محمد الكعبي||
الخطاب السياسي والفكري والاقتصادي والديني والقبلي و....ظاهره تعامل معها الحكام والاحزاب والتيارات على مر التأريخ بمستوى عالي من الأهمية والجدية لبث ما يريدون بطريقة ـ الأعلام الموجه ـ في جغرافية سلطتهم وإنّها من أهم أولوياتهم لترسيخ دعائم نظامهم لتتمكن من عملية التسلّط على عقولهم وتحكيم نفوذ سلطانها طويلا ,كلما مر الزمان تتجدد وتتطور طرقه وتتنوع اساليبه.
يقول (جوزيف جوبلز) وزير اعلام هتلر: (أعطني إعلاماً بلا ضمير؛ أعطِك شعباً بلا وعي).
ظاهرة تغيير المفاهيم من خلال الإعلام أصبحت مشكلة عالمية كبرى تفرض نفسها على جزء مهم من المعادلات المحلية والاقليمية والدولية، أنها تتحكم بالأغلبية الصامتة، أو لنقل الناطقة بدون وعي وبدون أي معرفة أو الاغلبية المغلوب على أمرها أو الساكتة أو الراضية بالأمر الواقع أو التي فهمت الحقيقة فهما ناقصاً أو التي وهبت عقلها لغيرها حيث أصبحت ضحية التضليل الاعلامي مما جعلها تعيش حالة الإرباك المفاهيمي وتشتتّ رؤيتها ولم تحدد بوصلتها في الاتجاه الصحيح فتاهت في مستنقع الفكرة المبثوثة اليهم بطرق ناعمة من حيث لا يشعرون وهذا نتاج طبيعي لمؤسسات الاعلام التي تعمل العجائب في تغيير الافكار والقناعات لانها سهلة التناول وزهيدة السعر وسريعة الوصول إلى المتلقي وفيها محاكاة لرغبات النفس وليس هناك قانون يضبطها، فكان للإعلام الدور الكبير في تغيير أنظمة سياسية وتبديلها.
اليوم في عصر التطور والتقدم العلمي هناك من يقوم بعملية غسل الأدمغة وتشويه الحقائق وتبديلها حتى يكون الحق باطل والباطل حق، ومن الطرق الخبيثة التي يستخدمها الإعلام أن يكبر الصغير ويصغر الكبير، ويجعلوا من الجبان شجاع، والشجاع متخاذل، والوطني خائن، والعميل منقذ، والمقاوم قاطع طريق، كل هذا لإقناع الرأي العام والسيطرة على فكرهم ونفوسهم لتسهل عملية تحريكم حيث يشاؤون.
يبثون خبر صغير أو تافه في الإعلام يعيدونه ويكررونه ويسلطون الضوء عليه ويكبرونه حتى يقنعوا الناس به، أو يصغرون ماهو كبير، ويسفهون ما يستحق الاهتمام أو العكس، بل حتى الكذب الذي لا واقع له يقوم الإعلام بتأكيده وتكراره ويجعلونه الحق المطلق من خلال ترسيخه بأذهان الناس ليصبح حقيقة لايمكن التنازل عنها، بل وهناك من يؤمن بها ويقاتل من أجلها وهو لا يعلم إنها كذبة وخدعة، ومن التضليل بث بعض الحقيقة أو البناء المنحرف على الحقيقة الثابتة غايته الوصول إلى فكر المتلقي لتحقيق ما يريده المضلل. حتى بعض الحقائق التي يبثها الاعلام المضلل يحرفها ويبني عليها كذب حتى تكون منسجمة مع الجماهير، أنه الإعلام من أشد وافتك الاسلحة واقساها حيث تحاكي النفوس و العقل والقناعات وتغير الكثير من المفاهيم، كثير من رجال السياسية يحاول تسليط الأضواء عليه من خلال الإعلام من قبيل إعلان خبر محاولة أغتيال كاذبة أو اصابته بمرض أو تبرعه بشئ أو تمثيله دور المنقذ أو المحامي أوالمدافع عن الحقوق والعدل والمساواة ويبذل الاموال من اجل تبييض صورته وكذا الاحزاب والزعماء , بل حتى الشركات والمؤسسات تروّج لمبتغاها بطرق مختلفة ومتجددة لتكسب تعاطف الناس، فالسياسي يتعامل مع المواطن بعنوان انه زبون يريد أن يكسبه لترويج بضاعته يحاول بكل الطرق من اقناع زبائنه وهذا نجده واضحا في ايام الانتخابات وما يسبقها من حملات اعلانية.
وما تقوم به المنظمات العالمية اليوم من شن الهجمات المتلاحقة على جميع المستويات وخصوصا في الاعلام لما له من المفعولية الجسيمة والحساسة في كثير من المتغيرات، فالعقل الجمعي يحكم الكثير من ردات الفعل وكثير من التحركات كانت نتيجة لتلك القناعات التي تحكم بها الاعلام وسيرها حيث يريد، فسارت بلا تميز وبلا وعي حتى قتلت الجماهير نفسها وهي تصفق وتهلل وتكبر ولا تشعر أنها هي القتيل الذي سيشيع في الغد.
