المحامي فلاح العبودي
لاشك ان قرار المحكمة الاتحادية بربط الهيئات المستقلة بمجلس الوزراء لايمكن تفسيره الا انه اجتهاد في مورد النص فقد اجتهدت المحكمة خلافا لنص الدستور مما يخالف القاعدة الشرعية العامة التي تقول ( لا اجتهاد في مورد النص ) وهذا يرجع الى عدم وجود محكمة اتحادية عليا قائمة وفقا لشروط الدستور تتألف من خبراء في الفقه وفقهاء في القانون خصوصا في القانون العام وليس فقط لديهم خبره قضائية في القانون الخاص مما جعل المحكمة تقع في أخطاء فاحشة وقاتله تثير الحيره والاستغراب .والنص الدستوري الذي تم مخالفته هو نص المادتين 100 ، 101 من الدستور العراقي الدائم إذ ورد في المادة 100 النص التالي :-( تعد المفوضية العليا لحقوق الإنسان والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات وهيئة النزاهة، هيئات مستقلة تخضع لرقابة مجلس النواب، وتنظم إعمالها بقانون .) ونصت المادة 101 الفقرة أولا ( يعد كل من البنك المركزي العراقي، وديوان الرقابة المالية، وهيئة الإعلام والاتصالات ودواوين الأوقاف، هيئات مستقلة ماليا وإداريا، وينظم القانون عمل كل هيئة منها) .وقد جعل الرقابة على هذه الهيئات لمجلس النواب واستثنى من ذلك دواوين الأوقاف اذ ربطها بمجلس الوزراء حسب نص القرة الثالثة من نفس المادة اذ نصت (ترتبط دواوين الأوقاف بمجلس الوزراء) وهذه الفقره تدل على إن إرادة واضعي الدستور العراقي كانت تتجه الى جعل ارتباط الهيئات الأخرى بمجلس النواب عدا دواوين الأوقاف بالنص عليها صراحة فكيف يمكن والحال هذه الذهاب بالتفسير إلى ارتباط هذه الهيئات بمجلس الوزراء رغم وجود النص والاستثناءات عليه بالفقرة الثالثة من هذه المادة والمادة التي تليها وهي المادة 102 بارتباط مؤسسة الشهداء بمجلس الوزراء . فضلا عن ان مخاطبة المحكمة يجب أن تكون بقرار من مجلس الوزراء يصدر بالتصويت وليس من مكتب رئيس مجلس الوزراء أو حتى رئيس مجلس الوزراء نفسه ، اذ ورد في الفقرة الثالثة من المادة 91 من الدستور ما نصه ( ..... ويكفل القانون حق كل من مجلس الوزراء وذوي الشأن من الإفراد وغيرهم حق الطعن المباشر لدى المحكمة ) ,كما أن المحكمة لها اختصاصات تفسيرية وليست إنشاء مراكز قانونية وتشريعية تمنحها لسلطة من السلطات الثلاثة وتوزيع الصلاحيات كيفما تشاء خارج الدستور وبشكل مخالف لنصوصه .عليه فان اللوم يقع على عاتق مجلس النواب الذي تأخر في تشريع قانون المحكمة الاتحادية العليا استنادا للمادة 90 الفقرة ثانيا التي نصت هذه الفقرة (تتكون المحكمة الاتحادية من عدد من القضاة وخبراء في الفقه الاسلامي وفقهاء القانون ، يحدد عددهم وطريقة اختيارهم وعمل المحكمة بقانون يسن بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب ) مما فسح المجال لأشخاص غير مؤهلين وغير مختصين في القانون العام والشريعة الإسلامية لتفسير الدستور .مما يضعنا أمام السؤال التالي ( إذا تم خرق الدستور من الجهة المختصة بتفسير الدستور فعلى من تقع مسؤولية الحفاظ على الدستور ؟) اعتقد إن الإجابة على هذا السؤال تأتي بعد وضع قانون المحكمة الاتحادية العليا واختيار أعضائها ووضع آليات عملها والله من وراء القصد .المحامي فلاح العبودي
https://telegram.me/buratha