ولا نبتعد عن الحقيقة اذا نحن قلنا أن (كل) ما تحقق من انجاز على الصعيد السياسي والحكومي انما تحقق بفضل العناية الإلهية ورعاية سماحة المرجع الاعلى، وكل من وصل إلى منصبه (بغض النظر عن درجته) فهو مدين لشخص السيد السيستاني في ما وصل اليه. ( بقلم : عبد علي حسن ناعور )
حين عرف العراقيون أثر شخص السيد السيستاني (دام ظله) على مجمل الاحداث في العراق ولاسيما بعد التغيير
السياسي . أدرك هؤلاء أن شخص سماحته أصبح صمام الامان لعموم الشعب العراقي، وهو أمر أدى إلى أن تلوذ
بسماحته جهات شتى، منها من أتخذ من هذه الشخصية ذخراً للملمات والخطوب التي تعصف بالعراق، وهم الاكثرية
من المسحوقين والمحرومين والمضطهدين من عامة الناس، ومنها من أتخذ من شخص السيد السيستاني واجهة
اعلامية تنفع حزبه أو فئته أو مجموعته بغض النظر عن التسميات، حتى رأينا رأي العين كيف تسارع هذه الجهة
أو تلك إلى نشر تعليق بسيط يصدر من مكتب سماحته، وتتسابق مع غيرها من الجهات إلى طبع البوسترات واللافتات
ونشرها في الشوارع والساحات والفضائيات ووسائل الاعلام المختلفة او تؤول بعض تصريحاته لتصب في مصلحة
هذه الكتلة او تلك , كل ذلك لأن في هذا التعليق البسيط أو الجواب على بعض الاسئلة؛ فيه شيء ينفع هذه الجهة
أو تلك، والمتابع لهذه المسألة يكاد يقطع بأن مكتب سماحته لا يصدر بياناته ابتداءً إلا في أمر هام يخص عموم
الشعب العراقي ويدعم استقراره وتوحده وعزته، ومن ثم ظهرت بعض الاصوات من هنا وهناك تشكك في صدق
هذه الجهات وولائها واتباعها لمنهج سماحته السيد السيستاني، وأن هذه الجهات أو تلك انما تفعل ذلك لان لسماحته
أثرا فاعلا أتى أكله في أكثر من تجربة أو ممارسة من الممارسات في العهد الجديد الذي رأينا أثر سماحة السيد
السيستاني في فرض ما تراه الاكثرية من ابناء الشعب العراقي.
هذه الاصوات المشككة بدأت تظهر لها بعض التأييدات والمصداقيات على الارض هذه الايام، ولاسيما بعد صدور
بيان مكتب سماحة المرجع الديني الاعلى السيد السيستاني (دام ظله) إثر زيارة الاستاذ نوري المالكي سماحته قبل
أيام، اذ يجد قارئ هذا البيان ان فقراته تعد ورقة عمل تأخذ العراق إلى بر الامان والاستقرار وتسريع خروج قوات
الاحتلال وفرض هيبة الدولة، فالبيان شدد على تشكيل الحكومة من عناصر كفوءة "علميا وإداريا" وتتسم بالنزاهة
والسمعة الحسنة، والابتعاد عن المصالح الشخصية والحزبية والطائفية والعرقية ونحوها، وجاء فيه أيضا التأكيد
على حصر حمل السلاح في أيدي القوات الحكومية في اشارة إلى حل المليشيات، وهو أمر لا يرضي بعض من لاذ
بشخص السيد السيستاني في تمرير دعايته الانتخابية، وشدد البيان على ملاحقة المفسدين في الادارة والمال
(أياً كانت انتماءاتهم وأسماؤهم). أما ما تقدم من رأي سماحته بتشكيل الحكومة وضرورة الابتعاد عن المحاصصة
الطائفية فهو أمر نشك في الأخذ به أو العمل على تطبيقه من قبل هؤلاء وهو يتعارض مع توجهات جهات حزبية
تعمل على ترسيخ هذا الخيار، لأن الذي رأيناه من مداولات ومشاورات وما تسرب منها وما وصل اليه المتفاوضون
نراه يرسخ الخيارات الخاطئة في تشكيل الحكومة وهو خيار بغيض وعقيم يؤدي إلى كوارث قد لا تقوم بعدها للعراق
قائمة اذا ما استمرت على هذا التطبيق المنحرف لمبادئ وقرارات الدستور العراقي الذي لم يصل إلى تحقيق الاستفتاء
عليه (رغم ما فيه من تحفظات) إلا بدعم المرجعية الرشيدة. ولو لا وقفة سماحة السيد المرجع الاعلى لكان هناك
دستور مطبوع جاهز. وهو أمر كان مخططاً له لو لا ما ذكرنا من إصرار سماحة السيد المرجع على تنفيذه من طريق
الانتخابات والاستفتاء، ولا نبتعد عن الحقيقة اذا نحن قلنا أن (كل) ما تحقق من انجاز على الصعيد السياسي والحكومي
انما تحقق بفضل العناية الإلهية ورعاية سماحة المرجع الاعلى، وكل من وصل إلى منصبه (بغض النظر عن درجته)
فهو مدين لشخص السيد السيستاني في ما وصل اليه. ومن واجب الوفاء له أن لا تتجزأ توجيهاته وأن لا نأخذ منها
ما ينفعنا منفعة انتخابية أو وقتية، بل نأخذ كل توجيهاته ، لأننا جربنا ورأينا كيف كانت توجيهاته ورقة عمل متجددة،
فكيف بالبيان الأخير الذي يعد ورقة عمل دائمية تصنع من العراق دولة مستقلة مستقرة موحدة يعمل فيها العراقيون
من مسؤولين وغيرهم لمصلحة العراق فقط وليس لمصلحة فئة أو حزب أو دين أو مذهب أو عرق.
لقد أصيب العراقيون المخلصون بخيبة أمل وهم يرون المسؤولين الكبار وأحزابهم وتكتلاتهم يرمون بيان مكتب
سماحة المرجع الاعلى وراء ظهورهم ويستمرون في اللعبة السياسية من دون أن يتخذوا من هذا البيان المدوي
ورقة عمل نظيفة ومخلصة وفاعلة ومؤثرة اذا ما وجدنا لها من يحملون صفاتها! وجدير بالعراق وشعبه أن يعرف
من هم المخلصون الذين يسايرون الحق مهما طال طريقه، يسايرونه سواء أكان لهم أم عليهم، لأن الاستمرار
في (باء) تجر و(باء) لا تجر أمر فيه خطر مستمر على العراق وأهله، وفيه تطبيق للأزدواجية التي رافقت الحكام
العرب منذ استولى معاوية على الخلافة الإسلامية وهي مستمرة إلى هذا اليوم، ولن نتخلص منها إلا بالصدق مع
النفس أولاً وبالصدق مع من نوالي ونتبع، وبالصدق مع من نصطحبهم ونلوذ بهم في الملمات واشتداد الخطوب ونبقى
معهم في السراء والضراء وليس عند تحقيق المصالح المجردة من حب الوطن والعقيدة والولاء لهما والتضحية
في سبيلهما. وهذه دعوة مخلصة لكل من أتخذ من شخص سماحة السيد السيستاني ورقة لتمرير مشروعه الانتخابي
أو مشروعه (الخاص) الذي لا يعلمه الا الله وصاحب المشروع
، أن يتبع هؤلاء جادة الحق مهما كانت التضحيات، بسم الله الرحمن الرحيم ((أما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع
الناس فيمكث في الأرض)).
عبد علي حسن ناعورمدير تحرير صحيفة السلامhttps://telegram.me/buratha