المقالات

أفكار بلا عواطف (3) كيف نحلل الواقع من دون أن نخدع انفسنا؟

1188 01:27:00 2013-04-02

بقلم سماحة الشيخ جلال الدين الصغير

أفكار بلا عواطف (3)

كيف نحلل الواقع من دون أن نخدع انفسنا؟

كي تعالج المريض لا بد من إقناعه بأنه مريض، لكي يكون في مستوى الاستعداد لاستحقاقات العلاج، ومن دون ذلك فإنه سيكون أشد على نفسه من المرض نفسه، وغالبية الشعوب والأمم من دون أن تشخّص عللها وواقعها بما يحويه من إمكانات وإستعدادات ومعوقات وعراقيل بشكل دقيق، فإنها لا تتمكن من خوض معركة النجاة من براثن الأمراض التي تفتك بالحضارة، فهي إن نجت من معركة الاستئصال فإنها في الغالب تخضع لشرائط التبعية للحضارة المنافسة، وتبقى تدفع ضرائب هذه التبعية بالكثير من دماء وعرق وثروات أبنائها، وبالعادة تسعى الحضارات المستعبدة للشعوب كي تبقي هذه الشعوب مخدرة لتوهمها بأنها بعيدة عن المرض، وتخلط عليها صور واقعها بحيث لا ترى إلّا ما يمكن أن يقنّعها بالرضى بحالة التبعية والإنصهار في النموذج الحضاري الوافد نتيجة الاستعباد.

وعليه فإن أي عملية علاج تحاول أن تقفز على حالة التشخيص تبقى في احسن أحوالها كمن يبني على أرض مالحة، لا يعرف متى تهوي به، مما يستلزم القيام بتحليل جاد ومسؤول للواقع بكل حلاوته ومراراته، وتحسب فيه الإمكانات والمعوقات بكل وفرتها ونقصانها، وهذه المهمة يجب أن تتوخى الحذر من الوقوع بأفخاخ التحاليل التي تحاول أن تبعد الأنظار عن مكامن القوة الحقيقية، وعن مواطن الضعف الأساسية، وهذه أفخاخ يتعدد صانعوها، ولكنها تبقى واحدة من أهم المعوقات أمام أية نهضة.

ففي غالب الأحيان تضيع الحقيقة وتتشوّه الصورة ويختلط الغث بالسمين والأخضر باليابس والصالح بالطالح، حينما يدخل الإنسان في خضم الحياة الاجتماعية في كل صورها سياسية كانت أو اقتصادية، قانونية كانت أو أخلاقية، فكرية كانت أو عملية، ثورية راديكالية كانت أو ليبرالية محافظة، فلا يعود المرء ليبصر بشكل دقيق ما هي حقائق الأشياء من باطلها؟ ولا إلى أين يتجه به هذا الكم الهائل من مفردات الحراك الاجتماعي؟ وما هي المحصلة العملية التي سيجنيها من دوره في هذا الخضم؟!

فقد يتحمّس المرء لأعمال هي في عين الوقت التي يريد عدوه أن يتحمّس لها لكي يقضي عليه، كالقيد المتحرك الذي كلما أردت الخلاص منه اشتد ضغطه على يديك، وكالرمال المتحركة التي كلما حاولت النجاة منها كلما ارتكست فيها أكثر ولربما قدتها لكي تبتلعك بشكل أكبر، وما من شك أن صاحب القيد لا يريد الإضرار بنفسه حينما يحرك قيده في معصمه، كما أنه ما من ريب في أن الغاطس في الرمال لا يريد لنفسه الاختناق تحت الرمال حينما يسعى لكي يخرج من كبوته فيها، مما يؤكد علينا حقيقة أن نزعة النجاة الفطرية في الإنسان والموضوعية في المجتمع، ليست بمحضها كافية لكي تكون هي المنجية، كما وأن الرغبة في الخلاص من الواقع المزري ليست هي الكفيلة بأن تكون هي المخلّصة، ناهيك عن أن النوايا الطيبة وحدها لن تخلق واقعاً طيباً.

وكلما تعقدّت الحياة الاجتماعية كلما إزدادت عقد الرؤية الواضحة، لأن التعقيد هو التشابك بين الصور المختلفة والتقديرات المتباينة، وحينما تتشابك الألوان الزاهية تفقد زهوها وتتحول إلى شيء آخر، فالناصع البياض حينما تخلطه بالأسود القاتم لا يعود بالإمكان أن تفرق بين الخطوط الفاصلة في داخل اللون الرمادي الناتج منهما، اللهم إلا أن تستعين بأدوات خاصة للفرز والتفريق، وهذه الأدوات لا قيمة لها إن لم تعتمد على خوارزميات رياضية بالغة في الدقة لكي تستطيع أن تؤدي عملها، وهذه الخوارزميات لا يمكن لها أن تكون دقيقة إن لم تخرج من عقل لا تتشابك لديه الخيوط، ولا تختلط عليه التفاصيل، وإنما بالعكس يخرج من التفاصيل الكثيرة المبادئ العامة، ويجيد مراقبة المبادئ العامة لكي يقرر أي التفاصيل التي ستنتجها عملية التلفيق بين الألوان، مع احتفاظه المسبّق بالقدرة على رؤية اللون الواحد بفردانيته التي لا يشترك بها مع أي لون آخر، ومثل هذا العقل لا يمكن وجوده إلا من خلال منظومة فكرية متكاملة تتسق فيها الأفكار وتتناغم ما بين المنشأ وبين النتيجة.

ولست هنا في صدد التحدّث عن الأيديولوجية الواحدة ـ وإن كنت مؤمناً بضرورتها وأحقية الالتزام بهاـ ولكن التحدّث عن الواقع لا بد من أن يقترن بعملية عزل بين ما يريده الأيديولوجي، وبين ما هو كائن على الأرض، وكما أن الركون إلى هذا الواقع يعني الركود والتوقف، كذلك البقاء في عالم التجريد الأيديولوجي لا يعني افساح المجال للركود فحسب، بل والرضوخ لاشتراطات هذا  الواقع، ولكن هذا العزل يجب أن يتسم بوحدة موضوعية بكل مستلزماتها من أجل رؤية الخط الواصل ما بين ما يريده الأيديولوجي وبين ما يوجد في الواقع المعاش، فالعقائدي حينما يريد الهدى للمجتمع على سبيل المثال، لا يمكنه أن يقسر المجتمع على الإلتزام بهذا الهدى بأي نمط من أنماط القهر الإرادي، وحتى لو اختفت العناصر المضادة للهدى من الشارع العام، غير أنها سرعان ما ستتسرطن في داخل خبايا الأزقة، ثم ستخرج إلى الشارع مع أول فرصة لها ولكن بشراسة وإصرار أكبر، ومن دون أن يرى مكامن الضلال وأسبابه وعناصر قوته والحواضن التي يترعرع فيها والمغذيات التي تغذيه، لا يمكنه أن يبدأ رحلة العلاج التي قد تحتاج إلى أجيال عديدة وأزمان مديدة، وهذه الرحلة لا يمكن لها أن تنطلق من دون رؤية الأفق البعيد الذي يطمح الأيديولوجي في الوصول إليه، ومجرد الرؤية وحدها لن تكفي من دون أن يضع في حسبانه كل أنواع تعرجات الطريق والتواءاته مصحوبة بآليات المعالجة والاحتواء لها، وهي مهما كانت؛ فإنها تبقى تعرجات تصاحب أي مسيرة اجتماعية.

وسلفاً أقول بأني لست من دعاة الفلسفة التفكيكية (De Constructivism) التي ترى ضرورة فصل مسارات القضايا عن بعضها بدعوى أن كل قضية لها فردانية خاصة بها، وهذا الأمر وإن كان يبدو محقاً للوهلة الأولى، إلّا أنه ينطوي على خداع كبير أو سذاجة مفرطة، لأن القضايا وإن كانت لها خصوصياتها الذاتية، إلّا أنها في نفس الوقت لها هويتها العامة وترابطها العام مع مختلف القضايا، فأي حدث بسيط جداً يمكن أن يقودك لسلسلة كبيرة تدخل في أعماق غائرة في أسّ الواقع الذي تحياه، فعلى سبيل المثال قد يحلو لك أن تشرب قهوة النسكافيه، سواء في المقهى أو في البيت، وهو أمر قد يبدو للوهلة الأولى حدثاً مستقلاً عن غيره، إلّا أنك في الواقع تحرك أبنية كثيرة وإن كنت لا تراها، وأي تحليل يتسم بالموضوعية والدقة سوف يربطك بالسوق المحلي ثم العالمي للنسكافيه، وهو بشكل تلقائي يربطك بثلاثة أسواق أساسية أحدهما مزارع القهوة والثاني بسوق الإعلان، والثالث شركات التسويق، ولك من بعد ذلك أن تجد الترابط الكبير لهذه الأسواق مع أسواق وعوالم كثيرة جداً، ولا يعني أني بذلك أدعو إلى البنيوية الفلسفية (Structuralism) التي قامت على مناهضتها التفكيكية الفلسفية، لأني أيضاً أؤمن بأن كل ظاهرة لها هويتها المستقلة وإن ارتبطت بغيرها في المسارات العامة، وهذه الهوية لا يمكن الحصول عليها إلّا من خلال ملاحقة جذورها الفكرية، والغرض من كل ذلك أن الإغراق في اتجاه واحد يمنعنا من رؤية بقية الإتجاهات، وحيث أن القضايا لا يمكن تفسيرها بالعامل الواحد، لذلك نعتقد أن التفكيكية أو البنيوية أفرطتا في جانب وفرطتا في جانب آخر.

ولا أؤمن في نفس الوقت بالاتجاه التوفيقي الذي حاول أن يأخذ من هذا اللون الفكري ضغثاً، ومن ذاك ضغث آخر، وهي المحاولات التي نادى بها أكثر من مفكر أبّان خمسينات وستينات القرن الماضي، وحاولوا أن يجمعوا ما بين مقولتي الأصالة والمعاصرة، فأوجدوا لأنفسهم ودعوا غيرهم لخليط هجين من الأفكار، فلا هم احتفظوا بالأصالة، ولا هم أمّنوا المعاصرة!! فالأصالة مرتبطة بمنظومة فكرية، والمعاصرة قائمة على منظومة أخرى، والخلط بينهما إنما هو خلط في بعض الأحيان بين منظومات فكرية تسير بخطوط أفقية لا بخطوط طولية، فالخطوط الطولية تلتقي إما بتأخر هذا أو بتقدم ذاك، ولكن الخطوط الأفقية يبقى واحدها في عالم مستقل عن الآخر مهما تقدم هذا أو تأخر ذاك، وقطعاً لست هنا في صدد الحكم للأصالة على المعاصرة، كما أنني لا أريد أن أحكم للمعاصرة على الأصالة، ولا أدّعي انهما لا يلتقيان، فالمنظومة التي تؤمن بما يفرزه الواقع المعاصر وينتجه الوضع القائم، وتحاول أن تقنع الإنسان أن يتكيّف معه ويساير اشتراطاته وضغوطه، وإن بدا بلهجة ثورية تدعي الانتفاض ضد هذا الواقع كما ادعت الفلسفة الوجودية  (Existentialism)بكل أرديتها دينية كانت أو إلحادية، أو تلك التي تطالب بالثورة عليه سعياً وراء مستقبل مقرر له حتمياً سلفاً كما كانت تعده به الفلسفة الماركسية ((Marxism، أو تلك التي طالبت بالإنحناء أمام طغيانه وبلهجة مبتذلة كما هو حال الاتجاهات البراغماتية (Pragmatism)، لا يمكن أن تتوافق مع منظومة تنظّر للواقع من خارجه كما هو الحال في الفلسفات الدينية مثلاً، بمعزل عن حقيقة ارتباطها بالأصيل مما هو ديني أو بالدخيل الطارئ عليه مما ألبس عنوة لباس الدين، فكلها تدعي أنها فلسفات ربانية تريد للواقع أن يسير وفق مسار خطط له الرب، وبالتالي فإن التخطيط له جاء من خارج الواقع، ولهذا فهي في الكثير من الأحيان لديها دعوى الانتفاض على الواقع، ولديها روح الممانعة معه، وقد يبلغ ببعضها حد التطرف فتغلو في هذه الممانعة فترفض الواقع بكل ما فيه بدعوى أن المعاصرة أجنبية عن الدين كما هو الحال في الحركات الرهبانية أو التكفيرية، وبعضها تتماهى فيها روح الممانعة هذه فتخلط ما بين التنظير وما بين اشتراطات الواقع فمنها من يخضع للواقع كما حصل مع المسيحية واليهودية، ومنها من يبقى في حالة التأبّي والممانعة ولكن بسجال تتباين وتائره بين الرفض وبين التطبيع ولكن دون القبول والرضوخ.

إن أية عملية تحليل للواقع يجب أن تبتعد عن نظرية العامل الواحد، ولكنها يجب أن تاخذ كل عامل بجدية أيضاً، وتتعامل معه بعنوانه شريكاً في صياغة هذا الواقع، فالذين نادوا بنظرية العامل الاقتصادي وهيمنته على كل شيء كما فعل الماركسيون أخطأوا وأصابوا في آن واحد، فقد أخطأؤا بتعميم التفسير بالعامل الاقتصادي، ولكنهم أصابوا حينما جعلوه مما يجب أن يلحظ في تفسير الواقع، والذين تبنوا نظرية عالم النفس النمساوي سيجموند فرويد الخاصة (S. Freud) باعتبار العامل الجنسي هو المفسّر الوحيد للواقع وهو الذي يقف وراء السلوك الفردي والاجتماعي، هم أيضاً أصابوا وأخطأوا فالجنس أحد المفسرات للواقع، ولكنه ليس هو كل التفسير، والذين تبنوا نظرية العالم البيولوجي تشارلز داروين (Charles Darwin) في التطور والصراع البيولوجي لكي يعمموه على الحياة الاجتماعية كما فعل عالم الاجتماع هربرت سبنسر (Herbert Spencer) هم على نفس الشاكلة، وهكذا بقية الذين حاولوا فهم العالم من خلال بعد واحد بما فيهم بعض التيارات الدينية التي حاولت أن تجعل الدين هو التفسير الوحيد في حركة الأمم مع حظر على كافة العوامل الأخرى، فالواقع هو خليط متشابك من الفكر الذي يتحرك في عقول الفرد والمجتمع، وطبيعة النوازع الإنسانية، ومقدار الإمكانات المادية والطبيعية، وحركة الوقائع الاجتماعية، وما ينتج من الجميع من علاقات بين العناصر الأساسية التي تشكل هذا الواقع، وأعني بذلك الإنسان كذات، والإنسان كجماعة، والطبيعة ومواردها، ورب هذه الخلائق، وأي مبالغة في وصف أحد هذه العناصر سيؤدي إلى نتائج خاطئة، وبالتالي إلى ديمومة رحلة العذاب الإنساني.

كما أن أية عملية تحليل لهذا الواقع يجب أن تكتشف المحرك الحقيقي لهذا الواقع، لأننا قد نضع أنفسنا في وسط دوامة دون أن نعرف أن الدوامة هي التي تحركنا رغم أننا نحسب أننا نحن من نتحرك، ونبتدأ بوضع خيارات نتصور أنها من عندياتنا، ولكنها في واقع الحال استجابة لاستحقاقات كوننا في داخل الدوامة ليس إلا، وهو الأمر الذي نراه جلياً في الفلسفة الأوربية من بعد الثورة الفرنسية (1789) والتي مهما بالغنا في وصفها والإطناب بالإشادة بها، إلا أن أيّة عملية تشريح دقيقة لمبتغيات هذه الفلسفة ومراميها، وطبيعة الدوافع الخفية التي تكمن خلفها، والنتائج العملية التي تتوخاها، سيجعلنا ننتهي مباشرة إلى انها ليست أكثر من نتاج للتنظير لاشتراطات النظام السياسي وتبرير استحقاقات الواقع الذي يريده، وأي تحليل جاد لهذا النظام سيجد أن الشركات الرأسمالية الكبرى هي من يمسك بخيوط هذا النظام ويحركه ويوجهه، حتى وإن تلفّع شكله برداء الديمقراطية، ومن ثم ليوصلنا بداهة إلى أن حركة هؤلاء الفلاسفة بوعي ومن دونه إنما كانت استجابة لما تريده هذه الشركات تحديداً، فهي مهما تشعبت تبقى تروّج لكون الفكر من نتاج الواقع الاجتماعي وانعكاس له، وليست الماركسية في مناداتها بهذا المبدأ بفارقة من حيث النتيجة مع بقية فلسفات تلك المرحلة، وقد يتصور البعض أن ذلك يمثل واقعية هؤلاء الفلاسفة ومدى تلاصقهم مع الواقع وتلبيتهم لحاجاته، ومعرفة من يمسك بهذا الواقع هو الذي يجعل اصبع الاتهام يوجه لنفس هذه الواقعية، ففرق بين أن تلاصق الواقع لتكتشف علله وأمراضه ومكامن القوة والضعف فيه، وبين أن تكون مبرراً له ومسوّغاً لما فيه.

إن قراءة متأنية لفلسفة نيتشه سنجد أنها كانت نتاجاً لما أرادته الرأسمالية الألمانية تحديداً من أجل صناعة الرجل القوي، وأي قراءة لتوماس هوبز وديفيد هيوم وجون لوك مروراً بهربرت سبنسر ووصولاً إلى برتراند راسل سنجد أنها كانت ملبية دوماً وبشكل تام لإرادة الواقع السياسي البريطاني، ومؤسسة لعملية تنظير ما كانت الرأسمالية البريطانية تقوم به، وأي قراءة لفلسفة المثالية الفرنسية من باسكال حتى هنري برجسون سنلاحظ ان معينها مرتبط بعمق المصالح الراسمالية الغرنسية، ونفس الأمر عند جون ديوي وتشارلز بيرس وسائر فلاسفة البراجماتيزم وصولاً إلى المنظّرين الأواخر كفرانسيس فوكاياما وصومائيل هتنغتون سيجد المرء أنها إنعكاس صريح لواقع المصالح الأمريكية المدارة من قبل الرأسمالية الأمريكية، كما وأن مطالعة جادة لأفكار مونتسكيو وأوغست كونت وإيميل دوركهايم يجد عمق ارتباطها بالواقع السياسي والاقتصادي الذي شهدته فرنسا من بعد الثورة الفرنسية وحروب نابليون، وأي قراءة لفلاسفة الوجودية الفرنسية ابتداءاً من سارتر مروراً بألبير كامي وسيمون دي بوفوار وأندريه جيد وجاك دريدا ونظرائهم، هذا فضلاً عن جهود مارتين هيدجر سيجد أنها كانت تلبية لأغراض مرحلة ما بعد الحرب العالمية، ولو قدّر أن شفّعنا ذلك بموجتي الحداثة وما بعد الحداثة التي اجتاحت أوربا منذ الثلث الأخير من القرن الماضي سنجد أن الاستدلال بارتباطها بمفاهيم التجارة العالمية وواقع الشركات المتعددة الجنسية ومتطلباتها من أسهل الأمور، وليس من العسير ملاحظة جهود غلاستون باشلر وكلود ليفي شتراوس وفتجنشتين وميشيل فوكو وصولاً إلى يورغن هوبرماس وهي تصب في نفس المجرى الذي أشرنا إليه، ومن الواضح ان أفكار رينيه ديكارت في القيم الأخلاقية والميتافيزيقيا والمنطق الرياضي، وإيمانويل كانت في التنوير والميتافيزيقيا، وجورج هيجل في الديالكتيك والديانة الشعبية وأفكار كارل ماركس في الصراع الطبقي وأفكار هربرت سبنسر في البقاء للأقوى كانت تدخل في صميم الترويج للنظام السياسي والإبقاء على الواقع، وتوجيه أية عملية ثورية باتجاه ترميم هذا الواقع وليس الانتفاض عليه، بالرغم مما يبدو على بعضها بأنها ثورية كما هو حال ماركس وسبنسر، أو مثالية كما هو حال هيجل.

إن وضع الفلسفة الأوربية في هذا الإطار ليس محاولة لإعدامها أو الحكم عليها بالنفي المطلق، فهي كأي فلسفة خرجت من واقع المعاناة البشرية، فيها ما يمكن أن يقبل، وفيها ما يمكن أن يرفض، ولكن من السذاجة بمكان أن نقول أنها كانت تحلل الواقع بناء على أسس منطقية، بقدر ما كانت تحاول العثور على منطق لتبرير الواقع ومماشاته، وعليه فإن استعارة تجارب هؤلاء بالغاً ما بلغت هذه التجارب، ومحاولة تعميمها على واقع أمتنا كما ينادي بذلك مفكرو التغريب يشبه إلى حد بعيد وضع محرك سيارة بدلاً من قلب إنسان، فالمحرك مع قوته لا يصلح لتلبية حاجات جسم الإنسان، فمما لا شك فيه أن واقعنا يختلف عن واقعهم، وبنيتنا الاجتماعية ومقوماتنا الاقتصادية تختلف بالمرة عما كان عليه الوضع في أوربا، مما يستدعي أن ننشأ أدوات التحليل لواقعنا بناء على معطياتنا التي نعيشها ونتعايش معها والتي تنسجم مع بيئتنا الفكرية والوجدانية، ومن نافل القول أن الإستفادة من هذه التجارب غير ضار في أصله ما لم يخالف ثوابتنا التي نريد أن نحافظ عليها ونرعاها، بل يمكن أن نجد الكثير المفيد الذي ينسجم مع بيئتنا الفكرية والوجدانية ومعطياتنا الاجتماعية، ولكن يجب أن نضع في حسابنا دوماً أن البيئة التي أنتجت هذه الأفكار كانت تقيم صومعتها وتعالج علل واقعها على أساس نهب الشعوب الأخرى واستعبادها، وليس أدلّ على ذلك أن انظمة هذه البيئة بقدر حرصها على نظامها الديمقراطي في بلدانها فإنها كانت حريصة في نفس الوقت على إرساء معالم الديكتاتوريات في البلدان المستنزفة كبلداننا، ولذلك حسن الظن بها يكون في قمة البلادة الفكرية والحضارية.

وقد يبدو للبعض إن هؤلاء الفلاسفة معذورون في تنظيرهم للواقع الرأسمالي وتبريره، فهو واقعهم ومجتمعهم الذي يحيون فيه ويعيشون من أجله، ولا غضاضة في أن يفكروا لمصالحهم ويبرروا لواقعهم، ولكن هذا التبرير تعتوره معضلة أساسية إذ أنه يحوّل الفلاسفة الأوربيون إلى سياسيين أكثر مما يثبتهم كفلاسفة، مما ينحو بنا إلى ضمهم ضمن سياق السياسيين الأوربيين، وهو مما لا يرضي هؤلاء قطعاً.

بناء على كل ذلك فإننا بحاجة لقراءة واقعنا بصورة غير مخادعة بالشكل الذي يفضي بنا إلى تشخيص دقيق لما يعتورنا من نواقص ومعوقات، ولما نمتلكه من إمكانات ومقوّمات، ومعها لا بد من تشخيص دقيق لسؤال جوهري يتعلق بالذي نريده بالضبط، فما لم نشخّص ما نريد بدقة، لن نتمكن من تحقيق سبل انقاذ الأمة والخروج بها من سباتها الطويل، شريطة أن لا تخدعنا الآليات التي تريد أن تعيدنا إلى نفس الدوامة التي نريد أن نتخلص منها.

من السهل أن نتخذ الطريقة الفوضوية سبيلاً لإقناع أنفسنا بأننا نحاول أن نخرج من القمقم الذي تم حشرنا في داخله، ويمكن للكثير منا أن يبقوا على أساليب العبث لكي يقنّعوا أنفسهم بالسخرية مما يحيونه، وهي سخرية قد تخفي في داخلها الهروب من الأزمة، أو القبول بمخدرها وأفيونها نتيجة الشعور بالعجز أو الترهل، أو للإعراب عن حالة الرغبة بالتمرد على هذا الواقع بطريقة غير مباشرة، ولكن يجب الحذر من كل ذلك لأن هذه آليات الدوامة نفسها، فلقد كان الأدب العابث الذي أخرجته الفلسفة الأوربية من بعد الحرب العالمية الثانية كما في أدب سارتر وكولن ولسون وألبير كامو ونظرائهم كفيلاً بأن يصرف ملايين الشباب الأوربي والأمريكي إلى أن يتحوّلوا إلى آلات تعمل ضمن ماكنة الدولة، حتى إذا ما أريد لهذه الآلات أن ترتاح لكي تعاود عملها ضمن هذه الماكنة كانت موجات الهيبيز والروك أندرول والبانكس وأمثالها التي عمت أوربا في الستينات والسبعينات من القرن الماضي وصولاً إلى إيقاعات موسيقى البوب والجاز الأمريكية والسامبا الأمريكية البرازيلية التي لا زالت صاخبة ليومنا بمعية الأطنان من المخدرات والمشروبات الروحية المرعية من قبل نفس الماكنة، والمقننة من نفس النظام، هي المجال الذي يقنّع عملية الإستغباء والإستحمار العارمة التي تعمّ هؤلاء، لكي ينسوا استباحة إنسانيتهم ويبقوا مجرد آلات تتحرك من يوم الاثنين إلى الجمعة، فيما يكون يوم السبت والأحد هي الأيام التي يجب ان يغرقوا فيها في داخل أتون ما يراد لهم من عبث، أو أن يحاولوا لعق جراحاتهم التي لم يملكوا وقتهم طوال أيام العمل الأسبوعي للعقها، والهدف دوماً أن تتماهى إنسانيتهم التي تم تجريدها من النظر إلى السماء وتعميق ارتباطها بالأرض، لتكون أسيرة القدر القاسي كما ينظّر إلى ذلك سارتر ونظرائه، مما يدفعهم للعودة إلى نفس الماكنة التي سيتم الحرص عليها وعلى ديمومة حركتها، لأنها هي الوحيدة التي تكفل لهم الاختباء من قسوة القدر، أما الحديث عن النظر إلى قباحة ما يقفون عليه من دماء الشعوب وجراحاتها التي يتسبب به النظام الذي يحمونه ويعملون فيه كآلات فإنه حديث مترف لا وقت لهم بمتابعة فصوله.

وللحديث تتمة تأتي لاحقاً إن شاء الله.

الرابط الخاص بالمقال: http://www.sh-alsagheer.com/index.php?show=news&action=article&id=1003

المقال الأول: http://www.sh-alsagheer.com/index.php?show=news&action=article&id=972

المقال الثاني: http://www.sh-alsagheer.com/index.php?show=news&action=article&id=977

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
عبدالامير علي
2013-04-17
الاخ الدكتور حسين الشويلي المحترم.... هل تعتقد ان كتابة مقاله فلسفيه مثل الرد عليها ؟ اشد حذري هو الوقوع بقصد الشاعر ابي نؤاس فقلْ لمنْ يدَّعِي في العلمِ فلسفةً.......حفِظْتَ شَيئًا ، وغابَتْ عنك أشياءُ اول اتهامك لي بأني تعجلت الرد على مقالة شيخنا الفاضل.... وانا قد قرأتها اكثر من عشرين مره لسبر اغوارها ولفهمها فهما يليق بصاحب المقال لغرض التعليق عليها.... ليكن واضحا وضوحا جليا لجنابك الكريم اني لست بعمران الصابئي وليس شيخنا هو الامام الرضا عليه السلام وكلامي هذا ارجو ان لايفهم خطأ ايضا فالقصد منه ان الكل معرض للخطأ والصواب ولكن بتفاوت..... وايضا للتوضيح :ان المقاله الفلسفيه او الفلسفه لاتحتمل الخطأ الاملائي او الخطأ اللفظي لما سيتسبب ذلك في تغيير الكثير من المعاني وانحراف القصد. هذا نص كلام شيخنا الفاضل بخصوص التحليل ((وهذه المهمة يجب أن تتوخى الحذر من الوقوع بأفخاخ التحاليل التي تحاول أن تبعد الأنظار عن مكامن القوة الحقيقية، وعن مواطن الضعف الأساسية، وهذه أفخاخ يتعدد صانعوها، ولكنها تبقى واحدة من أهم المعوقات أمام أية نهضة.)) لاحظ كلمة بأفخاخ التحاليل...!! لنفترض اني محلل فكيف اضع امام نفسي فخاخا هذا في الشطر الاول من مقالة شيخنا الفاضل ....وفي وسطها يتبين ان فخاخي التي هي من صنع يدي هي من اوقعتني ...وفي شطرها الاخير يتبين ان الفخاخ لها صناع غيري ايضا كمحلل...فيكون شيخنا كمن نهى المحللين عن التحليل وكان الاولى صياغة هذا المقطع بالطريقه الاتيه ((وفي هذه المهمه يجب علينا ان نتوخى الحذر من الوقوع بأفخاخ يتعدد صانعوها ليضعوها امام من يحاول التحليل ليبعدوا الانظار عن مكامن القوه الحقيقيه وعن مواطن الضعف الاساسيه لان هذه الفخاخ واحده من اهم المعوقات امام اية نهضه )) وان لم تقنع بكلامي هذا استشر من تراه جديرا باللغه ومعانيها وعطفها ومعطوفها... اما موضوع الايديولوجيه الواحده فقبله يتوجب علينا ان نسأل السؤال التالي هل هذه المقاله هي مقاله اسلاميه ام مقاله فلسفيه اسلاميه ام هي مقالة تفاضل بين النظريه الاسلاميه والنظريات الاخرى ليتسنى لنا فهم نقاط الاختلاف وعليه ننطلق بالتحليل والدفاع كلٌ حسب ايمانه بما يراه من نظريات علمانيه كانت ام دينيه تحليله او نفسيه .سلوكيه او وجوديه اشتراكيه او رأسماليه... ((ولست هنا في صدد التحدّث عن الأيديولوجية الواحدة ـ وإن كنت مؤمناً بضرورتها وأحقية الالتزام بهاـ ولكن التحدّث عن الواقع لا بد من أن يقترن بعملية عزل بين ما يريده الأيديولوجي، وبين ما هو كائن على الأرض)) فهل اوضحت لنا ياسيدي الكريم بين ان يكون مؤمنا ((بضرورتها )) وبين ان يكون مؤمنا بها ؟؟؟ فكونها ضروره فكثيرا من الضرورات اباحتها المحضورات..اما ان يكون مؤمنا بها فهذا منطلق يختلف كل الاختلاف عن الضروره فالايمان بها يجعلها من الثوابت لامن المتغيرات حسب الضروف. واقول اذا هذا هو العزل الذي يتوجب على الايديولوجي مراعاتهِ فهل وصل شيخنا الفاضل (بمقالته) الى تلك المرحله أي مرحلة العزل بما يكون مؤمنا به وبما هو على ارض الواقع؟ شأنه شأن اي اسلامي حاول ان يجد الوسطيه فلم يستطيع لان ايمانه هو مايجعله يفند كل ايمان آخر ....المقاله فلسفيه بحته وهي ماجعلت منها ذات نهجين فقط فمهاجم ..ومدافع فكان الاولى ان تنطلق المقاله انطلاقه اخرى وهي التفاضل بين النظريات والاسلام كنهج وليس كفلسفه فالفلسفه اصبحت تابعا للنهج وليس العكس وهل الاسلام نظريه ام دين؟ اما قولك ولا أعرف من أين جاء الأخ عبد الأمير بالقول بأن التفكيكية هي من أوجد نواة الأشياء، بصورة ((يجعلني )) (وهذا خطأ املائي وقعت به )وكان الاولى ان تقول بصوره تجعلني أشك بأن الأخ عبدالأمير يعرف الفلسفة التفكيكية.... فسأنقل لك ماقاله ديردا رائد هذه الفلسفه في القرن العشرين.. يقول ديردا عن هذا المصطلح أنه إمكانيه كبيرة لفحص منظومة الخطاب الفلسفي الغربي عبر قرونه الممتدة زمنياً ، والمكتسِبه لخصوصيه معينه في كل لحظةٍ من لحظاتها ، بوصفها المراحل المتعاقبه للبناء التدريجي للفكر الأوربي الحديث ، ويكشف هذا المعطى في الوقت نفسه عن التأمل الفلسفي المتعالي ، ويعمل على تعريته وتمزيق أقنعته بوصفها رواسب حجبت صورة الحقيقة.انتهى قوله وهل الحقيقه ألانواة مجرده ياسيدي الكريم؟ وبالعوده الى ميكافيلي ومقولته الشهيره الغايه تبرر الوسيله ...اليس ياسيدي الكريم ان كل من تبنى الايديولوجيه الواحده او سعى الى ادلجة المجتمع ضمن فكر محدد قد استخدم او ارتكز على الميكافيله بقولها آنف الذكر واليك بعض خصائص الايديولوجيا حتى لانختلف مجددا: 1-يجب أن تكون لها سلطة على الإدراك. 2-يجب أن تكون قادرة على توجيه عمليات التقييم لدى المرء. 3-يجب أن توفر التوجيه تجاه العمل. 4-يجب أن تكون متماسكة منطقيا. وللعلم فقط هو مصطلح عام وليس خاص ولست مغفلا لكي اخلط بينها وبين السلوك . وعوده الى موضوع السلفيه فلست جاهلا بالتاريخ هذا الجهل الكبير الذي وصفتني به بحيث اني لااميز ابن تيميه من ابن حجر وغيره ممن كانوا الرعيل الثاني وليس الاول في التكفير وسلسلته ولكن كما قال المؤرخون (اعتبر سيد قطب من أوائل منظري فكر السلفية الجهادية وذلك منذ ستينيات القرن العشرين.) ولست من هواة العلمانيه لكي اطبل وأزمر لما يقولون انما هي حقائق اوردتها فقط.وفي كتابه معالم في الطريق سندا لما اقول وكما اوضح جنابك الكريم بقولك (وهذه من جملة تشنيعات العلمانيين ضد الإخوان المسلمين،) فلست مطالبا لك الا بقراءة فصل (الجهاد في سبيل الله ) في كتابه الذي اشرت اليه ..... ولقد اتهمتني بأبني مؤمن ببافلوف بقولك((ما إيمانك بنظرية بافلوف في الإنعكاس)) فأحب ان تراجع تعليقي لو تفضلت ليبين لجنابك الكريم اني لم اقل بأيماني بها وانما قلت بأن الغرب هو من آمن بها واستخدمها استخداما لايليق بها على البشر وذلك عطفا على مقولة شيخنا دام ضله ((الاقتصادي وهيمنته على كل شيء كما فعل الماركسيون أخطأوا وأصابوا في آن واحد، فقد أخطأؤا بتعميم التفسير بالعامل الاقتصادي،)) ولن اناقش مع جنابك تاريخ نيتشه فلازلت ارى مارايته سابقا والحكم بيني وبينك تاريخ نيتشه وحياته وفلسفته ..... يقول سقراط (معرفتك بأن لا تعرف شيئا...تجعلك أذكى الناس) لنكن دائما مقتنعين بأننا لانعرف شيئا لكي نتعلم كل يوم شيئا جديدا .....دام شيخنا الفاضل معلما ودام ضله ودمت اخي الشويلي لنا اخا نعتز بكلماتهِ.... تقبل مني خالص تقديري واعتزازي
د. حسين الشويلي
2013-04-16
تعجّل الأخ عبد الأمير علي بالحكم على مقالة سماحة الشيخ الصغير بشكل مدهش ومثير للعجب، فلقد قوّله ما لم يقل حينما أدعى أن سماحة الشيخ في مقاله أن التحليل هو نوع من أنواع الأفخاخ، بينما كان حديث سماحة الشيخ يحذّر من أفخاخ توضع أمام التحلل الموضوعي والدقيق، فتخدع المحلل أن ينال الحقيقة، لأن المطلوب لأصحاب هذه الأفخاخ هو ان لا يسمحوا برؤية الأمور على حقيقتها بل كل همّهم أن يدلّسوا الأمور عبر أفخاخ يضعونها تبدو وكانها الحقيقة ولكنها هي في واقع الحال تفضي إلى نتائج مخادعة، ولو ان الأخ عبد الأمير أتعب نفسه وطالع المقال باجزائه السابقة فضلاً عما لحق به لكفاه عناء هذه الملاحظة التي رتب عليها أثراً وراح يعض باهمية التحليل الموضوعي بينما كل مقال سماحة الشيخ هو دعوة صارخة لإنجاز هذا التحليل، وبالتالي فإن ما عناه بالتناقض يرد عليه تماماً، لأنه ناقض نفسه حينما بنى لنفسه فرضية لا وجود لها في المقال أصلاً. وما يثير العجب أيضاً أن يقول بأن سماحة الشيخ يدعم الأيديولوجية الواحدة وإن كان يحاول أن يخفي ذلك، في وقت كان سماحة الشيخ قد صرح في مقاله وبوضوح انه يؤمن بالأيديولوجية الواحدة، فهو كأي إسلامي يتبنى أيديولوجية واحدة هي الإسلام، وكأي مفكر لابد من أن يربط نسقه الفكرى ضمن بناء فلسفي واحد، ولا يمكن أن يبنيه بعملية تلصيق من هنا وهناك، لأن ذلك سيؤول إلى تناقض واضح، بل على العكس لا بد له أن يشيد بناءه الفكري منطلقاً من قواعد واحدة تؤدي إلى منظومة فكرية واحدة تنسجم فيها التصورات عن الكون وعن الطبيعة وعن الوجود الإنساني بشقيه الفردي والاجتماعي وأي إخفاء لذلك في مقاله حينما يقول بالنص: ولست هنا في صدد التحدّث عن الأيديولوجية الواحدة ـ وإن كنت مؤمناً بضرورتها وأحقية الالتزام بهاـ ولا أريد الخوض هنا في شأن أحقية الأيديولوجية الواحدة أو عدمها فهذا شأن آخر، ولكن انتقاد المقال لأنه يؤمن بالأيديولوجية الواحدة يستدعي نقاشاً قبل الانتقاد في هذا الموضوع بالذات وقبل التوجه إلى غيره، لأن من الخطأ معرفياً الكيل بمعايير مختلفة في التقييم، إذ لا يصح محاسبة الماركسي الذي يؤمن مثلاً بنفي الإلوهية بمعايير أن الرسول ص قال خلاف ذلك، فهو لا يؤمن بمن أرسل الرسول ص وعليه على النقاش أن يرجع إلى الأصل وهو إثبات الإلوهية ثم النزوع منه إلى التفاصيل ولا يصح القفز على كل ذلك. ولا أعرف من أين جاء الأخ عبد الأمير بالقول بأن التفكيكية هي من أوجد نواة الأشياء، بصورة يجعلني أشك بأن الأخ عبد الأمير يعرف الفلسفة التفكيكية، وبالرغم من أن سماحة الشيخ مر على المصطلح مروراً سريعاً، ولم يتوقف عنده لأنه كتب مقاله بوضوح إلى النخبة الفلسفية، ولهذا افترض ان الإشارة إلى المصطلح لوحدها تفسره لديهم، إلا ان الإدعاء بأنها اوجدت نواة الأشياء هو إدعاء غريب جداً، فالتفكيكية إتجاه للتعامل مع الظواهر بتفكيكها عما يعلق بها من ارتباطات وأخذها بشكل مجرد عما سواها، ولا أدري ما علاقة إيجاد نواة الأشياء التي خرج بها علينا الأخ عبد الأمير بمثل هذه الأمور، ولو دقق الأخ بكيفية الموازنة التي يعقدها سماحة الشيخ بين التفكيكية والبنيوية لوجد أن الشيخ يرفض الأخذ بالإثنين معاً لو أنهما عزلا عن بعضهما، وكأنه يقبل بعملية الخلط ما بين الاتجاهين، فهو يرى إن تفكيك الأشياء عن بعضها وسلخها عن بيئتها يمثل خديعة، وفي نفس الوقت يرى أن ربط الأشياء ببعضها من دون النظر إلى الهوية الذاتية لهذه الأشياء هو الآخر خديعة. أما حديثك يا أخي عن ميكافيللي بأنه يؤمن بالأيديولوجية الواحدة فهو مما يضحك، إذ أن من أبسط المفاهيم التي يعتمدها ميكافيللي هو أنه يحرر نفسه من أية معيار ويضع كل همه هو كيفية البقاء في الحكم والسلطة، فأين هذا من الأيديولوجية الواحدة؟ ولعلك خلطت بين الأيديولوجية والسلوك، ولو فعلت؟ إذن لا رتكبت خطئاً كبيراً. وما يضحك أكثر ادعاءك أن السلفية أفرزت على يد سيد قطب، ولا أدري ممن اخذت ذلك وكيف توهمت ذلك فهو ينطوي على مغالطة فاحشة للتاريخ، فالسلفية تيار سابق جداً لا يتوقف عند ابن تيمية بل يمتد إلى أيام أحمد بن حنبل، ولعلك مرة أخرى خلطت بين مجاميع التكفير وبين السلفية، إذ يدعي بأن مجاميع التكفير خرجت من رحم كتاب معالم في الطريق لسيد قطب، وهو أمر اجد فيه تحميلاً على ما لا يحتمل، فالتكفير موجود قبل سيد قطب، وهذه من جملة تشنيعات العلمانيين ضد الإخوان المسلمين، لأن حملات التكفير كانت موجودة في هجمات الحنابلة على الشيعة في أيام العباسيين، واستعرت بشكل أكبر في أيام سليم الأول العثماني. أما إيمانك بنظرية بافلوف في الإنعكاس الشرطي فهذا ما صح في السلوك الحيواني ولكن في السلوك الإنساني فقد ثبت فشله وخطأه بشكل ذريع جداً، ولا يمكننا أن نفسر السلوك الإنساني بهذه الطريقة، بل إن هذا وهم من أوهام الفلاسفة من بلاشفة الروس، لوضوح أن لكل إنسان هويته الخاصة التي لا تشبه هوية الآخرين، وبالتالي فإن ما يصح عند احد في مرة قد لا يصح معه في مرة أخرى، فضلاً أن يصح لدى الآخرين، فالبخيل والكريم تختلف استجاباتهم للشرط نتيجة للعوامل التي جعلت أحدهم بخيلاً والآخر كريماً، ونفس الأمر للشجاع والجبان وللحليم والغضوب. أما حديثك عن نيتشه ففيه أكثر من خطأ، فليس نيتشه سابق للرأسمالية الألمانية بل العكس، وليس هو الأب الروحي للوجودية، بل إن الوجودية كانت إفرازاً مضاداً لما تسبب به نيشته في مقولاته عن الرجل السوبرمان، وإعادة الوجودية لأسطورة سيزيف الرومانية تكشف أنها على الضد تماماً من مقولة نيتشه حول الرجل القوي الذي يدحر كل شيء ويجب ان يستسلم له كل شيء. وبالرغم من عدم تطرق سماحة الشيخ لمناقشة أفكار كانت وغيره فإنه عرض للنتائج السياسية لأفكاره، أما يكون ثورة فهذا ضمن التقييم الأوربي والمجتمع الأوربي وهو أم لا يعنينا بشيء لوضوح أن الكثير من أفكار كانت تخالف معايير الإسلام، ويمكن الرد عليها بسهولة أيضا. وتعقيباً على ما كتبه صباح موسوي فإن اعتقد أنه حمّل مقالاً فلسفياً فيه الكثير من التعقيد ما لا يحتمل، وأسقطه على الواقع السياسي العراقي بطريقة غير مناسبة، فالمقال كما تابعته منذ البداية أكبر من الساحة العراقية ومشاكلها المعاصرة، ولعلي أكاد أرى أن مشروعاً حضارياً كبيراً يندفع لبنائه سماحة الشيخ وهو أمر يدفعني إلى أن انتظر بكل شغف تكملته، لأننا اعتدنا أن نجد مشاريع العلمانيين تطرح علينا بكل سقمها، ولم نجد من الإسلاميين طرحاً يندفع بهذه الطريقة التي يندفع إليها مقال أفكار بلا عواطف، وأخشى ما أخشاه أن لا يتمّ سماحة الشيخ مهمة الكشف عن الركام الذي يعتلينا ومن ليكشف لنا الطريق الذي ضيعته علينا نظم العلمانيين وأشباه الإسلاميين.
abdalameer ali
2013-04-15
تعليق على موضوع افكار بلا عواطف لسماحة الشيخ جلال الدين الصغير دام ظله...... لندخل في صلب الموضوع.... اوضح سماحته بأن التحليل هو نوع من انواع الفخاخ التي تعوق اي نهضه حضاريه وربما شمل ايضا النهضه الفكريه من خلال ماأوضح في المقال.. فعلى العكس تماما نجد ان التحليل الموضوعي والنقد البناء لأي فكر او نهضه هي محاوله لتقويمها وأصلاح الضرر الذي صاحب انفجار تلك النهضه فكريه كانت حضاريه او عقائديه وهو اي التحليل.. المحرك الاقوى لأستمراريتها بالارتقاء والتطور والتناغم مع كل جديد فكري فلا تبقى متقوقعه في مفاهيمها التي ستغدو باليه اذا انعزلت عن العالم الفكري... اقتبس المقطع الاتي ((كما أن أية عملية تحليل لهذا الواقع يجب أن تكتشف المحرك الحقيقي لهذا الواقع)) وهذا تناقض واضح المعالم لما اوضح في بداية المقال.....! على العكس تماما فكلما تعقدت الحياة الاجتماعيه كلما كان الفرد المعاصر لتلك التعقيدات نشوءا هو اكثر ادراكا ووعيا لها فهو مُزِج بها شاء ام ابى وعليه قراءة الطريق وفرز الالوان لكي يكون اكثر ادراكا لموطئ قدمه على تلك الطريق فمثلا نجد ان الكثير من المغتربين لازالوا متقوقعين في انعزاليه شديده عن المجتمع الذي اصبحوا طارئين عليه او شذّ اغلبهم لمحاولته مجاراة تلك المجتمعات التي لايعرف عن مفاهيم نشوءها وارتقائها لذلك اصبح كمن لايعرف السباحه وارغم على القفز في الماء فأدت حركاته العشوائيه الى اغراقه تماما وهذا ليس تصريحا مني بصحة افكار تلك المجتمعات وانما توضيحا لمعايشة الفرد منها لسلوك المجتمع الذي نشأ فيه فأصبح يراه كمن يرى صوره ملونه وليست بالابيض والاسود فقط.... من خلال المقال نجد ان سماحته يدعم الايديولوجيه الواحده بالرغم من محاولته اخفاء تلك الحقيقه التي تتضح جليا بين السطور ...هذا بحد ذاته سيعيدنا الى موضوع التحليل فكيف اباح لنفسه ماجعله خطأ منذ البدايه؟؟ أليست الأيديولوجية الواحده بنيت على نقد جميع مخالفيها وتفكيك نظرياتهم بأظهار عيوبها المستوره ونسيت ان لكل نظريه عيوبا ومنتقدين ومناهظين لها؟ بأعتراف سماحته : بأن التعرجات التي تصاحب المسيره الاجتماعيه واقراره بأنها تعرجات فقد وهب لنفسهِ حق التحليل للنهضه ايما كانت.. واذا كان كاتبنا الجليل لاينزع الى الفلسفه التفكيكيه فهي بحد ذاتها من اوجدت نواة الاشياء. التفكيكية أمر أساسي لكثير من المجالات المختلفة لفكر ما بعد الحداثة بما في ذلك ما بعد الاستعمارية كما يتبين من خلال كتابات الكاتبه الهنديه (غاياتري سبيفاك). وانا اقراء المقال طالما راودني احساس الشموليه وتذكرت (جيوفاني أمندولا) هذا الذي وقف متحيرا مماصنعت يداه بالشعوب نتيجة الأيديولوجية الواحده. قبل الخوض في المسأله التوفيقيه اود ان اعرج على (ميكافيلي) الذي تتخذ الايديولوجيه الواحده من مقولته الغايه تبرر الوسيله طريقا لدحر جميع مخالفيها ولكن بطرق مبطنه. لنقول ان الفلسفه التوفيقه او المدرسه التوفيقيه فشلت فشلا ذريعا وذلك لفشل من نادى بها من امثال (محمد عبده) كما اوضح بذلك (سيد قطب) في قوله: إن عملية التوفيق كانت سذاجة كبيرة..علما انها مدرسه مصريه بحته فهي من افرزت السلفيه على يد (سيد قطب) بعد ان كان مؤمنا بها لفتره ليست بالقصيره بقوله كانت سذاجه كبيره وهذا اعتراف منه بخطئهِ الكبير وللاسف نجد ان حزب الدعوه مؤمنا بها ولازال برغم من انكار مُثلِهم العليا لها من امثال (سيد قطب). وهذا مااطربني في مقولة شيخنا الفاضل دام ضله فرحا وأبتهاجا بتفنيد تلك المدرسه التي ندعو الله بمحو أثرها وأثارها من ديننا ودنيانا. أتفق مع سماحته بقوله ((الذين تبنوا نظرية عالم النفس النمساوي سيجموند فرويد الخاصة (S. Freud) باعتبار العامل الجنسي هو المفسّر الوحيد للواقع وهو الذي يقف وراء السلوك الفردي والاجتماعي، هم أيضاً أصابوا وأخطأوا فالجنس أحد المفسرات للواقع)) واضيف ان ماانتجته تجارب ((إيفان بتروفيتش بافلوف)) على الكلاب في المنعكس الشرطي للادراك قد تم تطبيقه على الواقع الانساني في الغرب بواسطة النظريه الرأسماليه تطبيقا حرفيا وهو كالاتي عملية الارتباط الشرطي التي مؤداها انه يمكن لأي مثير بيئي محايد أن يكتسب القدرة على التأثير في وظائف الجسم الطبيعية والنفسية إذا ما صوحب بمثير آخر من شأنه أن يثير فعلاً استجابة منعكسة طبيعية أو اشراطية أخرى. وقد تكون هذه المصاحبة عن عمد أو قد تقع من قبيل المصادفة. وهذا ايضا مابرمجته الرأسماليه برمجه عجيبه لصالحها متمثله ((بالشركات الرأسمالية الكبرى هي من يمسك بخيوط هذا النظام ويحركه ويوجهه)) كما اوضح سماحته.. أن الفيلسوف الالماني (فردريك نيتشه) قد سبق الرأسماليه الالمانيه بفتره قصيره فهو قد ولد عام1844 واختفى عام 1900 بعد ان اصيب بالزهايمر وكاتبه عن الانسان الخارق (هكذا تكلم زرادشت) وكما قال عنه (جورج لوكاش لقد كان نيتشه مؤسس اللاعقلانيه في المرحله الامبرياليه) يُعدّ (نيتشه)إلهام للمدارس الوجودية وما بعد الحداثة في مجال الفلسفة والأدب في أغلب الأحيان روج لأفكار توهم كثيرون أنها مع التيار اللاعقلاني استخدمت بعض آرائه فيما بعد من قبل أيديولوجييّ الفاشية وتبنَّت النازية أفكاره. رفض نيتشه الأفلاطونية والمسيحية الميتافيزيقيا بشكل عام ودعا إلى تبني قيم جديدة بعيداً عن الكانتية والهيغيلية والفكر الديني.. وبالرغم من هذا فأنا ممن يقولون بوفاته وهو اقرب للاسلام وهذا مانقراءه واضحا وجليا في نشيد( زارا) في الفصل الاخير من كتابه هكذا (تكلم زرادشت). واما عن عمانؤيل كانت ففي كتابه تأسيس متافيزيقا الاخلاق ودعوته لاصلاح الذات البشريه فهي ثوره بحد ذاتها اضافة الى محاولاته الفذه في اصلاح نظرية المعرفه... واما ماذهب اليه شيخنا دام ظله الوارف في الدعوه الى عدم اعدام الفلسفه الاوربيه او الحكم عليها بالنفي المطلق بقوله ((فيها ما يمكن أن يقبل ,وفيها ما يمكن أن يرفض)) فهذا القول هو الدليل العلمي على سعة هذا العقل الذي انجب هذا المقال الذي انتقدناه بحروفنا وكلماتنا التي هي كالثرى امام الثريا .... دمتم شيخنا الفاضل منارا للعلم والعلوم ودام ظلكم الوارف برحمة من الله انه سميع مجيب عبدالامير علي 15/4/2013
صباح موسوي
2013-04-12
افكار بلاعواطف (3) ان موضوع افكار بلا عواطف لسماحة الشيخ جلال الدين الصغير (حفظه الله) هو موضوع يحتوي مادة دسمة وافكار يفهمها النخبة التي تستطيع ان تستوعب كلام الشيخ خصوصا مابين السطور التي ربما كانت اقوى من السطور ، وهو موضوع فكري فلسفي يحاكي العقل بدلائل وبراهين رائعة . في بداية الموضوع يرى الشيخ جلال الدين ان الشعوب والامم يجب ان تكون قادرة على تشخيص عللها لان تشخيص العلة امر غاية في الاهمية وذلك لان التشخيص الدقيق (للمرض) يساعد في وصف الدواء الملائم ،انه يريد ان يقول لنا يجب ان نشخض (مرضنا السياسي) واين نقاط الضعف وكذلك النقاط الايجابية ، وتحديد نقاط الضعف ومعالجتها من اهم الامور وهي الركائز الحقيقية لبناء الاوطان والشعوب ، بالشكل الصحيح ، ويرى الشيخ ايضا ان القوى والحضارات المستعبدة للشعوب ( شعوب المنطقة خصوصا) تعمل جاهدة على ابقاء المنطقة غارقة في الظلام والمرض دون ان تشعر هذه المنطقة بالمصية الواقعة على رأسها ، وينبه الى ان ليس كل شيء (يلمع وبراق) هو ذهب ، وهي اشارة واضحة الى الحذر من الاستعمار والاحتلال الحديث. يحذر الشيخ من اختلاط الاوراق (السياسية) والتي يرى انه يجب ان يكون هناك (عقل) يستطيع التمييز والفصل بين الاوراق الجيدة والسيئة ، وكأن لسان حاله يقول ان الامور والاوضاع السياسية المعقدة في بلادنا بحاجة الى عقل وشخصية قادرة على ان تأخذ بزمام الامور وفرزها بالشكل الصحيح المستمد من الواقع خصوصا مع وجود هكذا شخصية. ان الشيخ ( حفظه الله) يشدد على انه يجب ان لانأخذ اي قضية من جانب واحد او زاوية واحدة كما يجب ان ترجع الامور الى جذورها ، انه ببساطة يرى ان كل قضية حتى وان كانت بسيطة فانه يوجد اكثر من عامل في تكوين هذه القضية وعليه يجب ان لانأخذ اتجاه او جانب واحد من القضية ونهمل باقي الاتجاهات ، وهو بكلامه هذا ايضا يشير الى وضعنا الحالي الذي واقعه متشابك وعليه ان نأخذ وننظر في جميع الامور والاتجاهات. لقد استعرض الشيخ بشكل موجز اهم النظريات الفلسفية في القرن الماضي وما قبله خصوصا ابان الثورة الفرنسية ، فيذكر لنا الوجودية والماركسية والبراغماتية وغير ذلك الكثير وما هي ايجابيات وسلبيات هذه النظرية او تلك ، وبعد استعراضه لهذه الفلسفات والنظريات يبين لنا انها في حقيقتها كانت مبررات للقيام باعمال كل حسب مصلحته السياسية والفكرية . ان الشيخ (حفظه الله) يدعو الى الشخص المناسب في المكان المناسب اي وجود الاصلح،ضاربا لنا مثل غاية في الروعة والدقة ( وضع محرك سيارة بدل قلب انسان !) كذلك هي اشارة الى رفض الدعوات والحضارات الغربية التي تريد تدمير جسم الامة، انه يحذر من القوى الاستكبارية والاستعمارية التي لاتريد الخير للشعوب (شعبنا وشعوب المنطقة) ، ففي الوقت الذي تنعم فيه شعوب القوى الاستعمارية بحياة سلمية وامنة نرى ان القوى الاستعمارية تعمل على تقوية الانظمة الدكتاتورية في المنطقة خصوصا الدول العربية. ان الشيخ يدعو الى تشخيص الواقع (واقعنا) الحالي حتى نستطيع ان نجد حلولا جذرية ومنطقية وليس انية احادية ، ويحذر من الخداع بحضارة او فلسفة خارجة ونابعة من قيم وثوابت بعيدة عن مجتمعنا ، وينبهنا الى ان عدونا ما انفك يريد الشر لنا. وينبهنا الشيخ ايضا الى امر غاية في الدقة والخطورة وهو ان فلاسفة الغرب في الحقيقة هم دعاة لسياسات معينة تريد احتلال وقتل الشعوب الضعيفة ولكن حسب مبرراتهم الخاصة بهم . كذلك يحذرنا من الاحتلال والاستعمار والانجرار نحو اهداف العدو الحقيقية دون شعور بعد ان تم تخديرنا بأمر ومسكنات تلهينا عن واقعنا وعن القضية الحقيقية . انه يدعو وبكل بساطة الى اخذ الامور والنظر اليها من خلال العقل لا العواطف. من الوكالة: أخي الكريم هذا التعليق لا علاقة له بالموضوع بل هو تلخيص لبعض ما جاء في الحلقة الثالثة من مقالات سماحة الشيخ حول أفكار بلا عواطف
saad alzaidy
2013-04-07
المطلوب من الذين أُتمنوا على مقدرات البلاد أن يقولون بصريح العبارة أن ما نريد الوصول اليه هو كذا بالمقايس العالمية وسوف نصل اليه بزمن كذا ( وأنا بذلك زعيم )
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك