المقالات

نهاية لعبة الموت في العراق

2153 18:54:00 2006-06-21

ليعذرني "المعجبون والمنبهرون" بشخصية الزرقاوي وأفعاله والحزانى على موته ألاَّ أصفه بما وصفوه وأن لا أصلي عليه صلاة الغائب كما فعلوا، فهذا أقل ما يمكن أن يفعل في حق رجل عاث في الأرض فساداً واستخدم كل أساليب الخداع لقتل الأبرياء فقام بعمليات إرهابية ضد المدنيين من خلال أشخاص تنكروا في زي عسكري ليقتلوا رجال الشرطة............... ( بقلم محمد الحمادي )

لا أعرف في أي شرع وأية عقيدة وبأي عقل يمكن اعتبار رجل كالزرقاوي الذي قتل الأبرياء والأطفال شهيداً؟!.. كما أنني لا أعرف كيف يعتبره البعض شجاعاً أو بطلاً وهو وأمثاله من المتطرفين تسببوا في تخلف الأمة وتراجعها ومعاداة الأمم الأخرى لها... فلم يرجعنا إلى الوراء إلا اعتبار أمثال الزرقاوي إبطالاً واعتبار أمثال الترابي مفكرين، وغيرهما الكثير ممن استغلوا الدين وشوهوا كل شيء عظيم فيه؟! ليعذرني "المعجبون والمنبهرون" بشخصية الزرقاوي وأفعاله والحزانى على موته ألاَّ أصفه بما وصفوه وأن لا أصلي عليه صلاة الغائب كما فعلوا، فهذا أقل ما يمكن أن يفعل في حق رجل عاث في الأرض فساداً واستخدم كل أساليب الخداع لقتل الأبرياء فقام بعمليات إرهابية ضد المدنيين من خلال أشخاص تنكروا في زي عسكري ليقتلوا رجال الشرطة... ومن خلال أشخاص ارتدوا ملابس النساء ليقتلوا المدنيين والأطفال الأبرياء في الأسواق وفي الأماكن العامة... ومن خلال أشخاص اختبأوا في المساجد ليخططوا لجرائمهم... ومن خلال أشخاص عاشوا بين الآمنين في الأحياء السكنية المكتظة بالنساء والأطفال والشيوخ ليحولوها إلى ساحة حرب... إنه رجل رضي بأن يقتل الأطفال والنساء في سبيل تحقيق أهدافه فأي بطولة وأي شجاعة هذه؟! وأسوأ المواقف –وإن لم تكن غريبة- هي مواقف بعض الجماعات التي يطلق عليها "إسلامية" من مقتل الزرقاوي، فقد كان مزعجاً بل مقززاً أن تعتبر تلك الجماعات التي يفترض أنها تعرف الحق من الباطل أن الزرقاوي شهيد الأمة وأن تعزي في وفاته وتعتبر أن ذلك واجب اجتماعي! وكأن الزرقاوي لم يفسد ويخرب ويفتي بما لا يرضي الله ورسوله من خلال لعبة الموت التي مارسها في العراق؟!... وكأنه لم يساهم في إشعال حرب طائفية في العراق؟!... لذا فإن التعاطف مع الزرقاوي مهما كان بسيطاً ما هو إلا استهتار بدماء مئات الأبرياء الذين راحوا ضحية أفكار الزرقاوي واجتهاداته الفاسدة وفكره المتهور... ولكن تلك المواقف جاءت لتؤكد من جديد أن هذه الجماعات "الإسلامية" في نهاية الأمر تقبل ما يفعله الزرقاوي وبن لادن وغيرهما ولا تستنكر العنف وتلك العمليات البشعة في حق الأبرياء وهذا ما يحتاج إلى وقفة جادة. ما يقوم به أمثال جماعة الزرقاوي لا يختلف عما تقوم به العصابات الإجرامية ولكن هناك فرقاً أساسياً بينهما فتلك العصابات وأفرادها يدركون أن ما يقومون به خطأ وجريمة قد يحاكمون عليها في يوم من الأيام، ومن فيهم يعرف ربه يدرك أن ما يقوم به قد يدخله النار... أما بعض العصابات المتطرفة التي تطلق على نفسها "جماعات إسلامية" فمشكلتها أنها على اقتناع تام بأنها على حق وأنها على صواب وأن ما تقوم به أمر إلهي وواجب ديني وأن كل ما يقومون به ليس جزاؤه إلا النصر في الدنيا أو الشهادة والفوز بالجنة والحور العين في الآخرة، وهذا هو بيت القصيد وهذه هي العُقدة التي لو انفكت لاستطعنا أن نحل كل الإشكاليات التي تنتج عن الإرهاب في العالم. وهذا يؤكد أن مشكلتنا ليست مع الزرقاوي ولا مع بن لادن فقط، بل مشكلتنا