من يفترض أن المتصدين للعمل السياسي ـ في العراق خصوصا ـ إنما يتصدون خدمة للـ"صالح العام" يقع في وهم كبير..ففرضية "الصالح العام" تركها أغلب منظري السياسية ـ ليس هنا فقط، بل في كل مكان تقريبا ـ منذ زمن ليس بالقصير، وبقي الحالمون والمساكين ممن هم على شاكلتي فقط متمسكين بها!..
ومنذ أن تم تقعيد البراغماتية، وهي نظرية خلاصة الذات ، أو ما يمكن تلخيصه بالغاية تبرر الوسيلة، بات "الصالح العام" وسيلة من وسائل تحقيق أهداف السياسة، وليس هو الهدف النهائي بل ليس هدفا من بين الأهداف بالمرة!.. وفي أوضاع أكثر دقة تحول "الصالح العام" الى منصة يعتليها الساسة، كلما حدقت بهم أخطار تهز مراكزهم، وغالبا ما يكون مصدر تلك الأخطار المعنيين بمفهوم "الصالح العام" أي الشعب..!..
وفي حالات مقابلة يتم تحويل" الصالح العام" من قبل ساسة آخرين الى قميص عثمان، يتم نشره كلما وجدوا أن المناكفات السياسية والمناورات الحزبية لا تجدي نفعا، أو أنها قاصرة عن إيصالهم الى غاياتهم التي عادة ما تكون غير نبيلة..! حينذاك يمتطون صهوة "الصالح العام"..!
والوصف الآنف ليس بحاجة الى إيراد شواهد وأدلة، فقد تفشى حتى صار هو القاعدة والنقيض هو الأستثناء..!
وفي جدلية الظلمة والنور، والأسود والأبيض ، والشر والخير ، ثمة من يقول أن الظلام سابق للنور، وأن السواد سابق للبياض، وأن الشر سابق للخير، والذي أعتنقه من مفهوم مخالف لهذا الإعتقاد تماما..فالفطرة تقول أننا ما عرفنا أن النور نورا لولا وقوعنا في الظلمة، وعند ذاك أدركنا كم هو ضروري ذاك النور الذي كنا فيه قبل أن يلفنا الظلام..!..
لكن ومع "إكتشافنا" للظلام، نزع كثير منا نحوه فقد وجدوا فيه فوائد لا يمكن أن يحصلوا عليها تحت الأضواء الساطعة.. ومثلها ، كان اللون الأبيض هو الفاشي فينا، وما كنا نعرف السواد، لولا أن سخاما أسودا قد لثق نصوعة البياض في ثيابنا، فتعرفنا إذاك الى السواد، ومع هذه السوأة التي أحدثها السواد في الثياب البيضاء، فإن منا من قبلوا أن تسخم وجوههم وتصبح سوداء، ما دام هذا السخام يخبيء نواياهم السوداء..ولولا أصحاب النوايا السوداء من الأشرار ما عرفنا الأخيار.. وتلك هي لعبة النقائض التي تجمعها المصالح..
كلام قبل السلام: حين يخرج عامل "الصالح العام"من المعادلة السياسية، يصطف المتسلقون محبو فلاشات الكاميرات لينادون به..!
سلام..
https://telegram.me/buratha