أحمد حسن الكناني
هكذا هي المعادلة (ما كان لله ينمو) فالكوخ صار يناطع عنان السماء والقصر أضحت طلوله بيد البلى نهبا..
إنها قصة حدثت على شواطئ دجلة الخالد لتضيف الى خلوده خلوداً.
لكنها لم تكن من قصص ألف ليلة وليلة ولا رحلة من رحلات السندباد البحري، ولارواية من روايات مصباح علاء الدين.
إنها قصة الحق وغريمه مدى الزمان الباطل.. سطرها فنان كان فنه الصبر، ورسمها رسام كانت ريشته السجدة الطويلة, رغم ثقل القيد وإنعدام الضوء وقلة الألوان، لكن تلك الريشة كانت تستمد عزيمتها من قدرة الله، وضوئها من نوره، وألوانها قدرته التي لا تضاهيها قدرة.
إنها قصة الراهب الذي كان يسكن كوخاً على ضفاف دجلة.. راهب ليس ككل الرهبان، إسمه موسى بن جعفر، ويلقب براهب بني هاشم.
القصة التي جسد فيها الإيمان بالعقيدة، والتضحية من أجلها، واللوحة التي لونها بالعفة والتقى.. وكما قلت كان يسكن كوخاً متواضعاً، لا يكاد يذكر أمام القصر المشيد الذي كان يرتفع إلى جانبه.
ولكن، وكما هي دائماً الأمور والأحداث والروايات والقصص لا تحسب إلا بخواتيمها.
فقد أصبح القصر ركاماً تذره الرياح، حتى إن قول أثرٌ بعد عين لا يصح أن يطلق عليه..لكن قف على جانب الرصافة وطالع الكرخ، وأنظر إلى تلك القباب التي تباري السحاب جوداً، والتي يهفو إليها المؤمنون من كل إصقاع المعمورة، غدواً ورواحاً، وعلى مختلف طوائفهم لينعموا بذلك الجود، وليستقوا من نبعه الصافي.
لم يكن صاحب تلك القباب ليختص بطائفة دون أخرى.. ثم وأنت واقف على الباب تنادي..سلام عليكم بما صبرتم فتعم غقبى الدار.
نعم، هكذا وكما هي نتائج المعادلات الإلهية (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ)
https://telegram.me/buratha