً من الفخار. لنوضح هذه المسألة أكثر. موت الأشخاص ذو أنواع وأقسام: 1- الموت الطبيعيّ: الإنسان يموت بشكل طبيعي بعد أن يقضي عمره الطبيعي، ومثل هذا الموت لا ينطوي على عار ولا فخار، ولا يستتبعه عادة أسفٌ عميقٌ. 2- الموت الاخترامي: وهو ما يحدث على أثر انتشار الأمراض الفتّاكة والأوبئة أو وقوع الزلازل والسيول ونظائرها من السوانح الطبيعية. هذا النّوع من الموت لا يتضمن عاراً ولا فخاراً أيضاً، لكنّه يقترن بالأسف عادة، لأنّه يؤدِّي إلى إتلاف الأفراد. 3- الموت المصحوب بعمل جنائي: حيث المقتول بريء، والقاتل ينقضُّ على فريسته إرضاءً لهواه وقضاء على من يتصوّر أنّه يزاحمه في مصالحه الشخصية. مثل أنواع هذا القتل نقرأ أخباره باستمرار في أعمدة الصحف وفي صفحات التاريخ. فهذا رجلٌ قتل صاحبَهُ لمنافسةٍ بينهما على مالٍ أو متاعٍ. وهذه امرأةٌ قتلت طفل زوجها كي تستأثر وحدها بحب الزوج. وذاك الوالي أعمل السيف في رقاب أبناء والٍ آخر تجنباً لمنافستهم إيّاه في المستقبل. وعلى مسرح مثل هذه الحوادث جانبان، جانب يقف فيه القاتل ويداه ملطختان بدم الجناية، وعيناه يتطير منهما الخبث والشرر ومنظره يثير النفرة والاحتقار، وجانب آخر يظهر فيه المقتول صريعاً مظلوماً، مهدور الدم، يثير تجاهه عواطف الأسف والترحم. ومن الواضح، أن هذا النوع من الموت مع ما يتضمنه من أسف وترحم على القتل لا يقترن بالإعجاب والافتخار، لأنّ المقتول لم يكن له دور في العملية، بل إنّ عوامل الحسد والعداء والحقارة هي التي أردت هذا الإنسان قتيلاً. 4- الاستشهاد: وهو الموت الذي يتجه نحوه القتيل تحقيقاً لهدف مقدس إنساني، أو "في سبيل الله"، على حدّ التعبير القرآني، مع ما يحتمله أو يظنه أو يعلمه من أخطار في طريقه.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك