عدنان جواد||
السيادة هي الحق الكامل للهيئة الحاكمة وسلطتها على نفسها دون تدخل جهات او هيئات خارجية، وفي القانون الدولي يشير مفهوم السيادة الى ممارسة الدولة للسلطة على اقليمها، وفي الواقع قدرة الدولة على تطبيق القانون في ذلك الاقليم، والكل يعلم ان سيادة الدولة، هي احدى الركائز الاساسية لوجود الدولة ببعدها القانوني والسياسي، ويتبادر للذهن عندما تسمع دولة ذات سيادة، اي انها تمتلك قرارها بإدارة شؤنها السياسية والاقتصادية والعسكرية، والسيادة ترتبط ارتباط وثيق مع الاستقلال، والاخير يعني الحرية في اتخاذ القرار من دون قيود وتدخلات، من الدول الخارجية القريبة والبعيدة، وفي داخل الدولة تطبق قوانينها على الجميع بدون استثناء او مجاملة او خوف من شخصيات عالية الشأن.
فتصريح ماكرون الرئيس الفرنسي في مؤتمر صحفي في لبنان قبل التوجه للعراق وقال: (ان المعركة من اجل سيادة العراق اساسية) (ومسيرة السيادة مطلب شعبي وحكومي، يريد التخلص من سيطرة قوى الارهاب والقوى الاقليمية)، ولا ندري الاشارة بالإقليمية لتركيا التي تقصف شمال العراق ، خصوصا وان العلاقة متوترة بينها وبين فرنسا بشان ليبيا، وقبرص الدولتان الحليفتان لفرنسا.
وتحاول انقرة السيطرة على الاوضاع في ليبيا وفيه تهديد للوجود الغربي والفرنسي بالخصوص، وتركيا تحاول التنقيب في البحر المتوسط المقابل لليونان عن النفط، ام لدول غيرها كالسعودية التي تدخلت بشؤوننا كثيرأ، فهي منذ التسعينات بحرب الخليج الأولى منعت سقوط نظام صدام أيام الانتفاضة، فقد اقنعت الولايات المتحدة الأمريكية، أن شعارات الثورة طاىفية وأن العراق سوف يصبح ايرانيا، وساهمت في إسقاط النظام باحتضان القوات الأجنبية ودفع التكاليف المالية، وهي واحدة من محركات الحرب العراقية الايرانية، وتدخلت وادخلت الألاف من الارهابين للعراق لاضعاف الدولة وانهاكها ، وانهاء قوتها العسكرية والاقتصادية.
ولكن لا ماكرون ولا شيراك قال لها العراق بلد له سيادة بل يبيعونها احدث الأسلحة، أو ايران المقصودة وهم يعلمون علم اليقين لولا ايران ما سقطت دولة الخلافة الداعشية، و العراق ومنذ عام 1991 تعرضت سيادته للانتهاك، بفعل القرارات الاممية التي صدرت بحقه ، نتيجة لتهور قيادته في ذلك الوقت، بإشعال حروب لا ناقة للشعب فيها ولا جمل ، واستمرت هذه القرارات في الصدور لحد عام 2003، فاصبح دولة محتلة ليس لها سيادة، وبعدها بفترة اسس مجلس الحكم لكنه غير قادر على اتخاذ اي قرار، فالحاكم المدني بول بريمر هو الحاكم الفعلي الذي يتخذ القرارات الداخلية والخارجية، فمقاليد الامور كلها بيد سلطة الائتلاف المؤقتة.
وحتى خروج العراق من البند السابع للأمم المتحدة، واتفاقية الاطار الاستراتيجي مع الولايات المتحدة الامريكية، لم تنفع شيئا، فهو بقى خاضع لإرادات دولية واقليمية ومنفعة لجهات سياسية داخلية، فاصبح القرار لا يمثل السيادة بقدر ما يمثل مصالح دول واطراف واشخاص في الداخل ، خدعتها المناصب والمزايا وترف السلطة وحب المال.
فهل ماكرون يستطيع الوقوف بوجه الولايات المتحدة الامريكية، وانه منافس لها يشجع الاتفاق مع الصين ويدعم استقلال العراق في اتخاذ قراره بعيدا عن التأثير الامريكي ، وهو بذلك يضع السيادة على المسار الصحيح، او ينصح ساسة العراق بالابتعاد عن الصراع الامريكي الايراني مثل ما فعلها بلبنان، فأسلوبه يختلف عن ترامب، الذي يستغل الصديق، ويحصر الخصم في زاوية ضيقة، تجبره على الدفاع عن نفسه بكل الوسائل بما فيها استخدام القوة العسكرية (السلاح)، والتي ساهمت في الفوضى والاغتيال، واشاعة العنصرية، فهو ينصح الصديق ويدعمه، ويحاور الخصم ليصل معه الى نقاط مشتركة.
فقضية سلاح حزب الله كانت مطروحة بقوة امامه من قبل الفرقاء السياسيين المختلفين مع حزب الله، لكنه ولأنها قضية شائكة ولا يمكن حلها اجلها لوقت لاحق، وتحاور مع حزب الله، ، ام جاء ليبحث عن عقود للشركات الفرنسية في العراق في مجال الطاقة والكهرباء والسلاح، وكل هذه الامور فيها مصالح والدول تبحث عن مصالحها وهذا شيء طبيعي، لكن كيف تعاد السيادة والاستقلال.
هل تستطيع باريس ان تقف بوجه الولايات المتحدة الامريكية كما قلنا سلفا، لأنها تتدخل بالشأن العراقي، او تمنع نفوذ الدول الأخرى في العراق، وهل تمنع الاقليم من اقامة علاقات مع دول ومنها اسرائيل يمتنع المركز من اقامة علاقة معها، وهل تستطيع الضغط على الاقليم بالخضوع للمركز في تصدير النفط وفي كل شيء، وهل تستطيع فرض القانون وتطبيقه على الفاسدين الكبار مثل ما يتم تطبيقه على المواطن البسيط، والاجابة على هذه التساؤلات يجيب عليها المواطن البسيط لا يمكنها عمل ذلك، فالسيادة تأتي من بسط الدولة قانونها وتطبيقه في الداخل ضد الذين يخترقونه، وفي الخارج ان تتعامل بالمثل مع الدول الاخرى، فهل تستطيع دولتنا الرد على تركيا وهي تقصف القرى الكوردية، لا تمتلك القوة العسكرية ولا الارادة السياسية ولا حتى الشعبية.
فالناس ملت الحروب، وكذلك هي لا تستطيع منع الاكراد المعارضين لتركيا الذين يستهدفون مناطق تركيا المحاذية للحدود العراقية من التواجد في العراق ، السيادة لا يعيدها رئيس دولة اخرى مهما فعل، اذا ما يتفق اهل البلد على حماية وطنهم والحفاظ عليه بالتنازل عن الاهداف الفرعية في سبيل الهدف الاسمى وهو السيادة والاستقلال، ينبغي ان يتوحد العراقيون ففي وحدتهم وحب وطنهم تأتي السيادة.
https://telegram.me/buratha
![](https://telegram.org/img/t_logo.png)