ينظر المحللون بحذر إلى "ثالث مؤتمر استثماري" مرتقب، يسعى العراق من خلاله الى كسر الركود الاقتصادي الذي يعاني منه، ومحاولة الحصول على إمدادات مالية تساعده في خطط إعادة بناء البلد الذي حطمته الحرب والنزاعات، والتي تقدر كلفتها الأولية بنحو 400 مليار دولار. ويرى المحللون أن تزامن "هبّة مؤتمرات الاستثمار" مع "جعجعة الانتخابات" يعطي الانطباع في أنّ هذه المؤتمرات (غير مخطط لها) وأنها قد لا تسفر عن شيء ذي تأثير في الوضع الاقتصادي العراقي، لأنّ الاستثمارات الأجنبية –في أصل تردّدها عن المبادرة في دخول ميدان الاقتصاد العراقي- تتخوّف أولاً من الوضع الأمني الذي مازال يوصف بـ"الهشاشة" و"عدم الاستقرار" وبقابليته لـ"الارتداد".
وكان رئيس الوزراء نوري المالكي نفسه قد حذر قبل شهور من احتمالات حدوث هجمات واسعة للقاعدة ولمجاميع الإرهاب، ولمن أسماها مجموعات موالية للنظام السابق. وهي "تحذيرات" تهزّم رؤوس الأموال التي توصف في المعتاد بأنها "جبانة". ولم تكن تحذيرات المالكي محض كلام، فالعراق يواجه فعلا –ومنذ شهور- موجة هجمات كبيرة وصغيرة، في بغداد والأنبار والموصل وكركوك وكربلاء وعدد آخر من مدن العراق، فيما يزداد الميل الى توقع تصاعد هذه الهجمات مع اقتراب موعد الانتخابات.
وينظر رجال الأعمال والمستثمرون الأجانب باهتمام الى حاجة البلد الى قوانين "جريئة" يمكن أن تجتذب الاستثمارات الأجنبية، أو تغريها بالعمل في العراق برغم تهديدات الحالة الأمنية، والفساد المستشري في المؤسسات الحكومية، وهجرة الكفاءات التي يمكن أن يُستعان بها الى خارج البلد، إضافة الى البيروقراطية الحكومية التي يمكن أن تشكل عقبة كبيرة في طريق نجاح النشاط الاستثماري الأجنبي في العراق.
والشهر المقبل، تستضيف العاصمة الألمانية مؤتمراً عراقياً للاستثمار، هو الثالث من نوعه. وعلمت وكالة فرانس برس من مصادر في السفارة الألمانية في بغداد أن المؤتمر "سيعقد في اليومين الخامس والسادس من شهر كانون الأول المقبل في برلين"، طبقاً لما قاله لؤي الربيعي، سكرتير السفير الألماني، ببغداد.
وكانت الولايات المتحدة وبريطانيا قد ضيّفت مؤتمرين للاستثمار شارك فيهما عدد كبير من رجال الأعمال العراقيين. وفي هذا السياق يؤكد المحلل السياسي في فرانس برس أن العراق بحاجة شديدة الحساسية أولاً للدعم المالي، وثانياً للاستثمارات الأجنبية التي يمكن أن تحرك الركود الاقتصادي في البلد. وأوضح أن العراق يكافح الآن من أجل توفير الفرص الكافية لإعادة بناء بنيته التحتية، ولتطوير اقتصادياته.
وفي يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين، حضر رئيس الوزراء نوري المالكي مؤتمر واشنطن للاستثمار، والذي جاء على نسق مؤتمر مماثل عقد في لندن خلال شهر مايس الماضي. من جانب آخر أكدت غرفة الصناعة والتجارة الألمانية-العربية، ومقرها برلين أن المؤتمر العراقي سيُعقد في موعده، وأوضحت أنه مُخصص لتطوير الروابط الاقتصادية بين البلدين.
ويتوقع المنظمون للمؤتمر حضور نحو 200 رجل أعمال ألماني، بمشاركة وفد من العراق يضم حوالي 100 من رجال الأعمال، طبقاً لمتحدثة باسم غرفة الصناعة والتجارة الألمانية-العربية. ويشار الى أن الصادرات الألمانية الى العراق في الفترة من كانون الثاني وحتى حزيران 2009 تزايدت بنسبة 96.2 بالمائة مقارنة بالفترة نفسها من السنة الماضية، بحسب تقرير صادر من منظمي المؤتمر
وكان وزير المالية العراقية باقر جبر الزبيدي قد خمّن في شهر كانون الأول الماضي أن العراق يحتاج الى 400 مليار دولار لإعادة بنيته التحتية، وهو مبلغ لا يحتمل أبداً أن تكون الحكومة العراقية قادرة على توفيره، إذا اعتمدت على جهودها الذاتية المحضة. وخلال الشهر الجاري، صادق مجلس الوزراء العراقي على الميزانية السنوية لعام 2010 بتخصيصات بلغت 67 مليار دولار.
وطبقاً لتصريح لنوري المالكي في وقت مبكر من الشهر الحالي، فإن حوالي ثلاثة أرباع ميزانية سنة 2009 أنفقت على القوات الأمنية والرواتب والعمليات لوحدها، مما ترك تخصيصات قليلة جداً للمشاريع العامة في البلد.
وفي بغداد يتابع الناس هذه المؤتمرات بشيء من عدم الوثوق على أنها ستحقق نتائج عاجلة في امتصاص جزء من "البطالة" في البلد، أو في خلق حراك اقتصادي قادر على إنقاذ البلد من أزمته المالية. وفي ظل هاجس "التنافس الانتخابي" الذي يوصف بأنه "استثنائي" و"غامض النتائج" يرى كثيرون أنّ هذه المؤتمرات ذات بعد سياسي، ويمكن أنْ تتلاشى "الحماسة" إليها بمجرّد الدخول في معمعة الانتخابات، ونتائجها، وإجراءات انتقال السلطة لحكومة جديدة، في إطار من "التناحر السياسي غير الطبيعي" وأيضا في سياق وجود "مشاكل كبيرة" لا يمكن تجاوزها بسهولة لاسيما تلك التي تتعلق بكركوك والمناطق المتنازع عليها في نينوى.
الملف برس
هذا المؤتمر واحد من مؤتمرات سبق وأن عقدت للأستثمار... فلماذا يربطها بعض المحللون بالأنتخابات.. على الحكومة المركزية والحكومات المحلية أن تفعل ما تراه مناسبا لجذب الإستثمارات وتشجيع المستثمرين حتى وإن جاءت النتائج متأخرة وسوف تستفاد منها الحكومات المقبلة.. فلم إنزعاج بعض المحللون اللذين ينطبق عليهم الوصف القرآني للشعراء.. كلما أزداد الوضع الأمني إستقرار كلما تسعى الحكومات لتنفيذ مشاريعها ومنها الأستثمار.. ألم يعقد معرض أربيل دورته بداية الشهر