كريم الوائلي
العراق يواجه "وقتاً حرجاً للغاية" هذا ما صرح به مارك كوبلر ممثل الامين العام للامم المتحدة في العراق ، ويبدو للوهلة الاولى ان هذا التصريح الذي جاء بالتزامن مع توقع انسحاب القوات الامريكية من العراق في مستهل العام القادم يقصد به تحديدا اوضاع ما بعد الانسحاب الامريكي واذا اضفنا الى ذلك ما نشرته الصحافة الامريكية من انتقادات لاوباما المبنية على ما تعتقده الصحافة الامريكية بأنه تفريط بمنجز ((الديمقراطية الناشئة )) في العراق وتقديمه (( هدية الى ايران )) بحسب زعمها ، وكذلك تصريح السنتور والجنرال المتقاعد جون ماكين قد وصف الانسحاب بانه ((خطوة فادحة )) ، اضف الى ذلك الاوضاع السياسية الداخلية الراهنة والخطاب السياسي المتشنج السائد حاليا والتأزّم الامني وتصاعد مستوى المطاليب التي تطرحها القوى السياسية المختلفة وفتح ملفات مدخرة في ارشفة القوى السياسية لم يحن الوقت بعد لفتحها . . اقول أن مشهدا مثل هذا يدعوا الى وقفة تأملية قد يستشف منها بعض ما يلوح في الافق العراق . ان القراءة السريعة للملفات المختلف بشأنها توحي بأن اوضاع العراق بعد الانسحاب يشوبها الكثير من التعقيد وقد تأتي بمستجدات غير محسوبة اذا ما تم فتح الملفات المؤجلة مثل المناطق المتنازع عليها والاقاليم وما يطرح عن التوازنات الدستورية والاجتثاث وغيرها وتكشف وكالات الانباء عن ان الملفات المؤجلة قد فتحت فعلا وقد تندلع معها تقاطعات وخلافات حادة ومن امثلة ذلك اعلان صلاح الدين اقليما .وتشير الرسائل الاعلامية ان مسألة الاقاليم واحدة من المحركات الاقوى في المعترك السياسي التي ستثار بعد الانسحاب على الرغم من ان استحقاقها الدستوري وارد بوضوح في الدستور غير ان الخلاف الحقيقي هو على ما اذا كان دافع اعلان الاقليم طائفيا او سياسيا او لاهداف اخرى تمس المشروع الوطني وكذلك على اصل حدود الاقاليم وهناك مساع حقيقية لانشاء اقليم سني (( كبير يشمل مناطق من بغداد )) كما يروج له .وبصدد المناطق المختلف عليها فقد ورد في الاخبار ان ريئس الجمهورية جلال طالباني تولى اعداد مشروع لتحديد الاراضي المختلف بشأنها وعلى اساس حدود ما قبل عام 1968 وعلى الرغم من ان رئيس الجمهورية في النظام البرلماني غير معن بالتشريعات إلا ان المشروع سيقدم الى الجهات ذات العلاقة وتشير الدلائل الى ان اثارت مثل هذا الخلاف بعد الانسحاب الامريكي من شأنه ان يحدث خلافات وتشنجات بين الاطراف السياسية . ولعل اكثر الملفات اثارة للخلاف بعد الانسحاب هو الموقف من حزب البعث المنحل وما اذا كانت هيئة المساءلة والعدالة قابلة للقيام بمهامها بالشكل الذي لمّح له الدستور ومن المؤكد ان قضية حزب البعث تتجاذبها قوتان الاولى الاغلبية التي كانت وما زالت ضحية السلوك البعثي وتحمل على كاهلها ارث ثقيل من المعانات ومعاناتها والقوى الثانية هي التي شكلت ملاذا وبيئة سياسية واجتماعية للحزب المنحل والتي لا ترى ضرورة لاجتثاث حزب البعث وهذا التناقض الشديد مرشح للتصعيد كما يحصل الان . وفي خضم هذه المهيمنات يأتي الحديث عن التوازنات وقد نوّه الدستور الى حقوق الاغلبية غير ان اثارت هذا الملف ستكون له تداعيات اشد بعد الانساب الامريكي ومرشح ايضا للتصعيد ما لم يقترن البحث به بالضابط الدستوري غير ان الدستور نفسه من المفاصل الملتهبة وقد ينشأن بسببه خلاف حاد ومن المتوقع ان يطرح امر تعديله بعد الانسحاب بشكل اكثر جدية والحاحا ويتوقع ايضا ان تشترط بعض القوى بتعديل الدستور قبل الحوار على القضايا المختلف عليها .ان الحوار المتوقع بين القوى العراقية المختلفة بعد الانسحاب لا يكتب له النجاح ما لم يجري على وفق الايمان بالمشروع الوطني وبالشراكة الوطنية بوصفها قدرا حتميا للعراقيين جميعا وكذلك التقيّد بالدستور .
https://telegram.me/buratha