حيدر حسين الاسدي
تعتبر فئة الشباب في أي مجتمع أبرز الشرائح الفاعلة فيه والقادرة على العطاء لما تمتلكه من طاقات نفسية وجسمية وحماس واندفاع كبيرين، ولذا عادة ما تخطط الدول إلى استثمار هذه الطاقة سواء الأصلية منها أو الفائضة وتوظيفها بما يخدم المصالح الاجتماعية والأهداف الوطنية. وما لم يتم ذلك فإن هذه الطاقات تكون ثروات مهدرة لا يستطيع المجتمع الاستفادة منها، بل قد تتحول إلى أمراض تصيب مفاصل المجتمع بالعديد من الأخطار والأزمات والتبعات السلبية. إن أفضل استثمار يمكن أن يقدم لهذه الفئة المهمة من أبناء المجتمع هو توفير فرص عمل مناسبة لهم بحيث يستطيعون أن يوظفوا طاقاتهم وإمكانياتهم ضمن مشاريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية. ولكن الملاحظ أن هنالك خللا واضحا في دور الاقتصاد المحلي في استيعاب هذه الفئة، انعكس على شكل ارتفاع في معدل البطالة وانتشار حالة اللامبالاة بينهم، بل والارتماء أحيانا في متاهات الغواية او الأنشطة اللامسؤولة. وتعد قضية البطالة من أهم القضايا التي تؤرق بال الشباب في هذه المرحلة، وتجعلهم قليلي الحماس للتفكير في المستقبل والتخطيط له، ولذا فإن هنالك نسبة كبيرة منهم (من الجنسين) لاتبدي حماسا كبيرا وتفاعلا لتحقيق نتائج متقدمة في مجال الدراسة لشعورهم بأن الفرص المتاحة أمامهم محدودة جدا أو غير ذات قيمة، ولتفاقم حالة الاحباط النفسي لديهم. وتبرز في هذا المجال مشكلة قد تكون من أبرز القضايا التباسا في علاقة الشباب بالعمل وهي ضعف التأهيل النفسي والاجتماعي للشباب للإنخراط في مجالات العمل المتاحة أمامهم، وذلك بسبب بيئة التربية وتأثير المجتمع. فالكثير من الشباب حاليا يضعون لأنفسهم مواصفات غير عملية أحيانا تتعارض مع حاجاتهم للعمل من قبيل عدم القبول بمهن وحرف معينة أو وضع شروط تعجيزية أمام المؤسسات الموظفة أو عدم الالتزام والتقيد بضوابط ومتطلبات العمل المختلفة. من هنا ينبغي أن يبذل جهد كبير على صعيد التدريب والـتأهيل بما يتلاءم مع ظروف الشباب وحاجاتهم النفسية والاجتماعية وما يناسب سوق العمل أيضا بهدف معالجة هذه الاشكالية الحقيقية.كما تتكرر دائماً الاتهامات المتبادلة من قبل أصحاب المشاريع الاهلية والشباب على اعتبار أن هذه المشاريع لاترى لدى الشباب الكفاءة والرغبة الجادة في تحمل مسؤولية الأعمال التي تناط بهم، بينما يصرح الكثير من الشباب بأن بعض المشاريع الاهلية تختلق الأعذار في هذا المجال بهدف سعيها للحصول على عمالة رخيصة تقوم بنفس العمل المطلوب ، من المؤكد أن جميع المشاريع الاهلية تتحمل مسؤولية وطنية في المساهمة في علاج مشاكل العمل لدى الشباب. وأخيرا فإن هنالك حاجة ماسة إلى إعادة النظر في مشكلة العمل والبطالة المستشرية في الشارع العراقي وان تكون لاجهزة الدولة التنفيذية والتخطيطية رؤية واضحة وثاقبة للمستقبل وإحتياجات الشارع ، كذلك على الشباب العراقي ان يكون بقدر المسؤولية وان يكون متيقناً ان ابواب العمل لا تُفصّل على مقاساته وعليه ان يكون مؤمناً بان العمل شرف مهما كان نوعه ومن يبني نفسه من عمله هو خير واشرف ممن يتسكع على ابواب المقاهي ينتظر من يقدم له ثوب العمل بألوان تناسبه .
https://telegram.me/buratha