اعلان "البغدادي" عن تغيير اسم "داعش " الى "الدولة الاسلامية"، وانه سيشن الحرب على السعودية،راس الافعى كما يسميها، ومصر ودولاً كثيرة اخرى لا يأتي من فراغ، وله دلالات عديدة.
1- اعلان مهاجمة الدول الاخرى لا يأتي بعد انتصارات وانتهاء صفحة العراق وسوريا، بل لاشك انها بسبب خسائر "داعش" الفادحة، فاراد "البغدادي" بذلك تغيير وجهة المعركة لمناطق، بعد ان بات محاصراً ومكشوفاً في العراق وسوريا، ومضطراً لتحمل تكاليف بشرية ومادية فوق طاقاته. فهذا اعتراف بفقدان المبادرة وبداية الهزيمة في الجبهة الام، فيسعى لفتح جبهات جديدة كلفها اقل ومردودها الاعلامي اعلى، كما نشهد اليوم من كثرة العمليات في اوروبا وبقية دول العالم.
2- اعلان البغدادي، اقرار ان المعركة لم تكن بين الشيعة والسنة، او ايران والعرب، بل بين الارهاب واعداء الارهاب، بغض النظر عن المكون او الدولة.. اذ طالما اكدنا ان معركة "داعش" مع الشيعة او ايران، وان كان موقفاً فقهياً للغلاة، له امتدادات في التاريخ والفكر، لكنه اساساً لتعبئة العالم السني وتجنيد من تجذرت لديه هذه المفاهيم.. وان معركته الاساسية ستكون في النهاية مع السنة لانه نمى وترعرع في ارضهم وتاريخهم وبين جمهورهم وعلى يد الغلاة من علمائهم.
3- اكدنا في مقالة بتاريخ بتاريخ 3/7/2014 بعنوان "داعش.. واحتلال الموصل.. الخطوة القاتلة؟" بان "انتقال "داعش" من الانتحاريين والسرية والخلايا النائمة والحواضن والواجهات، الى احتلال الارض، والهجوم بجبهات والتحصن بمواقع واعلان الخلافة، تقدير خاطىء للظروف العراقية والاقليمية".. فـ"استنفرت من القوى والعوامل ضدها اكثر مما كسبت. وسيكتشف المتحالفون معها بطلان مواقفهم. وسيجدون انفسهم في موقف تصادمي. فـداعش ليست مشروعاً سياسياً يقبل الشراكة. ومطية يركبها -البعض- لمآربه ثم يتخلى عنها، وعكسه صحيح".. و" سيجد –الداعشيون- ان اقسى واهم معاركهم ستكون مع ابناء مذهبهم وسكان مناطقهم. وستنطلق القوى المناهضة لهم من بينهم، وحولهم، ومن خصومهم واعدائهم. فـداعش بعدوانيتها وتطرفها توحد خصومها، وتعبىء القوى ضدها. وتكشف السياسات الخاطئة وتدفع الامور للسياسات الصائبة."
4- "داعش" ليست تنظيماً فقط، بل اساساً امة ومجتمع وتاريخ.. انها أمة السوء كما ترد في القرآن الكريم. فالقضاء عليها عسكرياً امر سهل نسبياً.. الاصعب القضاء عليها فكرياً.. وهذا جهد على الاخوة السنة، قبل الشيعة وبقية العالم القيام به. وعلى كل من كان يرى ان الصراع مع الارهاب هو صراع سنة وشيعة ان يعي حقيقة الارهاب ليقف منه الموقف الصحيح.
5- كما حصل في العراق حيث وحدتنا "داعش" فقد تقود توجهات "البغدادي" الجديدة الى توحيد مواقف الدول الاقليمية والدولية حول اولوية محاربة "داعش"، وعدم تغليب اي خلاف سياسي او فكري اخر. صحيح، تأسس "التحالف الدولي" وصدرت قرارات من الامم المتحدة، لكن خطر الارهاب لم يكن واضحاً وشاملاً كما هو اليوم. اذ جن جنون بعد خسائرها الاخيرة، خصوصاً في الفلوجة، واصبحت تتخبط يميناً وشمالاً. فمعركتها في العراق وسوريا كانت البداية لبناء المرتكزات والقواعد للانطلاق للجوار والعالم، وعندما ظهرت علامات الهزيمة، كان لابد "للبغدادي" من ايجاد مرتكزات جديدة.. لذلك آن الاوان ان تدرك دول الجوار والعالم انهم المستهدفون اساساً.. وانهم تأخروا طويلاً في توحيد صفوفهم، وحاولوا التخفي وراء تفسيرات باطلة، وترك الارهاب يستغل انحراف المواقف وضعفها لبناء الشبكات داخل اراضيهم ووسط صفوفهم.
6- كان يجب ان نقدم كل التضحيات الغالية، وان تصدر فتوى جهادية من مرجعية الامام السيستاني دام ظله الوارف، وهو امر لم يحصل منذ فتوى المرجع الكبير الشيرازي قدس سره في ثورة العشرين.. وان نزج بقوانا العسكرية ومن الحشد والبيشمركة والعشائر لندافع ليس عن انفسنا فقط، بل لندافع عن العالم باسره ودول الجوار.. وسيرى الذين اساءوا لشعبنا و"الحشد" بانه سيكون لهم "حشدهم" واجراءاتهم التي طالما انتقدونا عليها.
عادل عبد المهدي
https://telegram.me/buratha