نحتاج إلى وعي يمكننا من تمييز الغث من السمين لأن الكثير يتأثر بما يسمع ويؤثر بغيره فأختلطت عليه الامور فأعتقد أن (داعش) هو الاسلام وأن (أميركا ) عنوان للحرية والديمقراطية لم ينظر إلى ما يخفي الإعلام لم يشاهد الحقيقة التي طمرها الاعلام، ملايين من الفقراء والايتام تتسكع في شوارع اميركا والغرب، التمييز العنصري، السرقة، الاحتيال، الاغتصاب، القتل والاقصاء لم يسلط الضوء عليها، حتى ظن البعض أن الغرب هي الارض الموعودة فإنبهر ابنائنا بهم لان الوانهم واعلاناتهم التي تملئ الشوارع والتلفزيون كثيرة وسريعة لا تترك لك المجال للتفكير بل تتسابق النظرات مع ضجيج الاصوات و الالوان والمتغيرات لكي لاتشاهد الحقيقة كاملة.
نحتاج إلى وعي وثقافة ومناعة قبل قبول كل شيء لابد أن يكون هناك مختبر للتحليل وتشخيص الحق من الباطل وهذه وظيفة النخبة التي تتحمل الكثير من المسؤولية القانونية والاخلاقية والدينية و لانها جعلت من نفسها تلك النخبة فعليها أن تكون على قدر تلك المسؤولية وان لا تتنصل و تعتذر بأعذار واهية سخيفة أسخف من قائلها.
اليوم نعيش حالة من الغش والتزيف الاعلامي وتغيير الحقيقة وتقطيعها وتجزئتها من خلال الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي التي دخلت كل منزل وكل شخص ، الغاية منها تسيير المجتمع لمخططات يراد لها تدمير الانسان وجعله العوبة بيد من يقف خلف البحار، انها الحرب الناعمة.
تمكن الاعلام المضاد بطرقه الحديثة والجميلة الشيطانية من إغراء وإغواء الكثير حتى برزت أفكار وقناعات وتوجهات لم يألفها المجتمع حتى أصبح التشكيك بالدين والعقيدة والاخلاق الفاضلة حالة موجودة عند الكثير .
الاعلام سيف ذو حدين خير وشر حق وباطل ومع الاسف نقولها وبصراحه ، اعلام أهل الحق بسيط وضعيف وخجول لا يرتقي بالمستوى المنشود، وحالة البخل المالي والمعلوماتي بينة وواضحة عليه خلاف الاخرين الذين ينفقون الملايين من الاموال ويبذلون الكثير وهم دائما في حالة تجدد وتطور وهذا دليل على أن الخصم يعرف كيف يتعامل وماذا يستخدم من أدوات فلكل ظرف وزمان ادواته وخطابه، نملك أكثر منهم من الاموال لكن الأنانية الثقافية والعلمية والمالية وتسلط الأحزاب والأفراد على الخطاب الإعلامي هو الذي جعلنا في موقع الدفاع أو الضعف، أن إعلامنا أغلبه ممل وبائس وغير مشوق وغير محفز و خطابنا غير متجدد ولايقبل النقد ولايقبل التطور وما هذا الا بسبب قلة الخبرة وسوء الادارة وتحكم غير الاكفاء وتقديم المصلحة الشخصية على العامة وعدم مواكبة العصر والتمسك ببعض الشكليات أو فكرة لا تتغير ولا تتطور و التي أصبحت عائق أمام رقي إعلامنا كلها عوائق تحيل من محاكات الجماهير والالتحاق بهم، لابد من التغيير والتطور والتجديد وهذا لايحصل الا بتكاتف الجهود والخبرات ومشاركة الجميع وبذل الاموال وقبول النقد وترك الاعلام الفئوي والحزبي.
الإعلام الهادف قادرة على نشر المعرفة وكشف الزيف وملئ الفراغات من خلال الحظور الفاعل والمتجدد وتزويد المجتمع بالحقائق و المعلومات الصادقة والمتنوعة لكي يستطيع من تحجيم الاعلام المضلل وكشفه.
من حق الجميع أن يكون له اعلام ونشاط ثقافي يدعو له لكن عليه ان يكون متزناً في تعاطيه وصادقاً في طرحه واميناً في نقله، متجدداً و متفاعلاً وموضوعياً مع الاحداث بشكل حيوي ومتطور مبتعداً عن اسلوب التسقيط والتشهير والتهريج ، الاستفادة من الشباب وقدراتهم في تطوير الاعلام لما يملكونه روح التجديد والنشاط والاستعداد على التطور والتنوع، اعلامنا عليه أن يطور من وسائله وينمي قدراته ويوسع من نشاطة ويتجاوب مع المتغيرات مع الحفاظ على الثوابت و.
وللكلام بقية.....
https://telegram.me/buratha