الدكتور فاضل حسن شريف
جاء في كتاب معارف الصحيفة السجادية للمؤلف علاء الحسون عن سرعة استجابة الدعاء: إن للمؤمنين الأبرار ولأهل الخصوصية والعلاقة الوثيقة مع الله مكانه خاصة بحيث لا يواجه الله دعاء هؤلاء بالردّ وعدم الاستجابة (يا من لا يجبه بالرد أهل الدالة عليه). وعد الله المضطرين بإجابة دعائهم، وقال تعالى: "أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ" (النمل 62) (وعرّفني ما وعدت من إجابة المضطرين). لا يخيّب الله تعالى طلب الملحّين عليه (يا من لا يخيّب الملحّين عليه).
يقول الشيخ علاء الحسون في كتابه: من آثار ذكرنا لله تعالى: ذكر الله شرف للذاكرين، لأنّ الذكر يذكره الله، وقد قال تعالى: "فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ" (البقرة 52)، وبها تعلو منزلة الشاكر وينال الشرف والرفعة. ولهذا علينا أن نشغل قلوبنا بذكر إلهي لا يزاحمه ذكر شيء من الأمور الدنيوية (يا من ذكره شرف للذاكرين) (اشغل قلوبنا بذكرك عن كلّ ذكر). وعن الأرزاق بيد الله: إنّ الأرزاق بيد الله تعالى، والله تعالى هو الوحيد القادر على أن يغنينا ويوسّع في أرزاقنا، وهو الجهة الوحيدة التي تستحق أن نمدّ إليها يدّ العون والمساعدة لطلب المزيد من الرزق (أغنني وأوسع عليّ في رزقك). ضمن الله تعالى أرزاقنا بما فيه الكفاية بحيث لا نحتاج إلى غيره تعالى، وقال تعالى: "وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ" (الذاريات 22)، ثُمّ قال: "فَوَرَبِّ السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ" (الذاريات 23). وينبغي أن نلفت دائماً إلى هذا الضمان الإلهي لئلا يكون كلّ همّنا في طلب الرزق والمعاش الذي تكفّل الله به (ورزقتني في أموري كلّها الكفاية) (اجعل ما صرحت به من عدّتك في وحيك وأتبعته من قسمك في كتابك قاطعاً لاهتمامنا بالرزق الذي تكفّلت به، وحسماً للاشتغال بما ضمنت الكافية له،فقلت، وقولك الحقّ الأصدق، وأقسمت وقسمك الأبر الأوفى: "وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ" (الذاريات 22)، ثُمّ قلت: "فَوَرَبِّ السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ" (الذاريات 23)). جعل الله تعالى لكلّ مخلوق رزقاً مقسوماً وسهماً وحصة ونصيباً من نعمه عزّ وجلّ (أنت الذي جعلت لكلّ مخلوق في نعمك سهماً).
وعن اسباب هذا التمييز والاصطفاء والفضل لشهر رمضان يقول الشيخ الحسون في كتابه معارف الصحيفة السجادية: أنزل الله فيه القرآن، وضاعف فيه الإيمان، وفرض فيه الصيام، وجعل فيه ليلة القدر التي هي خير من الف شهر (اللّهم وأنت جعلت من صفايا (أي: مختارات) تلك الوظائف وخصائص تلك الفروض شهر رمضان الذي اختصصته من سائر الشهور، وتخيّرته من جميع الأزمنة الدهور وآثرته على كلّ أوقات السنة بما أنزلت فيه من القرآن والنور، وضاعفت فيه من الإيمان، وفرضت فيه من الصيام ورغبت فيه من القيام واجللت فيه من ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر). أنزل الله فيه القرآن هدى للناس وبيّنات من الهدى والفرقان (شهر القيام "الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَات مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ" (البقرة 185)).
وعن سمات التابعين الأخيار يقول مؤلف كتاب معارف الصحيفة السجادية علاء الحسون: لم تعتريهم شبهة حول سمو مقام الصحابة الأبرار وصحّة اعتقادهم. ساروا على طريقة الصحابة الأبرار ومنهاجهم واتّبعوا مسلكهم ومذهبهم وقصدوا الناحية التي قصدها أولئك، ولم يشكّوا في اتّباع خطاهم ومسيرتهم والاقتداء بهم والاهتداء بهديهم. بذلوا غاية وسعهم وجهدهم لدعم وتثبيت ما كان عليه الصحابة الأبرار. شعار التابعين قوله تعالى: "رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ" (الحشر 10) (اللّهم وأوصل إلى التابعين لهم بإحسان الذين يقولون: "رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ" (الحشر 10) خير جزائك، الذين قصدوا سمتهم، وتحرّوا وجهتهم، ومضوا على شاكلتهم لم يثنهم ريب في بصيرتهم، ولم يختلجهم شك في قفوا آثارهم والائتمام بهداية منارهم مكانفين (أي: معاونين) وموازين لهم، يدينون بدينهم ويهتدون بهديهم، يتفقون عليهم، ولا يتهمونهم فيما أدّوا إليهم).
https://telegram.me/buratha