التقارير

صحيفة إسرائيلية: انسحاب بايدن من العراق..وماذا عن مصير (اصدقاء امريكا)؟


 

متابعة ـ صابرين البغدادي ||

 

في نظرة أولى، يعدّ قرار الرئيس بايدن إعادة الجنود الأمريكيين الـ 2.500 الذين لا يزالون يرابطون في العراق، إلى الديار حتى نهاية العام 2021، يبدو قراراً منطقياً من زاوية نظر سياسية داخلية. فعلى أي حال، كان هذا وعداً انتخابياً للرئيس الـ 46 والتزاماً منه بإنهاء تراجيديا أمريكية متواصلة.

ويأتي هذا قبل سنة وربع من الانتخابات الوسطى للكونغرس، التي توصف بشكل تقليدي في الساحة السياسية الأمريكية كنوع من الاستفتاء على أداء ومدى نجاح من يجلس في المكتب البيضاوي في تحقيق جدول الأعمال الذي وضعه أمام الشعب الناخب، عشية الانتخابات الرئاسية. وبالفعل، فإن الحرب التي بادر إليها جورج بوش الابن في 2003 لإسقاط نظام صدام حسين الإجرامي وتحقيق بشرى الديمقراطية الغربية لبغداد، سرعان ما أصبحت حملة في صحراء كلها أوهام وخيبة أمل وقرف. وإلى جانب أنه لم يكن فيها ما ينشئ سياقات ومؤسسات ديمقراطية بروح التراث الأمريكي، فقد حركت المسيرة العنيفة والفوضوية لتفكك الأمة العراقية إلى عناصرها الإثنية والدينية المختلفة والمتناكفة. وهكذا توفرت نافذة فرص لجارتها إيران كي توسع هوامش نفوذها السياسي والعسكري في هذه الدولة الممزقة والدامية. وعلى خلفية تحطم الآمال الأمريكية المسبقة، يمكن إذن أن نرى في فك الارتباط القريب عن العراق خطوة واجبة تضمن توفيراً في حياة الإنسان والمقدرات.

ولكن إلى جانب فضائل واضحة لهذه الخطوة على خلفية جدول أعمال إدارة بايدن الحالي، التي أصبح الشرق الأوسط بالنسبة لها ساحة فرعية، إن لم تكن هامشية، سيكون من الخطأ تجاهل التداعيات الإقليمية المحتملة التي قد تمس بالحلفاء التقليديين وتقوض ميزان القوى والتهديدات القائمة فيه.

أولاً وقبل كل شيء، يدور الحديث عن تسريع عملية سيطرة طهران على العراق، وذلك لأن الميليشيات الإيرانية ستتمتع قريباً بحرية عمل بلا عراقيل في نشاطها على أراضي العراق وسوريا (حيث حجم القوة الأمريكية تبلغ اليوم 900 جندي فقط). ناهيك عن لبنان الذي هو الآن في مراحل التفكك والانهيار دون وجود قوة عظمى معنية بالاصدام بقوات حزب الله.

في ضوء هذا الوضع، يطرح السؤال: ماذا سيكون مستقبل ومصير اتفاقات إبراهيم في غياب غلاف أمريكي داعم ومساند على شكل وجود عسكري في المنطقة واستعراض قدرة ردع من جانبها؟ ناهيك عن أن الانسحاب العسكري من العراق سيشكل حلقة أخرى في استراتيجية أشمل في انتشار أمني جديد يتضمن تقليص الوجود البحري الأمريكي في الخليج، مما من شأنه أن يرفع مستوى القلق في السعودية والإمارات، بل وفي القدس.

وبالفعل، ومن ناحية إسرائيل، فإن التهديد الكامن في الهجر الأمريكي المتحقق واضح وملموس؛ لأن استكمال خطوة التحول الإيراني للعراق سيعرضه لنشاط الميليشيات الإيرانية ضده، ولا سيما في الجبهة السورية. وقدرة إسرائيل العسكرية على تحييد التهديد في هذه المنطقة من شأنها أن تتقلص قريباً في أعقاب قرار الكرملين التغيير من الأساس لقواعد اللعب في هذه الجبهة، ومنع إسرائيل من مواصلة أعمالها في مواجهة تحدي طهران.

لما كان كل رجال الرئيس على وعي جيد بالتهديد على الشريك الإسرائيلي، الكامن في خروجهم من العراق، فقمة استنتاج محتم بأنه إقرار محسوب تقرر توقيته مرحلة تجري فيها الولايات المتحدة وإيران اليوم عملية مساومة هدفها تنفيذ الاتفاق النووي بين القوى العظمى، بما فيها الأمريكية، وبين نظام آيات الله. في ضوء ذلك، يمكن أن نرى في قرار الانسحاب الأمريكي من العراق مثابة سلفة أو خطوة بناء ثقة تجاه إيران هدفها تلطيف حدة مواقف إيران المتصلبة في أثناء المفاوضات.

يجدر بالذكر أن التطلع الأمريكي للتوقيع على الاتفاق وشق الطريق لفتح صفحة جديدة بين الدولتين يشكل مدماكاً مركزياً في سياسة بايدن، ويغطي على كل اعتبار آخر (إلا إذا كانت واشنطن تؤمن حقاً بأن اتفاق فيينا الثاني سينجح في تقليص شدة التهديد الإيراني على إسرائيل).

وبالتالي، حتى لو وافقت الإدارة بأن ترفق الاتفاق بمقابل أمني لإسرائيل، فمشكوك جداً أن يكون في ذلك ما يعوضها عن الثمن الذي سيتعين عليها أن تدفعه، سواء على هجرها الساحة العراقية أم على توقيعها على الاتفاق النووي.

في ضوء وضع الأمور هذا، كل ما يمكن هو توجيه نظرة إلى الواقع بشكل واع بعيداً عن أي أوهام، والاستعداد ليوم بارد تكون فيه إسرائيل مكشوفة داخل حجرة الدبابة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
رسول حسن نجم
2021-07-31
العراق وايران تربطهما عقائد ومقدسات ولايمكن الفصل بينهما والولايات المتحده تسعى بكل قوتها لهذا الفصل وهو محال.. اما اسرائيل فتنظر لكل الشيعه بانهم اعداؤها وهي صادقه في هذا فلاهواده بين الشيعه واسرائيل مهما كان الثمن لان المساله عقائديه..
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك