المقالات

الإعلام الاليكتروني مصدر التجهيل وصناعة الكذب

2405 2019-05-16

خالد الخفاجي

 

قد تكون أول كذبة أطلقت من على شبكة المعلوماتية هو ما نشره موقع "Usenet" الأمريكي عام 1984 عن خبر انضمام الاتحاد السوفييتي إلى شبكة الإنترنت, مع إن الاتحاد السوفييتي كان آخر ما يفكر به هو الانضمام إلى هذه الشبكة لأسباب أمنية, ومازالت روسيا لحد الآن تستخدم محرك بحث ومواقع تواصل اجتماعي خاصة بها.

كانت هذه مجرد كذبة 1 نيسان بريئة وبعيدة كل البعد عن حملات التضليل الإعلامية والافتراءات التي تحدث اليوم، والتي تهدف في ظل انعدام الضمير الأخلاقي والمهني والإجراءات الرقابية وحمى التنافس الغير شريف بين وسائل الإعلام المستقلة أو الرسمية على السواء, إلى جملة من الأهداف الخبيثة.

ورغم ما يتمتع به من سرعة النشر وسعة الانتشار وقلة التكاليف, فقد اتسم الإعلام الاليكتروني أكثر من غيره بصفة الانفلات من القيود والضوابط المهنية والأخلاقية وقدرته الفائقة على خداع وتمويه المتلقين وترويج الأخبار الكاذبة والمظللة, وفي هذا الجانب, ارتبط ارتباطا وثيقا بشبكات التواصل الاجتماعي وبات احدهما مكملا للآخر, وتبادلا الأدوار بينهما, تارة تطلق الكذبة في مواقع التواصل الاجتماعي لتنتشر بين جمهور المغفلين قبل أن تكون مصدر معلومات الوسيلة الإعلامية الاليكترونية التي ستؤكد الكذبة بتبرير تداولها من "نشطاء" وتغفل أمر التحري عن صحة المعلومة ومن يكون هؤلاء "النشطاء", وتارة أخرى تطلق الكذبة من الوسيلة الاليكترونية لتتناقلها بعد ذلك صفحات مواقع التواصل الاجتماعي الممولة من الجهة صاحبة المصلحة وليكون الموقع الاليكتروني مصدرا موثوقا لنشر هذه الكذبة.

ومع غزارة المحتوى المضلل والكاذب والغير دقيق فقد المتلقي الحصيف أي أمل حتى ولو كان ضئيلا للخروج من مستنقع التظليل الآسن, وفقد الثقة بمصداقية الإعلام عامة, وبات التشكيك بمصداقية الأخبار صفة شاعت مع شيوع الأكاذيب الاليكترونية يصعب دحضها بالمعلومات الحقيقية.

ولكن لماذا يصر المتلقي على التمسك بمعلومة غير صحيحة، حتى بعد دحضها نهائياً ؟

إحدى الإجابات التي رصدت من خلال صفحات التواصل الاجتماعي عن طبيعة تفكير المتلقي الميال لتصديق الأخبار الكاذبة هي وجود النزعة المتطرفة التي تدفعه الى تصديق الأخبار الكاذبة, مادامت هذه الأخبار تتناغم مع ميوله الفكرية. فإذا كانت هناك معلومة تُظهر الغريم بمظهر سيء، فحينها سيكون للمتلقي حافزاً عاطفياً يدفعه للاستمرار في الاعتقاد بصدق هذه المعلومة دون تكذيب.

وعلى الرغم من أن هذه الظاهرة واقعية للغاية إلا أن الملاحظ أيضا إن للجهل والغباء التأثير الأكبر في انجذاب المتلقي نحو الأخبار الكاذبة, حيث يعتمد "التأثير المستمر" للأخبار المزيفة على مستوى القدرة الإدراكية للفرد, ويمكن للأشخاص الذین يمتلكون مھارات إدراكیة أکبر أن يصححوا معلوماتهم تلقائيا حينما تحل معلومة جدیدة محل المعلومة القديمة الخاطئة. أما أصحاب التفكير والقدرات الإدراكية الأقل فسيكون من الصعب عليهم إجراء مثل هذا التصحيح, وأن أثر المعلومات الكاذبة لم يمح بالكامل عند الأفراد ذوي القدرات المعرفية الأقل, وتظل "الوقائع الكاذبة والمضللة" راسخة في فكر مجموعة كبيرة من المتلقين،

لهذا فان هذه الحالة تشكل حافزاً قوياً للوكالات الإخبارية لنشر المعلومات الحقيقية من المرة الأولى لكسب ثقة المتلقين واثبات مصداقيتها. ولكن ولسوء الحظ، فإنها تمنح أيضا السياسيين غير الأخلاقيين إجازة للكذب المنتظم بمعونة المؤسسات الإعلامية المضللة, وتُسرع لترسيخ الفكرة الخاطئة في أذهان المتلقين قبل نشر الحقائق في الوكالات الرصينة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك