محمود الربيعي ||
ربما يكون الاعتذار السعودي بمرض الملك عن استقبال رئيس مجلس الوزراء العراقي صادقا ، أقول ربما فالاحتمال لايبطل الاستدلال مع هذا فثمة أمور في التأجيل لابد من تأشيرها ، سلمان مريض منذ مدة طويلة ووجوده تشريفي للحفاظ على ملك ولده وولي عهده وكان بالامكان ان ترتب زيارة له في مشفاه اثناء تواجد الكاظمي هناك ، خصوصا ان الجميع يعلم ان زيارة الرياض سيعقبها مباشرة انتقال الكاظمي لطهران وفي هذا فإن الصراع العلني والخفي الذي ترعاه واشنطن وتؤججه تل أبيب بين العاصمتين اكبر واهم من لقاء تشريفي يجمع الكاظمي بسلمان .
فهل وراء الاكمة ما ورائها ،أم ان الاعتذار غباء سعودي يضاف الى سلسلة السلوكيات الرعناء التي دأبت الرياض على اتخاذها اتجاه العراق والعراقيين منذ عقود طويلة ، وعلى طريقة ان لم تكن ضد خصمي فانت معه تعاملت حكومة ال سعود مع اصرار العراق على الجمع بين العاصمتين في جولة خارجية واحدة فالطامع بتغيير الوقائع المترسخة بعد 2003 ما زال يحلم بانقلاب على الحقيقة التي كرستها المواقف الايرانية الداعمة للعراق قبالة المواقف السلبية والمعادية التي اتخذتها السعودية طوال السنوات السابقة .
واذا كانت حسابات العلاقات الدولية المتوازنة هي الغاية الاسمى للحراك العراقي كما يشاع في الاوساط السياسية المضطربة فان هذه العلاقة لها نوعين لا ثالث لهما فهي اما علاقات تعاونية تربط بلدين تجمعمها عناصرة عدة من دين ولغة وجغرافية وتاريخ وغيرها وهذه لها شروطها واستحقاقاتها وتبدأ من وضع القضايا الكبرى على الطاولة ولنبدا بمحاسبة العراق على ما ارتكبه من جرائم وانتهاكات بحق الجارة العربية السعودية منذ عام 2003 ولحد هذه الساعة !
وقطعا سينجم عن هذه المكاشفة ان لا اعتداء ولا تجاوز ولا انتهاك صدر من الحكومة العراقية وشعبها اتجاه الشقيقة موضوع البحث ، ولكن ماذا سنكتشف وماذا سنسى عندما نفتح الملف السعودي الجائر في العراق من المساهمة في احتلال العراق و رفض الاعتراف بالحاكم الجديد لاسباب طائفية بحتة ،فهل يمكن للسعودية ان تدفع لنا تعويضات اشتراكها بالاحتلال لنعفو عنها في هذا الورقة من الملف وننتقل الى الفتاوى التكفيرية التي توجب وتجيز قتل العراقيين لانهم شيعة اهل البيت عليهم السلام وينتمون لمذهب يكفره رجال دين الحكم السعودي الوهابيون.
فهل سيباشر الملك وابنه بتجهيز امر ملكي يوجب الغاء الفتاوى القاتلة ودفع التعويضات للضحايا والشهداء العراقيين الذين لابد لهم من جاستا عراقي لتعويض بعض مافقدوه وما احدثته الآلة التكفيرية التدميرية من خراب في النفوس وفتن طائفية اجرامية وخراب هائل في البنى التحتية للمحافظات العراقية من اقصى الشمال الى اخر نقطة في جنوبه الثاكل ، وهل سيكتفي ال سعود بالملعب المزعوم والمدينة الرياضية الموعودة لننادي لهم من جديد ( دارك يالأخضر ) .
اوراق الاجرام السعودي تحتاج الى الانتقال الى نوع العلاقات التعاونية التي تستدعي موقفا حقيقيا يمكن ان يجعل العراق يفكر من جديد بجار جيد يصعب تصوره دون خطوات جدية ، ولعل العلاقة العراقية الايرانية هي اوضح مصاديق العلاقة التعاونية التي لاتحتاج شرح طويل لتكون واضحة .
ومؤشرات ما بعد 2003 في علاقة السعودية بالعراق توصل بشكل واضح الى النوع الثاني من العلاقات وهو العلاقات التصارعية التي تنمو في اجواء الفتن والخلافات والمشاكل التي يبدو انها ستبقى خيارا امثل للراغبين بتحقيق كامل المشروع الامريكي الهادف لصناعة الدولة الفاشلة في العراق وهو ما بدا واضحا في التردد السعودي وصناعة اعذار غير مقنعة لتأجيل زيارة الكاظمي الى الرياض خصوصا بعد الاستقبال الحافل للكاظمي من قبل قائد الثورة الاسلامية السيد الخامنائي الذي لم يستقبل مسؤولا رسميا منذ انطلاق الجائحة وشيوع الوباء في اشارة واضحة لموقف سيبقى ال سعود ينظرون اليه بعيون ناقمة رغم العناق القديم ..
وعلى جميع المستويات فإن ما حصل يقينا كله خير .
ـــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha