يعيش المشهد السياسي العراقي في هذا الوقت غليانا شديدا، ومثلما تفاقم الأيام هذا الغليان يفاقمه هذا الطرف السياسي أو ذاك، ومعظم من يفاقم الوضع هم الشركاء السياسيين، وتلك مفارقة غريبة اختصصنا بها وحدنا من بين النظم السياسية المحيطة بنا، فالأمر الطبيعي هو أن ينقسم "المجتمع السياسي" في النظم الديمقراطية التي ندعي أننا منها الى معسكرين، أو لنقل الى ثلاثة..
الأول هو معسكر الموالاة، وهو يضم الذين حصلوا من خلال صناديق على "فرصة" تطبيق برامجهم السياسية من خلال حكومة يشكلونها، وأكرر " فرصة" لتطبيق برامج للحكم، وليس فرصة للحكم، لأن الحاكمية أولا وأخيرا الى الله وليس الى البشر، ولا يضير أن يضم معسكر الموالاة فصائل متعددة مختلفة في الرؤى، لكن يتعين أن يجمعها جميعا جامع واحد، هو برنامج مشترك للحكم متفق عليه..
المعسكر الثاني هو معسكر المعارضة، ويضم أولئك الذين لم يتحصلوا قبول العدد الكافي من أبناء الشعب ببرنامجهم، ولذلك ابتعدت عنهم "فرصة" تطبيق برنامجهم في حكومة يشكلونها، لكنهم ولأنهم يعتقدون بصواب منهجهم، فإنهم يمضون بمعارضة "برنامج" منافسيهم الذين حضوا بثقة العدد الأكبر من الناخبين، وشرعوا بتطبيق مفردات برنامجهم بجد ومثابرة...وكي يقوى معسكر المعارضة صفوفه، فإن له أن يلملم حوله فئات متزايدة من الذين يرون عدم الصلاح في برنامج معسكر الذين في الحكم...ومثلما ترون فإن المعارضة يجب أن تنصب على البرامج، قبل أن توجه سهامها نحو الأشخاص..
المعسكر الثالث هو معسكر الواقفين خلف التل، وهو وإن بدا لأول وهلة بأنه يضم من لا يعنيهم الحال، لكن الأمر ليس كذلك، فوضع الواقفين خلف التل في معظم الأحوال، يشبه ما كان عليه وضع خالد بن الوليد في معركة أحد...فلقد كان في معسكر خصوم الرسول الأكرم صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله، لكنه وقف خلف التل، ولم يشترك في المعركة ساعة سلت السيوف، وأنتظر انكشاف ميمنة جيش المسلمين لينقض عليهم فحصل الذي حصل...
المشكل الذي وقع فيه نظامنا السياسي الجديد هو أن مصممه ـ وهو مثلما كررت ذلك مرارا وتكرارا ـ ليس عراقي بالتأكيد، ولأمر أراده وتكشفت أسبابه اليوم بوضوح، وهو ما سنفرد له حديثا خاصا في قابل الأيام، أوجد شكلا من الحكم الضعيف فيه مواطيء قدم للجميع، مواطيء وليس مقاعد، والفرق بين كما تعلمون بين المقعد وموطيء القدم..وتشكل عندنا نوع هجين من الحكم أفترض أن تتعايش فيه الموالاة والمعارضة على سطح واحد، وحصل هذا النوع من الحكم جزافا على أسم براق هو المشاركة السياسة، وهو بالحقيقة لا يستحق إلا اسم المهادمة السياسية...
المعسكر الثالث الذي أشرنا إليه ومثلناه بمعسكر خالد، خرج اليوم من خلف التل...!
كلام قبل السلام: الباب الذي لدى أشخاص عديدين نسخ من مفاتيح قفله ليس بباب..!
سلام...
https://telegram.me/buratha