محمد الكعبي||
{ إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ
أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً} النساء /97.، خلق الله تعالى الانسان وجعله خليفة في عالم الوجود ومنحه العقل والارادة ليستطيع ان يستعمر الارض، ويرفض المولى سبحانه ان يكون الخليفة عبداً لغيره بل يحاسبه ويجعله في زمرة الظالمين.
الاستضعاف حائل من ممارسة الدور الريادي للإنسان، أن طول فترة الحكم الفرعوني لبني اسرائيل عاشوا هزيمة داخلية أثرت على تعاطيهم مع الأحداث حتى باتوا في ضياع وعاشوا الاستضعاف بكل صنوفه والوانه، ولعلماء السوء أمثال السحرة والكهنة الدور الكبير في تجهيلهم لينصهروا في حكم فرعون وعندما قال لهم { …يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ } الزخرف/51.
خاطبهم بلغة الحس حيث قال لا تبصرون ولم يقل لا تعلمون ولا تعقلون لأنه يريدهم ان يصدروا الحكم
من خلال النظر بالعين وليس بالعقل والتدبر، ولأنهم فاسقون تركوا تحكيم المنطق السليم من خلال تحكيم لغة العقل وقد ساهم ضعفهم في استحكام فرعون لهم، ولسنا بأفضل حال منهم، فقد عاش المجتمع العربي فترات طويلة تحت سلطة الطواغيت، فضلا عن الاستعمار الذي غير كثير من معالم الشخصية العربية وأدخل ثقافات غريبة عنهم، فكان لطول المدة أثر في شخصيته فَتعَود أغلب المجتمع على الخنوع والاستسلام.
كانت الفترة الماضية من اصعب الفترات التي عاشها شعبنا حيث مازالت ارهاصاتها تدلي بظلالها على
نفسية اغلب الافراد حيث فقدان الطموح والامل والخوف من المجهول والقوة والعنف والفساد مع وجود
الاستعداد عند البعض على تقبل كل ما هو سلبي، وقد أثر في بنائها الفكري والنفسي حيث اصبح جزء من
شخصيته يصعب تفكيكها منه.
وما تسلط الجهلة والأقزام والذين جاءوا من وراء البحار إلا دليل على ما نقول والذين تحكموا بالمجتمع من خلال الوراثة والاموال والعشيرة والاحزاب والمناصب فكانت النتيجة الصراع والاقصاء والاغتيالات، لان البعض لا يستطيع أن يعيش حالة الخلاف والاختلاف الفكري لا يمكنه أن يتعقل إن الاختلاف مسألة طبيعية بين البشر وليس حلها القتل و التسقيط والتشهير لان العنف سلاح الجاهل، ينبغي مناقشة الفكرة بالفكرة والكلمة بالكلمة.
البعض لا يستطيع ان يعيش بدون تبعية للصنم والسجود لهبل وتقبيل حوافر فرس الظالم وشم مخلفاته التي يتعطر
بها الجهلة والمتخلفون لا يفكرون ولا يتدبرون{ أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاَّ
كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً}، النتيجة خراب، تراجع، فساد وفشل على جميع الاصعدة، { إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ..} الرعد/11. يحتاج المجتمع إلى نهضة كبرى على مستوى التعليم والمنهج والسلوك،
ونحتاج إلى ثورة اصلاحية تنطلق من الفرد نحو المجتمع ونسير على خطى ثابته بعيد عن إملاءات الكهنة.
https://telegram.me/buratha