المقالات

الباستيل العراقي

674 11:24:00 2011-10-07

علي محمد البهادلي

كثيرة هي العوائق التي تعيق عملية التطور والارتقاء، والوصول بالبشرية إلى مرحلة الكمال سواء في المجال الاقتصادي و العمراني أوالروحي والتربوي، ومن أشدها خطورة وسوءً الاستبداد السياسي والفساد المالي والإداري وهذا من أوضح الواضحات، فالمجتمعات الغربية في القرن الوسطى كانت تعيش مثل الأوضاع التي نعيشها اليوم في عالمنا العربي حيث الدكتاتورية وتفشي الفساد بمؤسسات الدولة كافة والذي أدى إلى انتشار الجهل والتخلف والجوع والمرض، لكنها ما ان انتفضت على تلك الأوضاع الفاسدة وأبدل السلطة السياسية بنظام يكون الشعب فيه هو الآمر والناهي لما ينبغي أن يُقرَّ وما ان ضربت على أيدي الفاسدين وأبدلتهم بأصحاب لأيادي النظيفة حتى وصلت أوربا إلى ما وصلت إليه الآن.

بيد أن الأمر قد اختلف نسبياً في بلد مثل العراق، إذ إن تعيين أقطاب الدولة العراقية في سلطاتها المختلفة سواء التشريعية أو التنفيذية أصبح مرهوناً بإرادة الشعب، ومن الممكن إذا أخفق من اختاره الشعب أن يقال أو أن تسحب منه الثقة أو أن يدعى إلى انتخابات مبكرة، فكل هذه الإجراءات أقرها الدستوروكفلها على وفق الضوابط والمواد الدستورية لا غير، وما على الشعب العراقي اليوم إلا أن يكون واعياً ويبعد كل التأثيرات السياسية والمذهبية والقومية جانبا، وأن يفكر بمستقبل هذا البلد الذي يراد له أن يكبو الكبوة تلو الكبوة؛ حتى لا تنتقل "عدوى الديمقراطية" إلى شعوب المنطقة التي يعتلي عروش بلدانها أناس ليس لهم خلاق إلا ماضٍ من السيوف والجمال يتراقصون ويباهون بها أمم " الذرة والانترنيت" !! لكنني أرى أن الوعي لا يأتي من فراغ، لا سيما أن الأبواق الإعلامية وحملات غسيل الدماغ التي تمارسها القوى السياسية والمذهبية والقومية لها الـتأثير الكبير في خلق رأي عام حول فكرة ما في بيئة ما، فمثلاً أن الأخوة الأكراد في الشمال تعمل قواهم السياسية والقومية على زرع أفكار ومفاهيم في العقل الجمعي الكردي الذي ذاق الويلات من النظام البعثي الشوفيني، مما أوجد في التربة الكردية أرضاَ صالحة لبذر هذه الأفكار التي يروجها المتنفذون في إقليم كردستان ضد إخوانهم العرب في وسط العراق وجنوبه، والأمر نفسه ينطبق على الأوساط الشيعية في الجنوب والسنية في الغرب، وهذا لا يمكن لأحد أن يكابر وينكره.

مما تقدم ينبغي لأصحاب الحس الوطني من السياسيين والإعلاميين والمثقفين أن يقفوا بالجانب الآخر، ويكونوا حلقة الوصل والجسر الذي من خلاله يعبر أبناء الشعب من حالة التخندق والتعصب إلى ضفة الوعي السياسي والثقافي، فالشعب الفرنسي، مثلاً، لم تأتِ ثورته المشهورة عن طريق المصادفة والاتفاق، ولكن كانت نتيجة أفكار نخبة من المفكرين الأفذاذ الذين كنسوا بأفكارهم النيرة الغبار المعشش في أذهان الفرنسيين في حقبة ( الكنيسة ، الإقطاع، القيصر) واستبدالها بحزمة من أشعة العلم والمعرفة مصحوبة بنار العاطفة الثورية التي استطاع من خلالها الشعب الفرنسي أن يدك آخر معاقل الثلاثي المشؤوم( الباستيل).

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك