هيثم الحسني
ان استخدام الوطنية كسيف او كدرع سياسي شأن قديم كقدم تاريخ العراق .
المواطنين في بلدانهم لديهم أهداف وقيم خاصة بهم قد لا تتفق في كثير من الأحيان مع أهداف وقيم الحكومات التي تحكمهم وهذا من شأنه أن يؤدي الى وقوع المواطنين من جهة والحكومة من جهة أخرى كطرفي نقيض تتعارض مصالحهما ويدخلان في حالة صراع يحاول كل منهما تسجيل أكبر قدر من النقاط إن لم تكن هناك هزيمة الطرف الآخر، وبذلك يرجح كل منهما مصلحته على حساب الطرف الآخر لتكون المحصلة النهائية خسارة كلا الطرفين، من هذا المنطلق تأتي أهمية الانتماء الوطني والولاء الوطني اللذان غالبا ما يشيران إلى نفس المعنى وعدم جودهما من شأنه الصدع في العلاقة القائمة بين المواطنين وحكوماتهم نعم هما الاساس في التوفيق فيما بينهم لتسود العلاقة جو من التعاون والألفة والتكامل بدلا من التنافس والتنافر والتناحر. اذن كيف يمكن اعطاء تعريف لكل من المصطلحين.
أولا: الانتمـاء الوطني هو استثمار متبادل بين المواطن والدولة باستمرار العلاقة الوطنية بينهما ، يترتب عليه أن يسلك المواطن سلوكا يفوق السلوك العادي المتوقع منه والمرغوب فيه من جانب الدولة ، ورغبة المواطن في الاستعداد لبذل مجهود أكبر والقيام بأعمال تطوعية وتحمل مسؤوليات إضافية في إعطاء جزء من نفسه من أجل الإسهام في استمرارية الدولة من خلال التعاون مع الحكومة لإنجاح عملها ومراقبة الحكومة ومحاسبتها على برنامجها الحكومي الانتخابي .تولد الاستمرارية للجهود العامة من اجل الحفاظ على المكتسبات الديمقراطية .
ثانيـا: الـولاء الوطنيهو أعمق من الانتماء ويمكن أن يقال عنه أيضا أعظم درجات الانتماء الذي يحدث فيها تطابق بين أهداف المواطن وأهداف الدولة ، او يعرف على أنه اعتقاد قوي وقبول من جانب المواطن لأهداف الدولة ورغبة المواطن في بذل أكبر عطاء ممكن لصالح الوطن مع رغبة قوية في الاستمرار في مواطنة لهذا البلد.
و لذلك تحاول كثير من الدول الديمقراطية كسب ولاء مواطنيها والمحافظة عليه وبذل المساعي لزيادتها عندهم ، إن عملية بث الولاء وزراعته في نفوس المواطنين، هي مهارة يمكن تعلمها واكتسابها من قبل القيادات وبمقدور الحكومة في الدولة تنميتها وتطويرها حتى تغدو أمرا طبيعيا تلقائيا يمارسه جميع المواطنين في الدولة بشكل عفوي دون تكلف. فالحقيقة التي ينبغي أن تعيها الحكومة هي من الصعب إرغام المواطنين على إظهار الولاء ، ولكن يمكن كسب ولاء المواطنين بتهيئة الجو المناسب لبيئة المواطنة ومن خلالها يظهر ولاء المواطن لوطنه . ويمكن أن نركز على أربعة عوامل كفيلة لكي يظهر ولائهم الوطني بشكل طبيعي وتلقائي.
أما العامل الأول:- فهو يتعلق في التطبيق الكامل والعادل لجميع المبادئ التي وضعها الدستور وعدم ادخالها في المزيدات الحزبية او القومية والتفسير الغامض منها لصالح العام وليس الخاص لفئه محدودة . وبهذا سيشعر المواطن بالفخر في انتمائهم الى هذا البلد وكذلك تتميز الدولة العراقية الحديثة عن باقي الانظمة والحكومات السابقة التي حكمت العراق.
أما العامل الثاني: فهو متعلق في توفير النماذج القيادية الوطنية المؤثرة والمتحركة بقوة داخل الوطن ومن مختلف اطياف المجتمع العراقي المحافظة وتعزيزها امام انظار المواطنين كنماذج مثالية يقتدي بها ورموز يدور حولها الولاء الوطني ، وليس تسقيطها او ابعادها سياسيا، وكذلك توفير المناخ السياسي الاصلاحي من خلال اعتماد قواعد سلوك سياسية تعتمد على الدستور والقوانين والمصلحة العامة للوطن.
أما العامل الثالث:- فهو متعلق بتوفير الحماية الاجتماعية للمواطنين التي ضمنها الدستور العراقي (في الفرع الثاني :ـ الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، الفصل الثاني الحريات ) والتي تهدف إلى دفع المضرات عن المواطن قبل جلبها له .ان تطبيقها بطريقة ملموسة من قبل المواطن يشعره بالأمان داخل الوطن ، تطبيق الحماية الاجتماعية ليست بخرافة في حال القضاء على الفساد المالي والاداري .
أما العامل الرابع: فهو متعلق بإيجاد جو تنافسي شريف كما نص الدستور في ( الفرع الاول :ـ الحقوق المدنية والسياسية) ، والتي تمكن أي مواطن من العيش الكريم والعمل السياسي الوطني عندها سوف تزداد نسبة الولاء المؤسسي الذي يحارب الفساد بكل انواعه ، ويتم المحافظة عليه مدى الأيام.
إن تغيير للدور التقليدي للقائمين والمتصديين في الدولة العراقية من رئاسة الجهورية ومجلس النواب والحكومة المركزية ورئاسة وحكومته الاقليم و الحكومات المحلية كمنقذين ليصبحوا منظمين و شركاء للجماعات المهمشة ليس بالأمر السهل، فالإنقاذ أمر أبسط لأن المنقذ يمسك بزمام العملية، أما التنظيم، فيعني، على العكس من ذلك، التخلي عن بعض تلك السلطة و السماح للمواطنين الذين نريد إنقاذهم بأن يقرروا ما يودون تنفيذه و مساعدتهم في تحقيق ذلك الهدف.
https://telegram.me/buratha