المقالات

القيادة والغدير

801 23:13:00 2011-11-16

جواد العطار

ما رحل رسول او شارف على الرحيل الى جوار ربه الا ونصب من يلي الامر بعده او اوصى به ، ومن هذا المنطلق خاطب القرآن؛ النبي - صلى الله عليه وآله وسلم في الآية الكريمة ( يا ايها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربك وان لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس ) وذلك لان الله تعالى لن يدع امر المسلمين فوضى بعد رسوله الاكرم ، بل نصب لهم وليا وقائدا .. في اليوم الذي تمت به النعمة واكتمل فيه الدين (اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا) ، يوم الغدير آخر البلاغات السماوية واهمها ، (وان لم تفعل) اي ان لم تبلغ (فما بلغت رسالتك) اي الرسالة غير مكتملة ، لانها وفقا لهذا المعنى بحاجة الى راع وهاد ومسؤول يحافظ عليها وينميها ويمتلك القدرة والشجاعة على مواجهة تحدياتها ، وبذلك لا بد من شخصية قيادية متكاملة تجتمع فيها الخصال والقدرات التي تؤهل للعمل والتصدي . لذا فلا اختلاف على ان بيعة الغدير جمعت بين الامامة والخلافة ، امامة الامة والخلافة؛ القيادة الدنيوية .. وكان الخيار الالهي للبيعة ما تجسد في مناداة الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله وسلم لمبايعة علي عليه السلام .. وفي ذلك يقول شاعر عهد الرسالة حسان بن ثابت :يناديهم يوم الغدير نبيهم بخم واكرم بالنبي مناديايقول له قم يا علي فانني رضيتك من بعدي اماما وهاديافمن كنت مولاه فهذا وليه فكونوا له انصار صدق موالياهناك دعا : اللهم ! وال وليه وكن للذي عادى عليا معاديا

الوصية بالخلافة اذن كانت في التكليف والتصدي بتحمل المسؤولية على كل المستويات ، فالامام علي عليه السلام رغم انه لم يحظى بالخلافة بعد وفاة النبي الاكرم الا انه كان في حينها امام امة المسلمين لا اميرها .. واستمر اماما حتى توليه الخلافة وما زال اماما للمسلمين واميرا الى يومنا هذا .. اماما استعان به الخلفاء الذين سبقوه في الامور الروحية والدنيوية .. حتى قال فيه الخليفة الثاني لولا علي لهلك عمر ، وما زال اماما واميرا ينهل من فيض علمه وتجربته الخالدة التي مزجت بين ولاية امر الامة روحيا وارشاديا وقيادة امر المسلمين وشؤونهم الدنيوية ، ذوي العقل والحكمة على مر التأريخ ، لان في المرحلة التي استلزمت تولي مسؤولية القيادة والتصدي للامور الدنيوية وبعد ان تحقق اجماع الامة ، ضرب الامام علي (ع ) اروع الامثلة في احداث التوازن الذي افتقدته الامة الاسلامية منذ آواخر عهد النبي بين امامة الامة وقيادة الدنيا . يقول الامام : ااقنع من نفسي بأن يقال هذا امير المؤمنين ، ولا اشاركهم ( اي الرعية ) في مكاره الدهر او اكون اسوة لهم في جشوبة العيش .. هكذا ينظر الامام من قيادة الدنيا الى رعيته ليعلم الحكام من بعده بأن الحكم ليس وسيلة للاستمتاع بملاذ الدنيا ، ولا اداة للتميز عن الآخرين في مظاهر الحياة وزينتها او للترفع عن الرعية او صناعة الاحجبة التي تحول بين الطرفين ( الحاكم والمحكوم ) ، انما هو مسؤولية وخلافة تصل حد مشاركة المستضعفين همومهم . لذا لا بد من استحضار القيم والضوابط التي حكمت عملية تكليف الامام علي (ع) لخلافة المسلمين وربطها بالحاضر ، لان واقعة الغدير موجودة في كل حاضر سياسي ولكل البلدان ، اما في عراق اليوم فان درس الغدير البليغ يتجسد على اكثر من مستوى :• القيادة السياسية : المطالبة بالتصدي للمسؤولية في الدعوة الى توحيد كلمة الامة وقت شتاتها ، وضرب المثل في المبادرة الى انهاء الخلاف السياسي ووأد الاختلاف بين مختلف المكونات السياسية ، ذلك الخلاف الذي طال حتى اصبح هو الاساس والاتفاق هو الشواذ .• القوى السياسية : مطالبة بتقديم الرجل المناسب في المكان المناسب وسحب الغير مناسب ممن في مواقع المسؤولية حاليا ، وذلك اعتمادا على الكفاءة والنزاهة والاخلاص والمهنية وتقديمها على معايير الولاء والانتماء وغيرها من المعايير الضيقة في ترشيحها للمناصب الوزارية او في مجالس المحافظات او اية مناصب ادنى ، لان القيادة قدوة وصفات وليست تميز او ميزات وامتيازات . • الشعب : مثل كل وقت مطالب باختيار الاجدر ومبايعته وانتخابه لخدمة المجموع ، وبما ان لا انتخابات قريبة او في المدى المنظور؛ بل قد تكون هناك استفتاءات او استطلاعات رأي حول الاقاليم؛ فان الشعب مطالب في هذا الوقت بمبايعة العراق الواحد لا الاقاليم المتعددة .هذا هو نهر الغدير لجميع العراقيين من سياسيين وغير سياسيين ولامة المسلمين ينهلوا منه كيفما شاءوا وانما شاءوا .. دون توقف ، في كل زمان ومكان .. لانه لا ينضب ابد الدهر .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك