ان ما يميز هذه المرحلة عن كل مراحل التاريخ المعاصر هو سقوط القناع وظهور القبح المحض دون اي احراج ، فلقد حرصت كل مرحلة من مراحل ذلك التاريخ وعلى مدى 100 عام كحد ادنى على ان تضع نفسها في اطار جميل وتقف تحت يافطات مثالية فلم يتبنى احد فكرة شاذة علنا ً ولم يعترف احد بالعمالة او على الاقل لم يمارسها جهراً وحافظات الخطابات على لهجتها المثالية الملتزمة بالقيم والمثل والاخلاق والوطنية حتى مللنا تشابهها وتوقعنا سطورها ومضمونها بل وصار عقلنا قادرا ً على ترجمتها بالضد لادراك الحقيقية !!
اليوم نواجه القبح وجها ً لوجه وبقرار منه فلقد اسقط القناع وقال ها انا ذا فماذا انتم فاعلون ؟! والحقيقة ان الامر صادم ولو تعمقنا قليلاً في الرؤيا نجد ان مقدماته قد دقت ابوابنا من فترة وفي قلب المجتمع قبل ان تطفح على سطح دولي كما هي الان ، ولاني مؤمنة ان استقراء حياتك كفرد يجعلك تستقرأ واقع امة بجرعة من التفكر والانصاف اطرح رؤيتي لعشر سنوات خلت .
ان من ابتلي بالخوض في العمل الجماعي قادر على ادراك مابين السطور فلقد سرى النفاق مسرى الدم في العروق حتى خنق الانفاس وكُبتت الطاقات ويأس الانسان من ايجاد مكان افضل او كحد اقل يجد مكاناً لايحارب فيه ان لم ينضم لفرقة النفاق تلك والتي تمثل الاغلبية بل انها تجاوزت الاغلبية الى المنهجية !
كنت ومازلت اعاني من النفاق واتذمر منه بل وقد كرهت اللون الرمادي لان يذكرني بان الفاصلة بين الابيض والاسود ان ارتفعت انتجته ، والى وقت قريب لم اتحمل حتى النزر القليل منه كالتملق والتزلف ولم اكن اتقبل ان اضعها في خانه المدح والثناء مثلا ً حتى فترة قريبة لم تتجاوز العامين انتقلت فيها الى مكان عمل وصل فيه النفاق حدا ً ان يقرر ان يكون محضا ً بلا شوائب اسودا ً بلا مزج هكذا قبح محض وبامتياز .
فزعت من نفسي وانا اشعر اني بت اشتاق لموقف نفاق واحد يساعدني على هضم القبح المحض !! فهو يسبب عسرة وصدمة ويشل الحركة كما انه يحقق فاصلة ومسافة ويشكل جبهتين واضحتين ومن النقطة الاخيرة استلهمت القوة ، نعم فالمميز في هذا القبح انه يستقطبك اليه وان لم تستجب نفرك الى مسافة ابعد ورسم لك حدودا على عكس النفاق الذي تذوب فيه النقطة البيضاء في سواد ، وتلوث النقطة السوداء بياضا ً اخر حتى يظهر الرمادي الخانق ولاتكاد تدرك هل ان سوادا خالط بياض ام العكس ؟
ان السر الانتصار في هذه المرحلة ان تستفيق مبكرا ً من الصدمة ، نعم لا تستغرق في التعجب وانت تملك المقدمات والاشارات التي وصلتك منذ سنين والفرق انها كانت شكاً والان باتت يقيناً ظاهراً ، ان المرحلة الان تشبه مسالة الموت ندركه ونعتقد به لكنه ذات يوم سيكون يقينا ً صادماً رغم كل المقدمات .
مرحلة الاستقطاب هذه نعمة على الاقل انها اخرجتنا من دائرة النفاق التي ضاق محيطها علينا يوماً بعد يوم بتنا لا ندور لاننا الان خطين متوازيين لن يلتقيا في نقطة فلما المخاوف والصدمة !!
ان الخوف الوحيد والحقيقي هو ليس قبح القبيح وتكشير انيابه وانما في ثغرات النفس التي لم تتكامل بعد والتي غرقت في غفلة نخشى ان لا نوفق بسببها نحو الانجذاب للقطب الصحيح لذا حان وقت التزكية والتنقية والتوكل فقائدنا المرتقب نقي ابيض صالح لن يقبل نقطة سوداء في ساحته فالنحرص على التخلص من ندب قلوبنا السوداء ولندرك ان المرحلة التي نعيش تمهد لظهور الحسن المحض في قبال هذا القبح ونسأل الله ان يوفقنا ويثبت ايماننا ونعيش يوما ً في دولة العدل المهدوي ايقونة النقاء فالى ذلك الوقت فلنسعى سعينا في التزكية والاصلاح والتكاتف والالتفاف حول المرجعية الرشيدة لرسم خط مواز يحارب القبح البشع فالخير في ما وقع.
اختكم المهندسة بغداد
21-12-2019
https://telegram.me/buratha