المقالات

خطوات نحو بناء المجتمع العراقي

861 20:59:00 2011-05-09

عبد الكريم ابراهيم

التطور في نواحي الحياة المختلفة لايحدث بصورة مفاجئة ،لانه لابد له ان يستند الى قواعد ثابثة يمكن الانطلاق منها كي تكون بداية للاشياء ،ولعل الثقافة بمفهومها العام هي من اكثر المعاني الانسانية التي تحتاج الى التراكمية كي تصل في فترة ما الى النضج الفكري .تعدد مصادر الثقافة هو من اهم عوامل اثرائها ،لان الاحادية هي اسلوب دكتاتوري يوجه المتلقي في اتجاه نقطة معينة ، من خلال ضخ الافكار والطرق المستمرلها ،بالتالي تصبح لازمة مملة تفرض بالقوة على الاخرين ،ولم تترك للعقل فرصة للابحار بين الاتجاهات المختلفة واختيار المرفأ الذي يرسو فيه ،لان العقل البشري استدل بالمحسوسات للدلالة على الماديات ،خصوصا مفهوم التضاد كالليل والنهار ، الخير والشر ...الخ ، من خلال هذا الاستدلال البسيط توصل الانسان الى انه لايمكن معرفة الاول الا بالاخر فضلا عن الاتجاه الواحد الذي يقود الامور نحو السباة والظمور .الايديولوجيات المختلفة قد تحمل في طياتها عامل الصراع الفكري ،ولكن هذا الاخير هو الحجارة التي تحرك المياه الساكنة ،وينمي مبدأ الحوار الحضاري وان اختلف في الاطار العام ،ولكن تبقى قاعدة الاحترام وتقبل الرأي الاخر اهم ما يسود وينضج مثل هذه الحوارات التي تولد ثقافة معرفية تعكس رقي بلدان العالم .اخطر ما يواجه الثقافة العامة هو تحكم القوى السياسية الحاكمة بمصيرها وادلجتها في اتجاه يخدم مصلحتها الخاصة ،وهنا يظهر مبدأ ثقافة السلطة وثقافة الجماهير ؛لان محاولة عزل المثقف عن الشارع وشغله بامور ثانوية او يصبح صدى السلطة ، من الاساليب المعروفة عبر التاريخ .لذا عاشت الثقافة العراقية مراحل ازدهار وضمور تبعا لسياسة البلد ،وربما تكون في بداية القرن العشرين مرت باطار تصاعدي وصل الى درجة النضج والكمال في السبعينيات ،لان التراكمية قد اخذت طريقها الى العمل بشكل متدرج وثابت، زاد من هذه التراكمية مساحة الحرية الفكرية التي سادت في فترات معينة وانتجت ثقافة عراقية تتمثل بالكم الهائل من الادباء والعلماء والمثقفين والجامعيين ،هذا بدوره انعكس بشكل جلي على ثقافة عامة الشعب ،من خلال التصرفات واللياقة والذوق والاخلاق ،ولكن المشكلة الحقيقة ان هذا المستوى العالي بدأ يتراجع بعد ان خطا خطوات واسعة الى الامام ،ولعل عسكرة المجتمع العراقي والانزياح السلبي ولد قطيعة بين الماضي والحاضر ،وهذا يعني انقطاع السلسة التداولية وقد شخصها الشاعر العربي بقوله :متى يبلغ البنيان يوما تمامه اذا كنت تبنيه وغيرك يهدم

مع هذا التكتم الثقافي الذي مورس فيما مضى ، فان الاديب العراقي الذي يمثل قمة النضج الفكري ،اصبح بمعزل عن الشارع والجماهير ،واصبحت النتاجات الادبية مقتصرة على مساحة ضيقة ( الفن للفن ). بعد التغيير عام 2003 سادت الضبابية المشهد العراقي ؛بسبب حالة الانفلات غير المدروسة المتولدة عن كبت سابق ،لذا تشظت الرؤى والافكار كالزجاج على مساحة واسعة من المتناقضات ، كلها تدعي احقيتها في فرض نفسها على الاخر ،ولعل الصراع السياسي هو الاخر ولد صراعا ثقافيا باطار سلبي ،بل جعل الثقافة تدور في رحى السياسية ،من خلال تبني بعض الادباء لمواقف معينة ، قادتهم في نهاية الامر الى حالة الصدامية مع اخوانهم السابقين .ربما قلنا ان الاختلاف هو مصدر اثراء للثقافة ،ولكن في حالة قبول الاخر وعدم تهميشه ،والحالة العراقية اليوم وبرغم كثرة الصحف والمجلات والفضائيات وتهافت البعض على كسب هذا او ذاك من الادباء ،فانها مازالت تعيش التشظي الذي يصعب لملمته في فسيفساء ملونة ،وزاد من تعقيد الامور عدم وضوح المشروع الثقافي العراقي سواء على مستوى المؤسسات الحكومية ام النقابية ، بل هي على حافة صراع في احقية من يقود الثقافة العراقية! هذا الصراع جعل الامورتتقهقر الى المربع الاول وهو البداية من الصفر !وعملية الصلح بين المثقفين والشارع تحتاج الى نوع من نكران الذات والانصهار في بودقة الجماهير مع الاعتزاز بالانتماء الشخصي الذي يجب ان يكون دافعا لتحقيق الافضل وليس العزل .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
زيــــــد مغير
2011-05-10
الثقافة الصحيحة تجدها في قناة البغدادية والشرقية . حيث برامج بمنتهى السخافة وأجتمع مهرجون بدون هدف ولا يعرفون معنى الفن . وخسروا سمعتهم وجمهورهم وهم أصلا ً بدون جمهور . أما الثرثار السخيف داود الفرحان فقد أصبح شكله المقزز لا يطاق . ننتظر اليوم التي تغلق هذه القنوات السخيفة التي أساءت للفن وللثقافة وللأنسان العراقي .
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك