عدنان السباهي
ان دراسة الوطنية ضرورة علمية وإنسانية، ويمكن القول بضرس قاطع انها القضية الجوهرية في الواقع العراقي، فنجدها تطرح في المنتديات الثقافية والسياسية والاجتماعية وفي الصحف والمجلات والكتب والمؤتمرات وفي أحاديث المواطنين في الشارع ، فكل ذلك يكشف ثقل الموضوع، ففي كل الدول كان هناك أزمة هوية وصراعات وحروب، لكن العالم المتقدم بعد ان جرب تلك الإحداث المريرة عاد فتمسك بالهوية الوطنية التي يتجمع حولها الجميع فوصل لبر الامان، ان العراق نفض غبار نصف قرن من الحكم العسكري والتسلطي، فورث ارثا من الحروب المدمرة والعقوبات الكاسحة وسوء الحكم وسوء الإدارة وحكم الأسرة والفساد، فاستنزفت الموارد وتم تدمير المجتمع المدني وإطفاء الطابع الشخصي على مؤسسات الدولة فيتم استهداف الآخرين تحت راية وجيش الدولة وقتل أبناء الشعب بنفس الأداة فأنتجت أزمة هوية طاحنة،ولكن كل هذه الأمور لاتلغي ان يكون هناك تعايش بين أديان ومذاهب عديدة في العراق وربما حصل تنافر لكنه لم يصل إلى حد الإلغاء سواء كان بالضم او الهجرة القسرية ، ومثال على ذلك الصابئة المندائيون عاشوا مئات السنين بين المسلمين في الجنوب وكان وجودهم تحت حماية العشائر اكثر من وجودهم في ظل الدولة المركزية ، ويعلم الجميع من تعرض العراق للاحتلالات المتكررة فلم يستطع الصفوين تحويل السنة الى شيعة ولم يتمكن العثثمانين من تحويل الشيعة الى سنة على الرغم من قساوة وشراسة الطرفين، والدليل على ذلك وقوف المرجعيات الدينية الشيعية على راس المجاهدين الذين تصدوا للغزو البريطاني للعراق دفاعا عن النظام الاسلامي للعثمانيين الذين كانو من المذهب السني.ان قضية الوطنية وشيوع ثقافة التسامح في العراق تمتد جذورها الى الحضارات القديمة في بلاد الرافدين ، انتهاء بالعصر الاسلامي حيث ذكر في الكتاب الكريم (يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم) ، وقال الرسول العظيم(ص): (من لم يهتم بامر المسلمين فليس منهم)، وقال الامام علي (ع): (ان الناس صنفان: اما ا خ لك في الدين او نظير لك في الخلق)، فالرسول وأهل بيته دعوا إلى إشاعة التسامح والسلام بين المسلمين أنفسهم وبين غيرهم من الأمم واعتبر ذلك من مكارم الأخلاق، لذلك فان التسامح وتفعيل دور الحوار الوطني يشكل مطلبا وحاجة وطنية ينبغي التمسك بها ، وان من شروط نجاح التجربة الديمقراطية في العراق بعد هذه التضحيات الجسام شيوع وتطبيق ثقافة التسامح والقبول بالآخر، لذلك فمفهوم التنازل إنما يصب لمصلحة الجميع، وأخلاق ووصايا وفتاوى المراجع العظام بدءا من الإمام السيد محسن الحكيم(قدس) الذي حرم محاربة أبناء الوطن الواحد لا لشيء الا لانهم من قومية اخرى ، الامر الذي جعل هذا المكون ينظر إليه على انه عالم دين وأب لكل العراقيين باختلاف مذاهبهم وقومياتهم تحترمه واتباعه منذ ذلك اليوم ولحد الآن وسوف تستمر، وصمام الأمان اليوم المتمثلة بالإمام السيستاني(دام ظله) الذي ثبت الإرادة الوطنية وحد من الفتنة بل أوقفها عند حدها برغم التحشيد الدولي والأموال الطائلة بتقسيم المقسم وإشاعة الفوضى وإضعاف الشعوب، وخطاباته الوطنية التي يخاطب فيها بعض الوفود (لا تقولوا إخواننا بل قولوا انفسنا)، الى جانب الدور الكبير الذي اضطلع باقي المراجع ودورهم في الدعوة للوحدة الوطنية ونهيهم عن التفرقة ، ودور شهيد المحراب(قدس) في خطاباته ومحاضراته الوطنية التي يوجهها لكل العراقيين، وسماحة السيد عبد العزيز(قدس) الذي ثبت العملية السياسية بالتضحية بالمناصب الحكومية من اجل الهدف والمشروع وهو الدولة المدنية الوطنية التي تذوب فيها كل المسميات، وعندما نلاحظ خطابات ونصائح ومؤتمرات ومبادرات سماحة السيد عمار الحكيم، فنجدها تكاد لاتخلو كل كلمة او بيان من المواطن وخدمة الوطن ونحن والضمير مستقبلنا ومصيرنا ، نكتشف انه امتداد لمشروع وطني وهدف إستراتيجي ليس همه الفوز بالانتخابات والحصول على المناصب والامتيازات والأموال بقدر الحصول على الأمن والامان والاستقرار وتوفير الخدمات وشيوع ثقافة المواطنة والاحترام المتبادل وانعدام الظلم والظلام والمظلومين وانقراض طبقة الفقراء والمستضعفين وتجذر ثقافة الوطنية والمواطنة وحب الوطن والمواطن فينبغي دعم المشروع الوطني باتحادنا وتراحمنا وحبنا لبعضنا البعض واختيار من يمثل العراق بكل مكوناته.
https://telegram.me/buratha