محمد رشيد القره غولي
عندما يمر بلد ما بأزمات و تدهور اقتصادي و امني، تترك عند الطفل بصمات في نشأته فكريا، و غالبا ما تكون مشوهة، مما ينتج عنها جيلا لا يتمتع بفكر سليم نستطيع الاعتماد عليه مستقبلا، و خصوصا اذا ما ترك يصارع تلك الصعاب وحيدا دون تقويم لسلوكه وفق الأسس الأخلاقية العامة، لأنه عندما ينشا في بيئة تتصارع في أمور حياتها بشكل مهين للإنسانية و تعتبر أكثر حقوقه كمواطن مجرد أحلام لا يمكن تحقيقها تحت أي ظرف، فمن الطبيعي الحالم منهم يبيح لنفسه كل وسيلة في سبيل تحقيق تلكم الأحلام حتى و ان كانت على حساب الآخرين او على حساب ما تواضعت عليه البشرية من أخلاق و مكتسبات زرعت في فطرته. و بالتأكيد التجربة على هذا الأمر خير مثال فلدينا جيل عاصر حياتين ان صح التعبير بين خمسينات و ستينات القرن الماضي و حياة القرن الحالي و نراه بسبب الحرمان قد امتطى أي شئ في سبيل تحقيق غاياته الفردية، فهي ثقافة من الصعب تغييرها. فواقع اليوم الذي نعيشه مع هذه ألازمات السياسية التي تدفع عجلة البلد نحو المجهول، و الكيفية في الصراع الدائر بين الكتل السياسية من اجل مصالحها الفئوية دون الاكتراث الى شعب يتضور جوعا بالرغم من تلك الثروة التي تجري تحت اقدامهم، يحق لنا الجزم ان اغلب الساسة اليوم لم يتمتعوا بحياة طبيعية في طفولتهم و خاصا أولئك الذين أصبحوا مصدر قلق لعراق خرج توا من صدمة تاريخية على يد اعتى طاغية عرف في تاريخنا الحديث. لذا من الصعب ان تتحول بوصلة اليوم باتجاه المفروض مادام لدينا هذه النخبة السياسية التي برزت خلال السنين التسع الماضية، لان غالبيتهم يحتاجون الى تصحيح مسار نهجهم المكتسب من ظروف لم تكن طبيعية مروا بها و إذا ما أصروا على التمسك بتلك المفاهيم لا يمكن ان يقودوا قرية فما بالك بدولة كالعراق. ولان أفكارهم أصبحت عين طباعهم أي إنهم جبلوا على الخطأ و لم تغرس فيهم مفاهيم يتحلى بها أصحاب العقل السليم فمن الصعب مسار اليوم يتصحح ما داموا في السلطة.و عليه ندعو جميع مؤسسات المجتمع المدني و كذلك الصحافة المقروءة و المسموعة و الهيئات العلمية ان تتحمل مسئولياتها تجاه الطفل في سبيل إبراز جيل يتمتع بفكر نير يحول حياة العراقيين إلى ما هو أفضل من اليوم. كما ان المؤسسات الحكومية المعنية بهذا النشاط المهم لم تتحمل الى يومنا هذا مسئولياتها بالشكل المفروض، لان ابسط ما يمكن إعطاءه للطفل هي رياض الأطفال و التي تكاد معدومة بالرغم من أهميتها كنقطة انطلاق نحو بناء شخصية الطفل و إخراج طاقاته و مواهبه خلال السنين الأولى من عمره و على أساسها يستطيع كل من المؤسسة التربوية و أسرة الطفل تطوير تلك القدرات ، و منها أيضا نستطيع دفع الطالب نحو التعلم و تعويده على الدرس قبل الخوض فيه فعليا، لكن المؤسسة التربوية مع الأسف قد بخست حقوق الكثير من الأطفال مما يعانوه من عدم وجود مدارس قريبة فضلا إنها ليست بالمستوى التي يمكن ان تكون كصرح علمي و تربوي لهذه الشريحة المهمة، كما و أهمل دور الأسرة من عدم تطبيق منهج واضح تجعل من الأسرة تتفاعل مع أهمية تعليم الطفل خلال سنواته الأولى، بل جعلت الأسرة تتصارع مع التكاليف التدريسية الباهظة و انعدام الدعم الحكومي لهم في توفيرها مما يضطرهم الى عدم تسجل ابنائهم في المدارس، هذا إذا أخذنا بنظر الاعتبار للطبقة الفقيرة الواسعة في العراق. كما ان التعليم يحتاج الى وسائل كثيرة و ليس فقط كتاب و قلم و دفتر، بل ان المعلم و المدرس يعانون من عدم توفر وسائل الإيضاح، مما يستدعيهم إلى الالتزام بالمنهج، و الذي غالبا ما يكون مملا للطالب بينما لو كانت هناك سياسة تعليمة صحيحة لجعلت من التعليم للطالب نزه و تعلق و تفاعل ايجابي يثمر في المستقبل برجال لهم القدرة على إدارة البلد في مختلف جوانبه. ان هذا الموضوع متشعب و له جوانب كثيرة يصعب حصرها في مقال، لان أهميته مستمدة من الطفل، و الطفل نعتبره الحياة الجديدة القادمة، فكلما كان العمل على النهوض بهم كبيرا كلما ضمنا حياة أفضل لهم و لمجتمعهم الذي سيصبح رهين أفكارهم و ممارساتهم.
https://telegram.me/buratha