المقالات

الحكومة وحقوق الانسان

776 23:29:00 2011-04-20

جواد العطار

قدم الامين العام للامم المتحدة بان كي مون تقريره الثاني حول الاوضاع في العراق بتكليف من مجلس الامن الدولي بناءا على القرار المرقم 1936 المتخذ في الخامس من آب 2010 والذي تقرر فيه تمديد ولاية بعثة الامم المتحدة لمساعدة العراق ( يونامي ) حتى 31 تموز 2011 ، لتقييم التقدم المحرز نحو وفاء العراق بمسؤولياته كل اربعة اشهر .ورغم ان التقرير لم يكن رصينا الى الدرجة التي يصنف فيها بالموضوعية والمنطقية المستقاة من ارض الواقع ، لانه اعتمد على معلومات من مصادر غير معروفة وعلى انباء وادعاءات جهات لم يحددها كما ورد في المادة 51 من البند هـ - المساعدة الانسانية ... الا انه جاء مثمرا في الرقابة والتقييم على الاداء الحكومي في المجال الانساني ودفعه الى تصحيح المسار او الاسراع في الاصلاح ، كما انه مثل نوعا من المساعدة المفيدة التي تقدمها بعثة المساعدة الدولية والتي يحتاجها العراق وبلا شك في مرحلة المخاض الديمقراطي الحالية . لكن السؤال الذي يطرح نفسه ! هل الوضع الانساني بحاجة الى الرصد الدولي على مستوى المعلومات فحسب ؟ ان المساعدة القائمة على رفع مستوى الوعي في المجال الحيوي الانساني؛ هو ما يحتاجه العراق فعلا؛ وذلك لن يتم برصد المعلومات عن بعد او مجرد تبويبها ، بل بالمشاركة المباشرة على ارض الواقع مع الجهات الحكومية وغير الحكومية في التعريف والتثقيف والتأهيل من خلال اقامة المؤتمرات والندوات وتحشيد الرأي العام للالمام بالقضية البالغة الاهمية ، وتدريب الكوادر الامنية والمجتمعية لممارسة دور اكثر احتراما لحقوق الانسان الطبيعية في الحرية والمساواة وفي تحسين ظروف الاعتقال وتقنين الانتهاكات ... كما ان الحكومة العراقية والتي هي محل رصد المنظمات الدولية مدعوة الى التعامل بجدية مع التقارير ذات الشأن؛ بتحليلها اولا والاستفادة مما يرد فيها من معلومات وحتى اتهامات ثانيا ... لا انكارها او محاولة تخفيف وطأتها او عدم الاكتراث اليها .ان اصلاح السجون وكشف السرية منها وايقاف الانتهاكات ومحاسبة المنتهكين وتحسين المعاملة الانسانية على كافة المستويات المدنية والمؤسساتية واقرار الحق في التظاهر دون قيد او شرط وفقا للدستور ، هو الطريق الامثل للتعامل على اساس الفعل الايجابي وتحسين الواقع الانساني الداخلي والصورة الخارجية ، اما التعامل الحكومي الحالي القائم على اساس رد الفعل السلبي بانكار التقارير الخارجية ومن ثم اكتشاف صحتها ومصداقيتها؛ فيما بعد؛ مثلما حدث في سجن مطار المثنى السري قبل اشهر ، فانه لا ينفع الحكومة ولا الواقع الانساني الذي يبقى بحاجة الى اصلاح حقيقي ، ولا لسمعة العراق الدولية ومسار الديمقراطية . ان فوائد التقارير الدولية وآخرها تقرير منظمة العفو قد يشكل منهجا وضغطا في سبيل اصلاح الخلل كما قد يدفع الى اعادة التقييم او الى انتهاج سياسة الشفافية في الملف الانساني ، لكنه في الحقيقة يؤشر موقفا حكوميا متصلبا وطعنا غير مبرر بمصداقية تلك التقارير والمعلومات . والاحرى بالحكومة ان تمارس الاصلاح بذاتها وتسبق تقارير المنظمات في هذا المجال ... لان الديمقراطية في العراق لن تترسخ اذا لم ترافقها حقوقا اصيلة للمواطن كما اقرها وكفلها الدستور . لذا فان الحلول تأتي من مساعدة جدية للمنظمات الدولية واستجابة فعلية من البرلمان في مجال التشريع ، من خلال : 1. التشريع لمؤسسة مستقلة؛ بعيدة عن الحكومة او تشكيلتها الوزارية؛ تتولى مسؤولية رعاية حقوق الانسان من ناحية اقتراح التشريعات او التوصيات ، تكون بديلا مستقبليا عن تقارير المنظمات الدولية او معاونا لرصدها ورقابتها . وما المفوضية العليا المستقلة لحقوق الانسان الا خطوة اولى في هذا المجال ، وان كان هناك شكوكا ابتداءا حول آلية الترشيح لها ... وهو ما اشار اليه تقرير كي مون في المادة 50 . 2. انشاء مؤسسة فعالة تتولى تنفيذ توصيات اللجان التشريعية الخاصة بحقوق الانسان او مراقبة توصياتها ومتابعة تنفيذها مع الجهات ذات العلاقة . وفي الوقت الذي تتولى الجهتين اعلاه مسؤولياتهما بمساعدة وتنسيق مع المنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدني ، حينذاك نستطيع القول ان الشفافية في التعاطي مع حقوق الانسان تصبح منطلقا في التعامل مع التظاهرات وملف المعتقلين والسجون السرية والانتهاكات وحتى تقارير المنظمات الدولية سلبية كانت ام ايجابية بشكل يبعدها عن منطق السلطة وردود الحكومة؛ لتصب في صالح وضعا افضل للمواطن ولمستقبل الديمقراطية في العراق ...

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك