مكتب المجلس الاعلى الاسلامي العراقي (كندا) - مركز الدراسات السياسية
انه من حسن الطالع ان يبقى الإنسان متلمسا لحقيقة الأشياء وتبقى هي محاطة بالغموض والتكتم ولعل هذا من المتلازمات والعلل الكونية حتى تبقى هذه الجدلية بين الإنسان والحقيقة من جهة وبين غاية الإنسان في الوصول ألى الحقيقة من جهة أخرى, فلربما تكون الغاية هي المعرفة المحضة أو الاستعداد لأمر ٍما أو في أحسن الحالات هو القدرة على التأثير في مجريات الأحداث علّه يستطيع أن يحرف المسار للتقليل من الضرر إن وجد وبالقدر الممكن, وعليه يصبح من سمة التعقل هو محاولة قراءة و تحليل الحاضر لاستشراف المستقبل.ولكن التسارع المذهل للأحداث في منطقة الشرق الأوسط بشقّيها السياسي والعسكري وتشابك المصالح وتقاطعها وتصادمها بين القوى الكبرى وقوى محلية يرتبط وجودها وديمومة أنظمتها بعجلة الموقف للقوى الدولية المتصارعة ومحاولات القوى الكبرى رسم صورٍ لتخندقٍ كونيٍ يحمل في جعبته تخندقاتٍ محليةً عرقيةً تارةً ودينيةً طائفيةً تاراتٍ أخرى, يجعل من الصعب على المتتبع أن يربط جميع الخيوط المتشابكة حد التكور للخروج بتصورٍ عما سوف تؤول إليه الأحداث في المرحلة المقبلة
وذلك لكثرة التناقضات والضبابية من جهة , والأهم من ذلك هو تردد جميع الأطراف في دفع الأمور باتجاه الحسم أو ما نصطلح عليه القدرة الأكيدة على الحسم من جهة أخرى والتي يمكن أن نجزم أنها موضع شكٍ ولأول مرةٍ منذ الحرب العالمية الثانية بالنسبة للقوى المهيمنة .
وللحديث عن الحسم فإن الأمر يتطلب مقاربة كل المعطيات على المستوى الإستراتيجي وذلك لأن الخسائر على البعد التكتيكي و الآني المحض هي كبيرةٌ وكبيرةٌ جداً للجميع ولكن على مستوى تجذر النزاع وأبعاده التاريخية على صعيد القدرة في التأثير والتحكم بإدارة ملفات المصالح الكبرى بشقيها الدنيوي ذات التركيز الكثيف على المصالح ضمن الموقع الجيوسياسيللمنطقة والعالم أو الديني الآيدلوجي المحض المؤطر لأبعاد الصراع على المستوى العقائدي وهو مهم للغايةلأنه هو المستخدم للتّعبئة والتحشيد الإعلامي.
إن الاصطفافات واضحة والخط الفاصل بين المتحاربين مميز ولكن الخطوط الحمراء ومدى القدرة على المبادرة والاستعداد لتحمل الخسائر مبهم لهذه اللحظة إضافةً إلى أن الإشارات المرسلة من بعض الجهات متناقضةٌ ولا يُعول عليها في بناء موقف واضح صريح ومحدد.وعلى ذكر الخطوط الحمراء فانه من الصعب بمكان تأطير ردود أفعال الأطراف الفاعلة في صياغة الشرق الأوسط بدون معرفتها أو استخلاص مقاربة لها.
عليه فإن من نافلة القول بان البعض يستعرض المعطيات التخمينية على إنها حقائق دامغة , من قبيل أن الحرب أو المنازلة الكبرى واقعةٌ لا محالة أو أن الحرب لن تقع البتة .إن الأمر ليس كذلك على الإطلاق فالحرب قائمةٌ فعلاً ولكن بشقها الاقتصادي الأمني الثقافي التعبوي وحتى العسكري في مقاييس محددة. ولكن السؤال المطروح هو فيما إذا كانت الحرب ستأخذ الطابع العسكري الشاملأم سيكتفي المتحاربون في التوقف عند هذه الحدود حتى يقضي الله أمراً كان مفعولا. وإذا كانت الأطراف جميعها مدركةً أنه من الإستحالة بمكان لمعركة من هذا النوع أن تنتهي بلا غالب و لا مغلوب, و إن التحول الكبير المرتقب وحركة التاريخ الجارفة و التي تدفع نحو قلب ثوابت الحاضر نحو قادمٍ مجهولٍ فإذا كان فهمنا للتاريخ صحيحاً فلا حلول وسط ولسوف يضطر الجميع للجوء لخيار الحسم مع ما يحتوي من مخاطر لا تحصى ودفع الأمور إلى نهايتها "ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض".أو أن يتم التعامل بموضوعية مع ماهو واقع على الأرض والقبول بان الأمر اصبح محسوماً بدخول قوىً جديدةً لها كلمتها ودورها الأساسي في إدارة المنطقة ضمن محدداتها المرتبطة بالموقع الجغرافي والتوزيع الديموغرافية بل ولربما سوف يمتد تاثيرها وقدرتا في رسم خارطة سياسية جديدة للعالم على مداه الرحب .
وعلية فانه من الاهمية بكان محاولة الفهم الصحيح لدقائق الامور ولذا فإننا نؤشر على أهمية التيقظ للأزمة الإقليمية وخصوصاً ما يجري على الساحة السوريةوانعكاساتها على الواقع في العراق حيث أن الجهات و الأهداف التي تحرك العنف في سوريا هي ذاتها التي تغذي العنف في العراق لإشغال الساحات الإقليمية في دوامة من العنف الأعمى وذلك بغية تمرير سياسات مبهمة التطلعات غرضها تعطيل شعوب المنطقة عن النهوض وممارسة دورها الحضاري والريادي في عالم اليوم.وصولاً إلى فرض إرادات قوىً كبرى وخارجية على إرادة شعوب المنطقة , وتقسيم سياسي ممنهج وجديد يرسم الصورة السياسة للقرن الحادي والعشرين وعليه فإنها معركة إستراتيجية بكافة أبعادها ويجب التعامل معها من هذا المستوى والمنطلق
https://telegram.me/buratha