لكي تبقى المؤسسة البشرية (المجتمع) مترابطة، يجب أن يكون هناك حد أدنى من التضامن بين أعضائه، ووظيفة الفعاليات الاجتماعية هي خلق وتدعيم التضامن بين الجماعات البشرية، وتدعيم النظم الاجتماعية التي تحقق ذلك، وفي ذات الوقت يجب أن يكون هناك حد أدنى من الاتساق في العلاقات بين الأجزاء المكونة للنسق الاجتماعي ولكل مجتمع ملامحه البنائية الرئيسة، ومعها ممارسات عملية مختلفة تظهر لتربط هذه النظم بطريقة ما..
حينما نشير الى ان المجتمع العراقي ظل محافظا على ظاهرة (الغيرة) ولا أقصد بها غيرة النسوان التي صدح بها نزار قباني في إحدى قصائده، بل أن للغيرة مفهوما أخلاقيا راقيا يجعل من المجتمع العراقي يعد كواحد من أرقى المجتمعات المترابطة المتماسكة على مر تاريخ البشرية، فالغيور هو الذي يعتقد أن من واجبه مد يد المساعدة إلى كل محتاج لها، والغيور هو من يرى في صرخة المظلوم جرحا لوجوده الإنساني ، والا فإن عليه أن يسعى لإنصافه بكل ما يستطيع من قوة، والغيور هو من يجد أن عليه أن يكون مستعدا دوما للاستجابة للهفة الملهوف، والعراقي غيور على وطنه، فيبكي بكاءا مرا لاي اخفاق او فشل او تراجع يمنى به وطنه حتى لو كان الفشل لا يعدو خسارة فريق كرة القدم مثلا، والعراقي الغيور فخور بكفاءاته، كـ (زهاء حديد) تلك المهندسة المعمارية البارعة التي صممت أفخر المباني في مختلف دول العالم، والعراقي كثير التذمر من مطبات الشوارع وزحمة السير وسوء الإدارة، وهو الأكثر بين سكان العالم انتقادا لمؤسسات دولته، ليس لأنه ينتقد وحسب، بل لأنه غيور على وطنه، لأنه باني حضارة من نمط خاص، نمط يمتد إلى أعمق نقطة في زمن تاريخ البشرية.
العراقي سادتي لا يرضى عن حاكم، ولن يرضى قط، فهو يجد نفسه أفضل من الحاكم، وأغلب العراقيين يجدون أن من حقهم التحدث بالسياسة، وهذا بعض من غيرتهم على وطنهم، فكل ما يجري هم معنيون به، وليست السياسة تخصصا للبعض كما يحاول هذا البعض إيهامنا به..العراقي أبو الغيرة، وساسة البلد يسعون لقتل هذه الخصلة النبيلة في شعبنا بألاعيبهم الخرقاء ومحاولاتهم البائسة لتمزيق النسيج الاجتماعي الذي من بين دعائمه الغيرة..
كلام قبل السلام:.يمكننا أن نحلم بالنجوم ، ولكن في نفس الوقت يجب ألا ننسى أن أرجلنا على الأرض .....! سلام...
https://telegram.me/buratha