سيف أكثم المظفر
تشد الرحال نحو أرض الفداء، وتصطف القلوب لتنبض بصوت واحد، وهي مسرعة راجلة، حزينة مستبشرة، تعلوها سماء الارواح، وتحدوها اجساد ورماح، اي عشق هذا الذي يتصبب، واي نار في لبها تشتعلوا، واي افئدة تهوي اليكم سادتي، يا انوار في كبد الاسلام تتنوروا.
نسير والايام تلاحقنا، تتصفح العيون نسيمها، امن الغبار دمعها ام من لهيب الشوق تدمعوا، اهٍ يا كربلاء ماذا صنعتِ بنا؟ ..
الف وأربعمائة عام، إنقضت وكأنها البارحة، محرقة الخيام، وسبية عيالات الكرام، حتى عادوا بعد الرحيل، كف وعين وسهم، رمحا وصدر وعلم، طفلة وطشت والم، انها رحلة العودة، وعودة الرحلة، فمن هنا كانت بداية النهاية؛ بداية الإسلام، ونهاية الاستعباد، "كونوا احراراً في دنياكم" هنا رسم طريق النجاة، بدماءٌ حسينية، وحناجر أبية، تهتف عاليا "هيهات منا الذلة"، حملت القلوب على الدروع، تروي عطش السماء، بأرواح ودماء، سالت من اجل الوطن والعرض والمقدسات.
كنت اتمنى وانى أسير بين تلك الحشود المليونية، ان تقلل أعمدة الانارة، فضوئها يترءا لعيني احمروا، حتى شككت ببصري، فقصدت نحوها راجلا، متفحصا، ادماءا على جانبيك، ام خيال أم انا متوهم، واذا بصوت من خلف المصباح ينشدوا، نحن الشهداء، نحن سرايا عاشوراء، نحن امتداد لكربلاء، نحن رجال الفتوى الكفائية.. بدأ صوته يخفت، وهو يقول اتت زينب.. اتت زينب.
ساكنوا تلك الاعمدة، ارواح على قيد الطريق،