احمد عبد الرحمن
يتسم المشهد العام في البلاد بقدر كبير من الارتباك والضبابية والغموض والتشضي.وهذا امر طبيعي حينما تغيب الرؤى الاستراتيجية الواضحة لحل ومعالجة المشاكل والازمات على اختلاف مسمياتها وعناوينها، وحينما تغيب-او تغيب-المصالح الوطنية العامة لحساب المصالح الفئوية الخاصة لدى قوى وكتل وكيانات رئيسية في الدولة والحكومة ومجمل العملية السياسية في البلاد.ولانبالغ عندما نقول ان العراقيين يقفون اليوم جميعا عند منعطف حساس وخطير، وعند محطة حاسمة، تتطلب تجنب الوقوع في اخطاء وقع فيها البعض في اوقات سابقة، وهنا لابد من الفرز بين المناهج الصحيحة والمناهج الخاطئة، وعلينا ان نضع معايير وطنية عامة نحتكم اليها لنحسم خلافاتنا واختلافاتنا لنلتقي عند نقطة معينة، ونجتمع على رؤية واحدة، ونحتكم الى مبدأ التوافق وننأى عن خيار التصادم.مقومات وعناصر التوافقات الوطنية كثيرة وكبيرة، ومايجمع بين الشركاء في الوطن الواحد اكثر مما يفرقهم، والتنوع الفسيفسائي للمجتمع العراقي، قوميا ودينيا ومذهبيا وطائفيا وعشائريا، يمثل نقطة قوة اكثر منه نقطة ضعف.واذا كانت قد حدثت مشاكل وازمات بين بعض مكونات المجتمع العراقي الواحد في الماضي البعيد او بالامس القريب ، فليس لان هناك خللا في منظومة العلاقات والروابط الاجتماعية والسياسية والثقافية بينها، وانما لان قوى واطرافا خارجية دخلت على الخط وارادت ان تفرض خياراتها وتمرر اجنداتها وتملي اراداتها، وربما لايغيب عن بال الكثيرين من ابناء الشعب العراقي مبدأ "فرق تسد" الذي عملت به قوى خارجية دولية في دول مختلفة من بينها العراق، وكانت له اثارا ونتائج سلبية مازال جزء منها ماثل لنا بمظاهر واساليب وسياقات شتى.واذا كنا في هذه المرحلة الحرجة والحساسة امام خيارين، الاول، الجلوس مع بعضنا البعض لنحدد مساراتنا الصحيحة ونضع النقاط على الحروف، والثاني طرق ابواب الاخرين ليحلوا لنا مشاكلنا، ناهيك عن تشبث كل واحد منا بقناعاته ومواقفه، فالاولى بنا ان نلجأ الى الخيار الاول مع ما فيه من صعوبات ومشاق، لانها بالتأكيد لن تكون اكثر من تبعات واستحقاقات الخيار الثاني. فحينما نقول بمبدأ التوافق الوطني، فأننا لا نتصوره محصورا ومحددا في اطر ومساحات ضيقة، وانما على العكس من ذلك يتحرك في فضاء واسع ومساحات فسيحة، بحيث ينتهي الى افضل النتائج التي يتطلع اليها كل ابناء الشعب العراقي.
https://telegram.me/buratha