احمد عبد الرحمن
رغم مرور مايقارب السبعة شهور على تشكيل الحكومة العراقية، الا ان ما يتفق عليه معظم الشركاء السياسيين هو ان المواطن العراقي العادي لم يستشعر حتى الان تحولات ومتغيرات حقيقية وملموسة على واقعه الحياتي بجوانبه المختلفة، بينما كان من المفترض ان تكون الامور بعد مائتي يوم-وليس مائة يوم-قد تغيرت بمقدار معين نحو الافضل.سياسيا مازالت المماحكات والمناكفات والتقاطعات بين بعض القوى الرئيسية هي السمة الابرز، وهذا يعود بحسب الرؤية الموضوعية العامة الى عدم الاتفاق على الاولويات من جانب، وانعدام الثقة من جانب اخر، ومن جانب ثالث بقاء المصالح الوطنية العامة في مرتبة ربما يمكن وصفها بأنها متأخرة قياسا الى المصالح والحسابات الفئوية الخاصة.امنيا، مازالت مظاهر العنف والارهاب والاضطراب تهيمن على المشهد العام، واذا كانت قد اختفت وانحسرت بعض تلك المظاهر، فأن مظاهر واساليب ووسائل اخرى جديدة ربما كانت غير مسبوقة برزت على الارض، وعلى سبيل المثال لا الحصر ظاهرة الاغتيالات النوعية بكواتم الصوت.وهذا الاضطراب والارتباك في الاوضاع الامنية هو في واقع الامر انعكاس للواقع السياسي في البلاد، ناهيك عن كونه نتيجة طبيعية لاختراق المؤسسات الامنية، وضعف الاداءات المهنية بمقدار معين لمنتسبيها، فضلا عن عن وجود ضعف وخلل في الخطط والسياقات المتبعة.خدميا، مازال الملايين من ابناء الشعب العراقي يعانون اشد المعاناة جراء التدهور المتواصل -دون ان تبرز في الافق مؤشرات لحلول عملية-في الجوانب الخدمية الاساسية، كالكهرباء والماء والسكن وفرص العمل والبنى التحتية، واذا كانت قد طرحت حلول على ارض الواقع فأنها ترقيعية وغيير مجدية، ولعل تجارب الاعوام الثمانية الماضية اثبتت ان الحلول والمعالجات الترقيعية لاتؤدي الا الى استنزاف المزيد من الاموال، وتبديد الطاقات، والى فتح الابواب امام مظاهر الفساد الاداري والمالي المختلفة.واليوم حينما يجتمع قادة البلاد واصحاب الشأن فيه فأنه ينبغي ان تطرح-او ان تكون قد طرحت- كل تلك القضايا على طاولة البحث والنقاش، لانها تمثل مفاتيح الحل الحقيقية لازمات البلاد، واختزال تلك الازمات الكبرى بمواقع ومناصب وامتيازات يعد خطأ كبيرا وفادحا لايمكن القبول به.
https://telegram.me/buratha