المقالات

إن كان لي ذنب فلي حرمة

611 16:06:00 2013-07-17

حسن الهاشمي

أوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا - فاطر - الآية - 44إن الله تعالى يمهل ولا يهمل، ولا تجد لسنة الله تبديلا أو تحويلا، هذه السنة تشمل جميع الأقوام السابقة واللاحقة فإن الله تعالى يبشرههم بهدايته وما يترتب عليها من نعم وينذرهم بعقابه وما يتحتم عليها من نقم، تعم تداعياتها ليس في الدنيا فحسب بل الآخرة وما تشمله من نعيم أزلي للطائعين وعذاب أزلي للعاصين لهم بالمرصاد.هذه آثار الأمم السابقة من أقوام عاد وثمود ونمرود وفرعون وغيرهم من الطغاة كيف دمر الله تعالى حصونهم وقصورهم ومزارعهم ومواشيهم وما كانوا يملكون من نعم الله تعالى التي لا تعد ولا تحصى وبدلا من شكر المنعم قاموا بكفران النعمة ومعصية الخالق فحق عليه إنزال العذاب بساحتهم ولكن بعد إمهالهم وإلقاء الحجج والبراهين عليهم، والسؤال الذي يطرح هنا بقوة، كيف يتعرف اللاحقون بعذاب الأقوام السابقين؟! إنهم يتعرفون على ذلك من خلال مطالعة تواريخ الأمم والشعوب أو عندما يمرون على صروحهم وآثارهم في تجارتهم وسفرهم، فقد كانوا الأقوام السالفة أشد قوة من كفار مكة، فماذا كانت نتيجة كفرهم وتكذيبهم؟ لقد دمرهم الله سبحانه بذنوبهم، والله تعالى قدير لا يعجزه شيء في السماوات ولا في الأرض، فليأخذوا عبرة مما حدث لمن قبلهم.والله سبحانه لا ينزل عقابه فورا على العاصين والظالمين، ولو كان هذا شأنه لما بقي حي على وجه الأرض، ولكن من رحمته تعالى أنه يؤخر العذاب إلى وقت يعلمه هو ليكون أمام الناس فرصة للتوبة والإنابة والإقلاع عن المعاصي، فإذا حل وقت الحساب فالله سبحانه بصير بأعمال عباده، ولذلك يجازيهم عليها بعلمه جلت قدرته، سواء ما عملوه في السر أو في العلن.وهكذا تتجلى قدرة الله تعالى بالانتقام من الظالمين قديما وحديثا في الدنيا وما ينتظرهم من العذاب في الآخرة أشد وأخزى، يلهم جميع المكلفين بشكر المنعم والسير نحو الهداية والإصلاح والتكامل لما فيه منفعة تعم المجتمع الملتزم، ولو إن أهل القرى آمنوا لأكلوا من فوق أيديهم ومن تحت أرجلهم ولصبت عليهم بركات الأرض والسماء صبا، هذا ما تسعى إليه جميع الأديان السماوية ولاسيما الإسلام الذي يحث دائما وأبدا لسلوك الطريق القويم وما عداه من الطرق تفرق بنا ذات اليمين وذات الشمال ومآلها لا محالة إلى الخسران المبين.وفي خضم هذا البحر المتلاطم فإن الإنسان المؤمن يتوخى رحمة الله تعالى في انتشاله مما هو فيه من زلات ومطبات قد تبعده عن طريق الهدى، فهو بين الخوف والرجاء، الخوف من عذاب الله الواصب والرجاء من رحمته التي وسعت كل شيء، ولكنه بالرغم من ذلك فإنه يعلم إن رحمة الله سبقت غضبه، وهو تعالى للأوابين غفور رحيم، وجميل ما قاله الشاعر:إن كان لي ذنب فلي حرمة*** والحق لا يدفعه الباطلوحرمتي أعظم من زلتي*** لو نالني من عدلكم نائلولي حقوق غير مجهولة*** يعرفها العاقل والجاهلوكل إنسان له مذهب*** وأهل ما يفعله الفاعلوسيرة الأملاك منقولة*** لا جائر يحفى ولا عادلوقد تعجلت الذي خفته*** منك ولم يأت الذي آملوالبيت الأخير من الشعر يتضمن مبدأ الخوف والرجاء، إذ إن الخوف من الله تعالى يبقى هو الشغل الشاغل للإنسان المؤمن، وإذا هم بمعصية فهي مشوبة بذلك الخوف الذي لا يزال يلاحق رجاء رحمة الله تعالى بالمؤمنين لينتشلهم مما هم عليه من زلات قد تبدر منهم بين الفينة والأخرى، هذا بخلاف المعاند الذي هو بعيد عن رحمة الله وبذلك فهو مستحق للعذاب ولو بعد حين.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك