رغم التأثيرات السلبية التي عكستها تطورات أسواق النفط وأسعاره على كافة المنتجين خلال العامين الماضيين، إلا أن كافة مؤشرات العرض والطلب تميل لصالح المنتجين من دول المنطقة على مستوى السيطرة على أسواق المستهلكين وارتفاع درجة الاعتماد على تدفق النفط إلى اقتصادياتها نظرا لما تتمتع به من اعتمادية عالية في الإمداد وانخفاض تكاليف الإنتاج، وهو الأهم، الأمر الذي يتيح لها مزيداً من المناورة لدى أسواق النفط.
وأوضح التقرير الأسبوعي لشركة نفط "الهلال" الإماراتية، أن تزايد الاعتماد على نفط دول المنطقة يشكل مؤشراً إيجابياً من بين حزمة المؤشرات السلبية التي أحاطت ولازالت تحيط باقتصاديات دول المنطقة، وتكاد تغير ملامحها الاقتصادية إذا ما استمر التراجع على العوائد وتعمقت العجوزات.
في المقابل فإن ارتفاع إنتاج دول المنطقة من النفط إلى مستويات قياسية ساهم في رفع حجم المعروض، وبالتالي رفع حصة دول المنطقة من إجمالي المعروض والمطلوب لدى أسواق النفط خلال الفترة الاخيرة.
وبين التقرير أن دول المنطقة تتمتع بقدرات إنتاجية غير مستغلة، ومن الممكن استغلالها في أي وقت عند مستويات تكاليف شبه ثابتة وعند متوسط سعري يصل إلى 14.2 دولار للبرميل، وهذا لا يتوفر لدى الكثير من المنتجين حول العالم والذين يضطرون للتوقف عن الإنتاج عند نقطة تعادل سعرية باتت متكررة خلال الفترة الاخيرة.
وتعتبر الدول المستوردة للنفط المستفيد الأول حتى اللحظة وأن المنتجين من كافة دول العالم هم أكثر الخاسرين من جراء استمرار الضغوط على قطاع الطاقة، وبالتالي فإن السيطرة على أسواق المستهلكين قد لا يكون بنفس الفعالية المطلوبة إذا ما عاودت أسعار النفط ارتفاعها وتناغمت مع المستويات السعرية المستهدفة من قبل باقي المنتجين.
وهذا يعني أن دول المنطقة ستكون في مقدمة الخاسرين مرة أخرى عند المستويات القياسية للإنتاج بالأسعار السائدة، ومن ثم تراجع قدرتها على السيطرة كلما تحركت الأسعار باتجاه الأعلى.
وأشار التقرير إلى أن السباق على رفع مستويات الإنتاج يشكل ضرراً على كافة الجهود ذات العلاقة بخفض التأثيرات السلبية لاستهلاك النفط على البيئة، مع التأكيد على أن النفط الرخيص قد شجع على الاستهلاك المفرط غير الإنتاجي لدى كافة دول العالم، فيما لم ينعكس حتى اللحظة إيجابا على الاقتصاد العالمي واقتصاد المنتجين إذا ما قورن ذلك بنتائج ارتفاع الأسعار على معدلات التضخم والنمو على المستوى العالمي.
تبعا لطبيعة المرحلة التي تمر بها أسواق الطاقة واقتصاديات دول المنطقة فقد بات واضحاً انحسار الخيارات المتاحة أمام كافة الأطراف، ذلك أن النفط الرخيص الذي يساهم في رفع حجم الاحتياطي لن يكون الحل الأمثل للسيطرة على أسواق المستهلكين في كافة ظروف السوق وتطوراته.
وأن احتمال خسارة الحصص السوقية مع كل ارتفاع يسجل على متوسط الأسعار السائدة سيكون ممكنا وقابلا للحدوث، الأمر الذي يقودنا إلى الاعتقاد بأن البحث عن سعر التوازن للنفط لدى الأسواق العالمية في الوقت الحالي سيمثل أكثر الحلول كفاءة وتأثيراً على كافة الأطراف.
https://telegram.me/buratha