عاصف الجابري
في صفحات التواصل الاجتماعي، سيدة إيرانية ثمانية او تسعينية العمر، تُسأل عن مشاركتها في التصويت الانتخابي أجابت: أكيد؛ كيف أترك حقي ومشاركتي القرار، قيل ومن تختارين؟ أجابت: في فترة قبل الانتخابات بأربعة أشهر؛ الاختيار مبكراً الأن، ولم يتاح لي الاطلاع على البرامج الإنتخابية والمرشحين.
نظام الحكم الإيراني رئاسي، من التجارب الناجحة في المنطقة، يدور بين حزبين رئيسين: الاصطلاحيون والمحافظون.
التنافس الانتخابي الإيراني بين الحزبين، تجربة من ثمانينيات القرن الماضي، أعطت الانطباع لدى الشارع عن أيدولوجيات الحزبين ونوع الأشخاص وتفكيرهم وتوجهاتهم لمعالجة المشكلات، تجربة تنافس حزبين أشبه بالتجربة الأمريكية؛ كل دورتين تكون لحزب وأخر معارض بالتناوب.
ما أن انتهت الانتخابات البرلمانية العراقية السابقة، حتى حزمت حقائب الأحزاب، تعمل لاستقطاب الناخب من تحركات إعلامية ودعائية مبكرة. الحديث يبدو إنه أخذ كلاسيكية السباق على السلطة، تحركاته علنية وأخرى مريبة في الخفاء تدور حول تشكيل تحالفات، قبل ان يطّلع أحدهما على برامج واستراتيجية الأخر وخططه المستقبلية، وما هو العمل للمرحلة القادمة والملاحظات التي سجلتها لتصحيح المسار والتعثرات السابقة، وكيفية إصلاح المؤسسة الحكومية والبرلمانية وما يتعلق بحياة المواطن.
الحديث تتناوله الصحافة والقنوات الفضائية بشكل سبق صحفي، أن تتفق هذه الكتلة مع تلك ونوعية الخطابات والزيارات المتبادلة والتصريحات، مَنْ يتفق ومَنْ يدفع أكثر او يقدم الإغراءات او الابتزاز لشراكة تشكيل الحكومة المقبلة، كل هذا وذاك يشير بوضوح الى هدف التداول بين الكتل السياسية، هو كيفية الحصول على رئاسة الوزراء او القرب من مصدر القرار للحصول على أكثر الامتيازات والمنافع، وحصر وعود التعينات بحزبه.
منهج المحاصصة أنتج برلمان سيء ضعيف، تبادل دور الإضعاف مع الحكومة والمؤسسات المرتبطة بها، الحكومة تفتعل التقاطع مع البرلمان وبالعكس. القوى السياسية معظمها لا تزال تركز على التحالف للحصول على السلطة، تبحث عن طريقة أفضل يأكل بها الكتف، استخدمت الإعلام وكل الوسائل المتاحة لإيجاد الأرضية المناسبة للتحالفات المسبقة لرسم شكل الحكومة القادمة، ابتعدت كثيراً في معظم توجهاتها عن البرامج الإنتخابية وتشجيع الناخب للمشاركة بعد تجربة عزوف الناخبين أثناء الانتخابات المحلية.
اللغة السائدة تسقيط واستهداف وتبادل الألفاظ النابية، كإن الأحزاب في حرب ضارية تريد الانتصار على جثث الأخرين.
سعة الهوة بين المرشحين والمواطن لم تتجاوزها معظم القوى، ولغة التسقيط والإستهدافات المتبادلة من مسببات عزوف المواطن، رافق ذلك تقاطع القوى السياسية في العمل وتحالف بعضها على بعض لأجل أسقاطها. لم تضع في سلم اولوياتها كيفية بناء برلمان منسجم وحكومة قوية قادرة على تجاوز الماضي وفتح صفحة عمل سياسي جديدة، لإنتاج دولة مؤسسات لا أحزاب متصارعة؛ منها يثق المواطن بالبرامج الانتخابية القادمة، يعتقد إنها صادقة للخدمة تمثل تطلعاته.
https://telegram.me/buratha