محمد الكعبي||
بعد سقوط النظام في 2003م، تصدت الاحزاب الاسلامية للعملية السياسية كغيرها، مع وجود سياسات تخريبية عدوانية من أميركا و بعض الدول المجاورة لإسقاط العملية السياسية مع رغبة من بعض الاطراف الداخلية التي لم تستوعب الصدمة.
ساهم الجميع في تشكيل الحكومة وكان منصب رئيس الوزراء من استحقاق الاكثرية وهذا لم يكن مٌرحب به من قبل أغلب الرفقاء وشركاء الوطن، عملت قوى الظلام على افشال المشروع السياسي الشيعي بكل الطرق، فكان الثمن غالي جدا حيث المفخخات والانتحاريون والتنظيمات الارهابية غزت العراق لأقصاء الاكثرية من استحقاقها.
انقسمت الاحزاب الشيعية التي كانت مجتمعة ومتوحدة، بعد أن ذاقت حلاوة السلطة فأنشقّت وتفرقت كلمتها ولم يجمعها موقف وهذا ما كانت تبتغيه دوائر الاستكبار بمعية بعض الاطراف العربية والداخلية، بينما أحزابنا غافلة ولا تدرك خطورة المسألة لأنها جديدة عهد بالسياسة.
اصبحت واجهة السلطة بيد الاحزاب الشيعية و بدأت الصفحة الثانية من اللعبة حيث انشغالها بالمصالح الخاصة فضلا عن قلة خبرتهم السياسية العملية، فأفلّ نجمهم لأسباب يطول سردها.
حاول الاعداء أسقاط التجربة الشيعية في العراق أسوة بمصر وتونس حيث تم اسقاط الاسلام السياسي السني، وبدأ التراجع واضح حتى وصل لآخر رئيس وزراء اسلامي هو السيد عبد المهدي والذي لم يكمل سنة حيث استقال من منصبه لأسباب معروفة، لتتحول البوصلة لرئيس وزراء شيعي من خارج الاسلاميين وان جاء بدعمهم وهذه بداية النهاية كما اعتقد، فلا رئيس وزراء اسلامي بعد اليوم.
من المتوقع أن تفوز الاحزاب الاسلامية في الانتخابات القادمة عندها ستكون أمام خيارات أهونها مر من حيث التحالفات والتكتلات والتنازلات واذا حدث هذا ونجحت فإنها ستكون أمام استحقاق انتخابي وهو ترشيح رئيس وزراء وستكون أمام خيارات :
أما ان ترشح اسلامي وعندها سيبدأ الشارع بالتظاهر والاحتجاجات وبدعم من الاطراف المناهضة لهم داخليا وخارجياً ، قد تصل إلى حرب داخلية لا يعلم بها الا الله.
واما أن ترشح رئيس وزراء من خارجها أي مستقل ليكون الواجهة السياسية لها، لأنها تدرك حجم المتغيرات ولا تريد ان تُقدم على عمل محكوم عليه بالفشل مسبقا ومن جهة اخرى فهي غير مستعدة لمواجهة الشارع الغاضب، وحتى هذا انا اعتقد ليس لمصلحتها من حيث ان رئيس الوزراء الجديد أما ان يعمل للأحزاب الاسلامية عندها ستكون نفس النتيجة الاولى. واما ان لا يعمل لها أو ينقلب عليها استجابة لمتغيرات السياسة وادراكاً لمقتضيات الظرف واستجابة لرغبة المتظاهرين والدول الاقليمية مع رغبة الامريكان بتغيير داخلي للنظام السياسي في العراق.
ان قادم السنين ليس في مصلحة أحزاب السلطة وسيشهد العراق متغيرات ومفاجئات، فبعض الاحزاب ستحاول ان تجاري المتغيرات لكسب وجوه ودماء جديدة، وهذا لن يستمر طويلا حيث اختلاف الفكر والتوجه والرؤيا، بل الجيل الجديد يختلف عن اسلافه بطريقة التفكير والتعاطي مع الاحداث والمتغيرات والانفتاح، واذا سار الجديد بمنهج القديم، سيتحرك الشارع ضده ونعود إلى المربع الاول.
تحتاج الاحزاب الاسلامية إلى ترتيب اوراقها بواقعية وتعديل لمسارها وطريقة أدارتها للبلد وتستجيب لشعبها وتحقق رغبات مواطنيها وتتخلى عن الاوهام الزائفة.
ستحاول الاحزاب ان تشكل أحزاب جديدة بعناوين غير اسلامية لتناغم الشارع العراقي وهذا ايضا لا يحقق لها المصلحة على المدى المتوسط فضلا عن البعيد فأما ستنكشف بانها الراعي للأحزاب الجديدة وسنرجع لسيناريو الاحتجاجات.
اوسيذوق الجديد حلاوة السلطة والاموال فلن يقبل ان تتحكم به الاحزاب التي يعتقد انها فشلت بقيادة البلد واضطرت لكسبه لحاجتها اليه.
(هذا قرائتي اليوم اما غدا الله اعلم) الانسان تحكمه الظروف والمتغيرات.
https://telegram.me/buratha