بقلم : اشرف العراقي
إنا بناء العمل السياسي في إي بلد يجب إن يكون له معطيات واضحة وتوافقات سياسية بناءة لكي تكون العملية السياسية لها جذور متينة وتتحدى جميع الصعاب التي تواجهها . نأخذ مثال على ذلك السياسة الأمريكية تلك الدولة النامية لجميع المجالات وخاصة الجانب الصناعي ويحيط بها التطور من كل مكان ونشاهد كل أربع سنوات تتغير الرموز السياسية عبر الانتخابات الحرة مما يجعل العالم بأسره يظن أن النظام السياسي لتلك الدولة قد يتغير بمجيء هذا الحاكم أو ذاك , لكن ما نراه ونسمعه أن السياسة الأمريكية مرسومة وفق خطط بعيدة المدى والشخوص هي دائمة التغيير , هذا هو العمل بالنظام المؤسساتي الدستوري الرصين . وهناك دول عديدة تعمل وفق هذا المبدأ للحفاظ على هيبة الدولة وأمنها واستقرارها . إما بالنسبة للدولة العراقية الحديثة والتي بدأت بعد التغيير لعام 2003 م فالوضع مختلف تماما حيث لا توجد مقومات للدولة الحديثة النامية المتطورة لا في السابق في عهد الاضطهاد والعبودية والدكتاتورية ولا في عهد الدولة الحديثة (دولة الديمقراطية) كما تسمى حاليا . عند قيام دولة الديمقراطية العراقية بعد سقوط الطاغية صدام فوجئنا بأحزاب وتكتلات كبيرة وكثيرة لم يسبق لأي بلد عربي آو أوربي أن يحتوي على تلك الأعداد من الأحزاب السياسية , أحسسنا في داخلنا أن في العراق الجديد ستكون هناك تعددية سياسية وهذا إن دل على شي أنما يدل على انعكاس هذه التعددية بالشكل الايجابي على البلد من أفكار ورؤى بناءة تصب في مصلحة الشعب والوطن , لكن تفاجئنا التجارب الكثيرة والمستمرة وصولا إلى 2011 توضح لنا أن اغلب من دخل عالم السياسة في العراق ومارس العمل السياسي والمؤسساتي له طبائع خاصة وشخصية لا تمت بآي صلة للجانب السياسي والوطني , فوجدنا سيلا كبيرا من التسقيط والتشهير والأساليب الكاذبة الملتوية في سبيل إسقاط هذا وإنجاح ذاك , واستمر الحال على هذا النحو إلى حد بلوغ السيد رئيس الوزراء نوري المالكي للدورة الثانية له في الحكم مما زاد الأمر تعقيدا أكثر , حيث اشتد النزاع على الكراسي والمناصب الكبيرة لقيادة الدولة , ودخلت الأحزاب في حرب طاحنة من اجل الاستحواذ على كل شي لكي تسير الدولة وفق رؤية الحزب الواحد تحت تسمية (حكومة الشراكة الوطنية) مما جعل صراعهم هذا يأخذهم لعقد عدة اجتماعات لغرض تخفيف حدة التوتر بينهما وتفتيت الأزمة الحاصلة بين الأطراف السياسية وتسوية الأمور بترضية سياسية معروفة وأيضا تحت تسمية ( حكومة الشراكة الوطنية ) حيث أن أخر اجتماع عقد في اربيل بقيادة مسعود البارزاني قد تمخض عن هذا الاجتماع اتفاقات سياسية لغرض التسوية وتمشية أمور البلد بما تراه الأحزاب المنتفعة مناسبا . ولم يرى هذا الاتفاق النور بعراق التحزب الجديد حيث تخلف الطرف الرئيسي وهو دولة القانون بقيادة نوري المالكي رئيس الوزراء الحالي عن تنفيذ بنود الاتفاق باستحداث منصب جديد يسمى بالسياسات الاستراتيجية وغيرها من النقاط لصالح القائمة العراقية التي أحست بالظلم الكبير من عدم تطبيق اتفاقية اربيل . مما اضطر القوائم الكبيرة وتحديدا (دولة القانون والعراقية ) إلى الرجوع إلى نقطة الصفر للتشهير والتسقيط وتبادل الاتهامات حتى وصل الأمر بعضو من دولة القانون يتهم بعض إطراف من القائمة العراقية بمحاولة إسقاط حكومة المالكي وإفشال العمل السياسي الحالي .مع جميع كل الإحداث التي حصلت والتي ستحصل في البلد في ظل تلك السياسة العوجاء سياسة المحاصصة والترضية نرى المواطن العراقي ينظر إلى حكومته ودولته التي تتأزم وتنهار بسبب التناحر السياسي والأطماع الحزبية والشخصية ويقول : أين حقوق المواطن العراقي من كل هذا ؟ سؤال يطرق مسامع كل سياسي عراقي شريف متنفذ يمتلك ضمير يحتكم أليه "عندما يرى الحق المتمثل بنصرة الشعب العراقي المحروم والمظلوم لتوفير كافة احتياجاته الأساسية المستحقة منذ عقود من الزمن " ويرى الباطل المتمثل بسياسة مضطربة عوجاء الهدف منها هو كسب المال عن طريق العقود الوهمية والاتفاقات السرية التي تضر بالمواطن والمجتمع العراقي ككل " لكي يكون قادر على التمييز بينهما ومعرفة الحق من الباطل .
https://telegram.me/buratha