قبل أسبوع مضى وقفت أمامي زهرة ذابلة ذات خمسة عشر ربيعا ً مع والدتها ، شعرت ان نظرتهما تحملان كما ً من السلبية فتفننت بطريقة تجعلني اغادر المكان بسرعة فكيفيني ما يحيطني من سلبية اجاهدها من سنين !.
واثناء خروجي سمعت الحوار بين والدة الزهرة وبين من كان في المكان حيث كانت تبحث عن من يجيب ابنتها عن اسئلة تخص درسها , ورنت كلمة يتيمة في اذني فعدت قائلة معي ساعة من الزمن فاستفيدي من درس مجاني ريثما تتبرع معلمة في تدريسك , وهنا مسكت العصا من الوسط فمكانة امير المؤمنين في قلبي تتلازم مع خدمة اليتيم وضعف نفسي وضع شرط الساعة الزمنية حيث لم اكن لاصبر فيما لو كان كم السلب في النظرة قد وصل الى الاستيعاب !.
بدأت بتدريسها الرياضيات ومن مسألة لطرفة وجدت ان حزنها قابل للتلاشي وان خلفه ذكائا ً لطيف يجعل للجلسة حيوية كنت افتقدها تلك اللحظات , ومرت الساعة وأكثر ووجدت نفسي اعطيها موعد يوم غد لاتمام ماعندها من أسئلة.
عندما ودعتها لاحظت ان الام كأن فيها عوق ما لم ادركه, وجاء الغد وتبادلت الحديث مع الام قبل الجلوس مع البنت وعرفت ان اليتم لتلك الزهرة جاء بعمر الثلاث سنوات حينما تم اغتيال الاب وان عوق الام ناجم عن نجاة من انفجاريين في موقع العمل فنزلت الجمل بتفاصيلها كالصاعقة على قلبي وهربت من حوار الام لمجالسة البنت.
كنت اكتب وابين وقد لاحظت انها كتبت في كل صفحة (I hate my life ) لكنني لم استفسر وحدثت نفسي انها تريد ان تلفت انتباهي حتى اشرت هي بالقلم تجاه الجملة في اشارة ان لاتفهم الام عن ما نتكلم , وبلا تفكير كتبت بقلمي جملة ( in god we trust ) وهمست في اذنها من ان الجملة مكتوبة على المئة دولار واننا كمسلمين اولى بها !
اكملت الدرس بعد ايام وتوادعنا وعرفت ان الاشكال الدرسي قد انتهى وان ثمة مشاكل روحية تحتاج البنت فيها للمساعدة لذا لم اخشى اعطائها رقم هاتفي وكلي اخلاص هذه المرة للمساعدة في سبيل الله , خاصة بعد ان عرفت ان امها تستضيف اكثر من 20 شضية في جسدها وان تحركها يجعل حياتها في خطر وانها في عداد الموتى عملياً.
خلال اسبوع اتكلم معها يوميا بضع دقائق بعيدا عن المواساة فقط ازرع في قلبها الامل وارتب على نجاحها مفاخر لي ولمحبيها واسلط الضوء على ان المجتمع ينتظر انجازاتها , هكذا بإبراز حب واعتماد عليها وجدتها اكثر تفائلا واملا وبريقا ً في العين ..... ذلك البريق الايجابي الذي احرص ان المسه في عيون المراهقين .
هذه الزهرة ولدت بعد السقوط والمفروض انها وبقية الازهار يعيشون السرور والفرح فصدام قد ولى بعهده الدامي غير ان الابتلاء الجديد لم يكن بالأقل وها هي البراعم الصغيرة تنمو في غفله منا محملة بالوجع .
ان الخطأ الذي ارتكبه الكثيرون انهم اصطفوا جميعهم في طوابير السياسية ونسوا ان في المجتمع مشاكل يحتاج اصحابها لمن يسمعهم ويواسيهم كحد ادنى للمساعدة .
ان الايتام سيكونون قنابل موقوتة تنفجر في المجتمع ان لم تحتضن وأن التأكيد على رعاية اليتيم من قبل رسول الله ص والعترة الاطهار لم يكن في محيط العاطفة فحسب وانما لرعاية الامة من خطر اليتيم اذا اهمل فانه ان انطوى كان عبئا على المجتمع وان انحرف صار وبالا عليها .
وفي الختام نشكر المؤسسات التربوية والاجتماعية التي تهتم بشؤون اليتيم ونتمنى للمشاريع ان تتوزع فايتامنا نسب تعدادهم في تزايد .
ملاحظة / لقد كتبت الزهرة في اخر لقاء بيننا على دفترها جملة ( I love my life) فالحمد لله رب العالمين , غير انها لم تدرك انها هزت بداخلي كما ً من الشجون والالام اناضل على ان لا تظهر في عيني وكلامي لذا ابثها في كلماتي علها تخرج من قلبي الذي نخرته جروح الوطن .
المهندسة بغداد
https://telegram.me/buratha