محمود الربيعي ||
للدولة عناصر واضحة اقرتها العلوم السياسية بمختلف مدارسها ومناهجها وجمعتها في الشعب ( السكان ) والاقليم ( الارض التي بين حدودها يعيش السكان ) والحكومة ( السلطة التي تدير شؤون السكان ) والسيادة ( الاستقلال عن الدول الاخرى ) وكما نرى فان هذه العناصر البشرية المتمثلة بالسكان واالطبيعية المتمثلة بالارض والتنظيمية المتثلة بالحكومة والمعنوية المتمثلة بالسيادة يحكمها الاعتراف الدولي ومقابل هذه العناصر والمكونات نحصل على فهم واضح لمفهوم يتردد هذه الايام بطريقة ببغاوية في محاولة للظهور بمظهر مخادع وهو ( اللادولة ) ، وليس علينا سوى ان نطبق المفاهيم على المصاديق لنتعرف على الملامح الحقيقية للمفهوم الجديد العائم ( اللادولة ) فالاضداد تعرف ببعضها ، ولنبدأ من السكان وهو العنصر البشري الاهم الذي من اجله وجدت الدولة وهو العنصر الاساس الذي لاوجود لها ولاقيمة ولا اعتبار دونه ، فماذا حصل للعنصر البشري في العراق بعد 2003 بالتحديد .؟ لاننا مجمعون على ان مرحلة ماقبل 2003 هي حقبة سوداء ظلامية تحكمت بها عصابات منظمة امعنت في قتل وتدمير السكان بطرق وحشية وعنصرية بشعة .لقد شهدت هذه المرحلة احتلالا عسكريا اجنبيا وسقوطا لنظام شمولي مجرم انتظر السكان من القوى التي حلت بديلا عنه ان تعمل على فرض الامن وسلطة القانون وتحقيق العدالة الاجتماعية وقد عملت هذه القوى تحت سلطة الاحتلال وتدخله السافر في حياة السكان حتى يوم الجلاء في اواخر عام 2011 تحت سطوة ضربات رجال المقاومة الذين منحوا المفاوض قوة لم يتمكن الامريكان من الصمود امامها ، ولم تكن الاعتداءات التكفيرية الاثمة المدعومة من حكام الخليج الطائفيين بأقل قسوة ودمارا من قوات الاحتلال ذاتها ان لم تكن اكثر منها وحشية وعنفا ، وفي ظل انشغال زعامات هذه القوى بمختلف هوياتها الفرعية بتقاسم منافع وموارد السلطة ونهب المال العام تحول العراق الى مستنقع للفساد والفشل لم تتخلص منه الدولة العراقية الى يومنا هذا ، فهل بوسع هذه القوى السياسية والحزبية ان تنظر اليوم الى عيون الناس وتتحدث عن الدولة واللادولة ..!!
واما العنصر الطبيعي الثاني المتمثل بارض العراق وحدوده المستباحة فقد عمدت الادارة الامريكية الى فتح الحدود لسنوات طويلة ولم تتمكن القوى المتغولة في سلطة الدولة ان تتحرك لتحمي البلاد حتى وقعت الواقعة في حزيران 2014 لينبري بواسل العراق ملبين نداء المرجعية الدينية وحاملين ارواحهم على الاكف لتحرير الارض وتطهيرها من رجس التكفيريين ، ومازالت حتى الساعة قوات الاحتلال التركي تتقدم في الارض العراقية التي يتحدث فيها الفاهين عن الدولة واللادولة دون ان يتمكنوا من تحريك ولو شكوى في مكاتب مجلس الامن دفاعا عن العنصر الطبيعي لوجود الدولة، واما القوات الامريكية فاصحاب الدولة لايعرفون اعدادها ولاتحركاتها ولايمتلكون معلومات عن اسلحتها والياتها وحركات طائراتها ومنظوماتها الهجومية والدفاعية ويحدثونك عن الدولة .
أما السلطة – الحكومة – فلدى القضائية الاف الملفات التي لايعرف احد مصيرها والتي تحوي كل ادانات السراق والمختلسين والمزورين الذين نهبوا البلاد والعباد ولدى التشريعية عشرات القوانين والتشريعات النائمة على الرفوف دون قدرة على اقرارها واما عن الدور الرقابي ومحاسبة المفسدين فغطيلي واغطيلك واسكت عني واسكت عنك صارت شرعة ومنهاجا في ادبيات المقتسمين لدمائنا ومائنا . واما التنفيذية فان اختيار راس الحكومة توافقي لايخضع لدستور في الكتلة الاكبر بل يخضع لمزاج المتحكمين بمصير العراقيين دون نازع من وطنية ولا تسالني بعد ذلك عن الدولة واللادولة يامن اسست لهذه العملية السياسية العرجاء الفاسدة وبنيت مصالحك الخاصة ومشاريعك على حساب ابناء الشعب ولم تعمل يوما لبناء الدولة والمؤسسات .
لن اتحدث عن السيادة فالسيادة حديث معنوي لن يحوله الى واقع الا رجال يؤمنون بشعبهم ويعرفون قدر وطنهم ويحترمون انفسهم … وذلك عنكم بعيد ايها المتشدقون بحديث الدولة واللادولة .