خضير العواد
يعتبر هذا اليوم نقطة التحول الكبير من الدكتاتورية المستبدة الى الحرية المفرطة التي لا تضبطها ضوابط ولا تقننها قواعد ، ومهما نكتب عن مدح هذا اليوم فلا يمكن لنا أن نحتويه لعظمته وأهميته في قلب كل مظلوم من أحرار العراق الذين أعطوا الضحايا زرافات زرافات من أجل الوصول الى هذا اليوم وهو التخلص من أعتى دكتاتور عرفته البشرية ، ولكن السؤال الكبير هل كنا بقدر هذا التغير؟؟؟ وهل كنا مهيئين أنفسنا لهذا التحول ؟؟؟؟ ، فالإجابة على هذه التسائلات لا تعني طعناً أو تقليلاً من عظمة يوم التغير ، ولكن يجب أن نعلل لماذا ضاعة الفرحة العارمة ما بين الأحداث التي يعيشها الشعب العراقي منذ التاسع من نيسان عام 2003 الى يومنا الحاضر، وأصبح القلق يعشعش في كل أفكارنا وقد سرق النوم من عيوننا ونحن نتابع الأخبار والمستجدات في كل يوم ، التغير كبير وعظيم ولكن هناك عوامل مهمة قد صغّرت حجم التغير وجعلته عند بعض المواطنين مجرد تحول من نظام الى نظام أخر بسبب السلبيات التي رافقت العملية السياسية التي يعاني منها الشعب العراقي بجميع طوائفه ، وهذه العوامل تنقسم الى خارجية وداخلية ، فأغلب الدول العربية رفضت التغير الديمقراطي في العراق وصعود الأغلبية الى مصادر القرار بعد أن كانت تعاني والظلم والتهميش لأكثر من 1400 سنة ، وقد قاومت الدول العربية وخصوصاً السعودية وقطر هذا التغير بشتى الطرق ، فقد دعموا الإرهاب دينياً من خلال فتاوي وعاظ السلاطين ومادياً وتسليحياً وإعلامياً بالإضافة الى أرسال الإنتحاريين ، وقد حاربوا حكومة العراق المنتخبة سياسياً من خلال قطع العلاقات بل دفع الحكومات الى عدم إقامت علاقات دبلوماسية مع الحكومة العراقية وأصبح العراق شبه معزول عن محيطه العربي لعدة سنوات بالإضافة الى عرقلة أي توجه عربي أو دولي لإعادة العراق الى الساحة الدولية والعربية بمختلف الأساليب والخطط والمؤامرات ، وقد دعمت هذه الحكومات مجاميع معينة ذات بعد طائفي لكي تثير الطائفية من أجل تدمير العملية السياسية من الداخل بل دفعت هذه الحكومات المليارات من أجل إفشال التجربة العراقية وعلى أقل تقدير إضعافها ، وأما العوامل الداخلية فتتمثل بالكتل والشخصيات السياسية التي أشتركت في بناء الدولة العراقية ما بعد التغير ، فهذ الكتل جميعها لم تكن بالمستوى المطلوب بل كانت دون المستوى ولم ترتقي الى مستوى تغير النظام الدكتاتوري بأخر ديمقراطي ومن العبودية المستبدة الى الحرية المطلقة الذي حدث في ذلك اليوم ، فهذه المجاميع قد تفشى فيها الفساد الإداري ولا يمكن لنا أن نفرق ما بينها في هذا الأمر فقد كانوا جميعهم على مستوى عالي من خفت اليد وكبر الجيب وضعف الضمير، فقد أختفت مليارات من الدولارات من غير أن يحدث تغير يذكر في البنية التحتية من ناحية المشاريع الخدمية أو الإستراتيجية وكذلك الإستثمارية أو السياحية ، وقد كانت هذه المجاميع عادلة من ناحية توزيع الفساد الإداري ما بينها حتى أصبح الفساد الإداري يسترزق به أصغر موظف الى أعلى رأس الهرم الحكومي في الدولة العراقية بل تتصارع الكتل السياسية من أجل وزارة معينة لأن حصتها من المشاريع أكبر ومن ثم يكون الفساد أوسع ، وقد أختلفت الكتل السياسية في غاياتها وأهدافها فلم يكن العراق القطب التي تدور حوله كل الأفكار بل كان العكس لبعض الكتل ، ومن أجل ذلك فقد عملت هذه الكتل الى عرقلة أغلب المشاريع التي تدعم حركة النهوض في جميع المجالات ، فالمتتبع للعملية السياسية يلاحظ إن البرلمان العراقي لم يصوت على أغلب القوانين التي تهم عصب التطور في العراق الجديد إن كانت قوانين إقتصادية أو سياسية أو عسكرية بل كانت العراقيل تُمَد من قبل هذه الكتل وخصوصاً الكتلة العراقية وبعدها تأتي كتلة التحالف الكردستاني ، فقد أصبح الأمر مؤكداً للجميع أن أغلب قيادات القائمة العراقية لا يتحركون إلا بأوامر من قطر وتركيا بالإضافة الى السعودية ( مثلث الشر) ، بل أصبح الأمر مؤكداً أن وظيفة قيادات هذه القائمة تدمير العملية السياسية من خلال دعمهم للإرهاب بصورة مباشرة كطارق الهاشمي والعيساوي والديليمي وغيرهم كثير أو بصورة غير مباشرة كألنجيفي وباقي القيادات ، أما كتلة التحالف الكردستاني فمهمتها بناء الدولة الكردية والبحث عن كل ظرف يساعد في هذا المجال حتى وأن تطلب الأمر الى الإضرار بالعراق وعمليته السياسية فما علاقات الكورد مع الدول التي تعادي العملية السياسية إلا أصغر مثال على هذا التوجه والإهتمام ، أما كتلة التحالف الوطني فتعيش في حالة تصارع وتسقيط بعضها بعضاً بل أصبحت هذه الكتلة تمتاز بالتخالف ما بين مجاميعها الثلاث الكبرى القانون والتيار والمجلس حتى أصبحت من الكتل الضعيفة التي تتلاقفها الريح من كل مكان وما ريح تسقيط الحكومة التي جرفت التيار الصدري إلا أكبر مثال على هذا التخالف في المواقف ، ومن خلال كل هذا لم تمر على العملية السياسية في العراق أي مرحلة أستقرار بل الجميع يتقاتل من أجل الوصول الى غايته وهدفه أن كان هذا الهدف تثبيت أسس الديمقراطية أو تدمير هذه الأسس أو القفز على هذه الأسس الى بناء الدولة الكردية وما تخلل هذه المرحلة الممتدة لعشرة سنين من سوء خدمات وصراعات سياسية وتسقيطية وعمليات إرهابية حتى أصبح المواطن لا يعرف من العملية السياسية إلا علاوي يريد رئاسة الحكومة أو المالكي دكتاتور جديد أو صالح المطلك بعثي وصل الى قمة القيادة العراقية والبرزاني يريد إسقاط المالكي والعيساوي ممثل الخنجر في العراق وغيرها كثير كثير حتى أصبحت أسماء الكثير من هؤلاء القادة يشمئز المواطنون من سماعها لأنها أخذت كل إهتمام وسائل الإعلام وكأن غاية التغير الكبير هي تصارع الساسة على مصالحهم الشخصية أو الحزبية ، مما جعل المواطن يعيش في ضياع ما بين هذه الأحداث والمواقف السياسية المستمرة منذ اليوم الأول للتغير ، نعم كان التحدي كبير والعقبات أكبر ولكن لم يكن سياسونا على مستوى التغير العظيم الذي تمثل بيوم التاسع من نيسان عام 2003 لهذا كانوا السبب الأكبر في ضياع الفرحة من قلوب المواطنين و التقليل من أهمية ذلك اليوم حتى أصبح مجرد تحول حكومي ذهب فيه صدام وأتباعه وجاء فيه سياسوا الخارج بكامل صراعاتهم وسلبياتهم لقيادة العراق الجريح .
https://telegram.me/buratha