تحليل سياسي لقاسم العجرش
عدد الحقائب الوزارية 37، وهو عدد مترهل يضاف له عدد "لا بأس به" من الهيئات والمراكز بمستوى وزارة، ليصل العدد الى 45 مركز، ولكن الطلبات تصل الى اكثر من 100 وزارة تطالب بها عشرات الكيانات والتحالفات الفائزة وغير الفائزة ، وأذا كان المطلب الأساسي هو ترشيق الجهاز الحكومي وإيقاف ترهله عبر ترشيق عدد الوزارات، فإننا نجد السيد نوري المالكي يقف في منطقة الحيرة السياسية، فكيف يمكنه التوفيق فيما بين هذا الكم من المطالب التي تقف هذه المطالب عائقا أمام المضي قدما في تشكيل الحكومة؟ وأذا كانت المطالب من سنخ واحد فأنه يمكن التعامل معها بطريقة واحدة، لكنه وبلاشك يواجه يواجه تنوعا شديدا في المطالب التي تتحول الى مشكلات، ففضلا عن الخلافات على تسعيرة الوزارات من حيث أهميتها (سيادية ـ خدمية ـ دولة) ، وفضلا عن الصراع على الوزارات السيادية (وفضلا عن الصراع على مناصب نواب رئيس الوزراء ونواب رئيس الجمهورية ، وفضلا عن الصراع على الصلاحيات التي سيتمتع بها المجلس السياسي الذي تريده "العراقية" مجلسا تنفيذيا كجهاز موازي للحكومة، وفقا لمفوهمها للشراكة السياسية التي تعني تقاسم السلطة في عقيدتها، فيما يريده التحالف الوطني استشاريا ليس له صلاحيات تنفيذية في أفضل الحالات ،وفقا لعقيدته في الشراكة التي تعني إتخاذ القرارات برضى الأطراف المشتركة في العملية السياسية، وحسب ما يقرره الواقع ، وعمليا فأن التحالف الوطني يرى في المجلس المقترح حاجة أملتها تعقيدات المشهد السياسي، وتنتهي أهميته بإنتهاء الظرف الذي أوجده، إذ لا أساس دستوري له، وفي كل الأحوال فأن نظرة التحالف الى آلية إتخاذ القرارات في مجلس السياسات الستراتيجية ستكون أنه: أذا اتخذ قرارا تأخذ به الحكومة فيجب ان يكون بنسبة 80% من اعضائه، وعموما فأن هذه النسبة لن يحققها في كل الأحوال .ولا يغرب عن الواقع مطالب القومية الثالثة في العراق " التركمان"، ناهيك عن مطالب المسيحيين والأيزيديين والصابئة والشبك والكورد الفيليين بأستحقاقات رئاسية ووزارية سيادية، وهي إستحقاقات مشروعة على كل حال إذا كان شكل الحكومة ووالدولة مبني على مفهوم المشاركة ، لا مفهوم الأغلبية السياسية الحاكمة.هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فانه ليس من المعقول أن رئيس الوزراء المكلف قد حظي بتأييد الفرقاء السياسيين الذين منحوه أصواتهم، دون أن يكون قد قطع وعودا مسبقة لهم، وهي وعود باتت واجبة السداد، وهذه أمور تؤثر تأثيرا كبيرا على مسار عملية تشكيل الحكومة، وتدل التجاذبات السياسية الأخيرة أن عملية تشكيل الحكومة تمر بأزمة في الأفق، هي نتاج الأزمات السابقة، وتتمثل بمحاولات محمومة لعرقتها عبر آليات وادوات باتت مكشوفة الأغراض والأهداف، وتنصب أهداف تلك التجاذبات على الوصول الى هدفين، الأول هو الحصول على أكبر قدر ممكن من كعكة السلطة لإشباع الذات والحزب والفئة، وهذا بالطبع يؤدي الى تراجع كبير في المسيرة الديمقراطية، الأمر الذي سيضع البلاد امام ازمة كبيرة تفتح باب الفتنة وتسهم بعودة الدكتاتورية البعثية وتعزز التدخلات الاقليمية، و الثاني تشكيل سلطة موازية لسلطة الحكومة بأهداف ورؤى وخطط مختلفة تماما عن هدف بناء دولة مؤسسات حقيقية، و يغذي هذا المنهج القوى التي تعمل على بعثها الطائفية المتعصبة العمياء موظفة إمكانات كبيرة معظمها وارد من الخارج علنا للوصول الى هذا الهدف الخبيث , ولا تتورع في سبيل تحقيق أهدافها من تدمير كل شيء وكل منجزات العراقيين السياسية. أننا نتوقع خلافات وصراعات جديدة،فبعد الخلافات التي أشرنا اليها، سيدخل العمل من أجل تشكيل الحكومة في صراعات سيتخللها "زعل" هذا الطرف أو ذاك، كما سيتخللها تهديدات" بالأنسحاب من العملية السياسية من أطراف إعتادت هذا المسلك الفج، وسنسمع جعجعة ولا نرى طحنا، وسنشهد إستعراضات للعضلات ومراشقات كلامية، فالأمر يستحق كل ذلك، لأن الغنيمة ثمينة، وواقعيا فأن ثمنها في إمتيازات الموقع الوزاري للشخص الذي سيشغله وللحزب الذي يمثله، وسنشهد صراعات داخل الكتل السياسية نفسها على المواقع الوزارية، فمعلوم أن كل الكتل السياسية مشكلة من عدد من القوى السياسية، وكل منها "تحلم" بالوزارة، وسيكون هنالك صراعات أخرى على المقاعد البرلمانية البديلة، فالوزراء الجدد سيكون معظمهم من النواب، وهذا يعني أنهم سيعوضون من قبل كتلهم بنواب بدلاء، وهو إجراء غير ديمقراطي ولكن المشرع العراقي أخذ به في مرحلة التأسيس للديمقراطية ، بل أننا سنشهد صراعات حزبية داخلية ستنعكس على الشارع بشكل أو بآخر، فمن سيستوزرون، أو من صاروا نوابا ستحدث عملية إستيزارهم إو إستنابتهم خللا داخل أحزابهم لأنهم على الأفلب قادة فيها أو لها، ولابد من توفير بدلاء عنهم لقيادة العمل الحزبي الداخلي لأحزابهم، كما سنشهد صراعات من نمط آخر، هو أنه يتوجب على الذين صاروا نوابا أو سيكونون وزراء أن يسددوا أثمان الدعم الذي تلقوه من الجهات التي دعمتهم، والأثمان عادة باهضة على الصعيد العملي والعملياتي ، وسنسمع أقوالا من القيادات السياسية تندد بهذا المسؤول الجديد أو ذاك، لأنه لم يفي بألتزاماته تجاه حزبه وكيانه وفئته، وبعضهم سيوصم بالخيانة.. إن هذه الصراعات والمعارك التي تخوضها القيادات السياسية، هي معارك وقودها حاضرنا ومستقبلنا الذي أئتمنا عليه من يبدو أنهم لا يعون حجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم، وهم بالحقيقة لن يخسروا شيئا، فقد ضمنوا مسبقا حتى تقاعدا رغيدا يكفيهم ويكفي أحفادهم أيضا، وضمنوا مستقبلا زاهرا وعلاجا إذا ما أصابهم الصداع في أرقى مستشفيات العالم وعلى نفقة الخاسر الأكبر ـ الشعب العراقي إذ لم يبق عنده شيء حتى يخسره...
https://telegram.me/buratha