أكبر وأصعب وبالتالي يجب أن يكون التعامل مع هذه الظاهرة بطريقة أخرى حتى لا يزداد أتباع هذه الجماعات... ومشكلتنا أننا نعتقد أن السب ووصف الزرقاوي وبن لادن وغيرهما من الذين يسيئون إلى الإسلام وإلى الجهاد بأنهم حقيرون وسفاكو دماء قد يجدي نفعاً وهذا غير صحيح... كما أن البعض الذين يعتقدون بأن محاربتهم وقتلهم هما الحل غير صحيح... وهذا هو عين الخطأ العربي والعالمي في التعامل مع ظاهرة الإرهابيين، وهذا الخطأ أدى إلى ضياع سنوات في القضاء على هذه الظاهرة في حين كان يمكن أن يتم القضاء عليها في وقت أقصر. أهم ما في مقتل الزرقاوي زعيم "القاعدة في بلاد الرافدين" على الإطلاق هو كيفية الوصول إليه ومن ثم القضاء عليه... وهنا مربط الفرس والنافذة التي من خلالها يمكننا أن نرى الطريق الصحيح إلى محاربة الإرهاب والإرهابيين فخروج الزرقاوي من الأنبار لم يكن بقرار منه ولا بإرادته وإنما بسبب محاصرته وتضييق الخناق على حركته هناك الأمر الذي أدى به للانتقال إلى شمال بعقوبة في إقليم ديالي وسط العراق بعد رفض مجموعات كانت تعمل تحت قيادته الكثير من أساليب عمله كاستهداف المدنيين وعناصر الشرطة والجيش وكذلك رفضهم شعاراته بتكفير الشيعة. مما أدى إلى تخلي من كانوا حوله من عشائر وحركات مقاومة عراقية عنه وانتهت أحلام الزرقاوي بإقامة "إمارته الإسلامية في بغداد" على حد تعبيره... إذن عندما ضاق مؤيدو الزرقاوي به وبأفكاره التي بدأت تنكشف لمن لم يكن يرى أنها متطرفة وبشعة وخطيرة انقلبت الأمور وبدأ مؤيدوه بالتخلي عنه فكشف حقيقة تلك الجماعات هو تماماً ما يجب أن يتم مع الإرهاب والإرهابيين في كل مكان وليس برشقهم بالحجارة أو قذفهم بالسباب والهجاء وليس بإحراقهم والقضاء على زعمائهم فقط، لأن المشكلة ليست في الأفراد وإنما في الأفكار التي تغذي أولئك الأفراد... وما يؤكد ذلك أنه بمجرد معرفة نبأ مقتل الزرقاوي أجمع الكل على أن موته ليس نهاية للعنف ولا نهاية لـ"الزرقاوية" وفي اليوم التالي سمعنا تهديدات أعضاء جماعته بالثأر لزعيمهم... وما يؤكد ذلك هي الطريقة التي تم من خلالها القضاء على الزرقاوي فإذا احتجنا إلى إلقاء قنبلتين وزنهما 500 كجم تقريباً على كل إرهابي فكم قنبلة سنحتاج للقضاء على جميع الإرهابيين؟! وهذا ما لا تريد أن تفهمه إدارة بوش ولا بعض الحكومات العربية وتصر على الحل العسكري الذي لا نريد أن نقلل من أهميته ولكنه ليس الحل الجذري لهذه المشكلة. فيما يتعلق بالساحة العراقية الداخلية فإن غياب الزرقاوي سيساهم بشكل أو بآخر في إعادة تشكيل الوضع هناك وخصوصاً فيما يتعلق بالاحتقان الطائفي بين السُّنة والشيعة... بالنسبة للسُّنة قد يساهم في إنهاء عدم الثقة الذي ظهر بينهم وبين إخوانهم الشيعة... وقد يساهم في عودتهم إلى الحياة السياسية وحصولهم على المواقع المهمة في الدولة وممارسة دورهم السياسي في العهد الجديد... أما بالنسبة للشيعة فقد كان الزرقاوي "الحجة" التي من خلالها يهاجمون السُّنة ويتمسكون بمطالبهم ومواقعهم التي استحوذوا عليها بعد سقوط نظام صدام حسين... أما اليوم فقد زال الزرقاوي وصارت الكرة في ملعب القيادة السياسية في العراق ومدى نجاحها في الاستفادة من غياب شخصية مثيرة ومستفزة مثل أبو مصعب الزرقاوي ومدى نجاحها أيضاً في عدم إعطاء خليفته –أياً كان- الفرصة في أن يتحول إلى زرقاوي آخر يواصل مسيرة الفتنة الطائفية في العراق... وحتى يصلوا إلى نهاية لعبة الموت في العراق.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك