همام عبد الحسين الكرخي
ليس ماهو أسوأ من أن يتصدأ الجهلاء الى تقرير مصائر الآخرين .وليس أسوأ من ثقتهم بأنفسهم وما يعتقدون أنها المعرفة الكافية للنظر في شرعية هذا وبطلان وجود ذلك استنتاجا مافي الرضا والسخط من قوة عجيبة على أن تشرعن ماهو باطل وتبطل ماهو مشروع وقديماً قال احدهم:عين الرضا عن كل عيب كليلة لكن عين السخط تبدي المساوية والحقيقة أن عين السخط عمياء وليس بمقدورها أن ترى الأشياء حتى تبدي مساواتها ولذلك أوجب أهل القانون على القضاة أن يكونوا على مايلزم العدل من موضوعية الحكم وصدوره عن نفس خالية من مشاعر الغضب والتفكير بالانتقام .أما في مايخص الشرعية فان الحكومات كل الحكومات في العالم وسواء كانت عادلة أم جائرة فهي لاتمنح الشرعية لأحد وليس في جعبة الحكومة مايشرعن وجود الآخرين أو يخلع عليهم مبررات مايطلعون به من مشاريع ولو كان ذلك صحيحاً لأصبح كل ماعند موظفي الدولة ومسوؤليها من مظاهر الفساد وانحراف وغير ذلك مشروعا لأنه صادر عن الحكومة وحتى أوقر على هؤلاء الجهلاء الجهد والوقت معاً فان عليهم أن يدركوا أن ثمة فرقاً كبيراً بين ماهو شرعي وماهو رسمي وكون الإجراءات أو القرارات رسمية لا يعني أنها شرعية مادامت تخالف أحكام القانون وتهدف الى مانسميه بالنفع الخاص فعلى مدى 35عاماً من حكم النظام السابق صدرت آلاف القرارات الرسمية ولكنها غير شرعية لأنها لم تهدف الى شي مشروع أي له انسجامه وتناغمه مع حركة المجتمع ومسيرته الى أهدافهم في الحياة الحرة والسعيدة.وكم من مشاريع مشروعة لأن أهدافها ووسائلها مشروعة ولكنها لم تقبل من الحكومة ورفضته رفضاً قاطعاً لتعارضها مع مصالح الحكام وأهدافهم وهذه الرؤية تنحسب على القوانين التي صدرت تعبيرا عن أرادة نظام الحكم وليس إرادة المجتمع وما تقتضيه ومصالحه وحاجاته الأساسية ولو كانت الحكومة مصدر الشرعية دائماً لتحول كل خروج عليها والسعي الى الإطاحة بها الى عمل غير مشروع فالشرعية لا تعطي ولي في القوانين وكل القوانين مايشرعن تصرف أو سلوك أو موقف وثمة فرق أخر بين كون الشيء موافق للقانون وكونه شرعياً أو مشروعاً من ناحية أخرى.فعدى عن كون القوانين تعبر عما يشعر به الحاكم من قدرة الفرض على المحكومين وما يحولها الى أوامر وليس قوانين فان الشرعية تفرض وجود الانسجام بين الغاية والوسيلة التي تستخدم في تحقيقها وابتعادها ماأوسعها الى ذلك عن روح وفكرة السلطة.ولهذا فان مفكري الديمقراطية الحديثة يرفضون التقسيمات القديمة وتسميتها بالسلطات الثلاثة وهي (التشريعية والتنفيذية والقضائية)ويرون الصحيح في تسميتها بالمؤسسات أو الهيئات التشريعية والتنفيذية والقضائية .ففي المجتمع الديمقراطي لاسلطة لغير الشعب لأنه وحده من يمتلك الحق في ممارسة السلطة أي إصدار القوانين وليس الأوامر التي تستلزم الخضوع والطاعة من الآخرين. وفي مايخص الأحزاب والمنظمات المهنية ومنظمات المجتمع المدني فهي شرعية بحدود ماتكون وسائلها وأهدافها كذلك أي أن شرعيتها تنبع من أهدافها ومن خلال اتحاد إرادات أعضائها وتواضعها على أسلوب معين ومشروع للتعبير عن أفكارهم والسعي الى تحقيق أهدافهم ...
https://telegram.me/buratha