عدنان جواد||
تقوم الدول بإنشاء الصناديق السيادية لحفظ الثروات والاصول وادارتها بشكل منظم وصحيح، وهي تحرص على ادارة الثروات واستثمارها في مشاريع رابحة، مثل الاصول الثابتة، والاراضي، والعقارات، والاسهم في الشركات، وهي وسيلة للحفاظ عليها، وزيادة العوائد، وخاصة في تلك الدول التي تمتلك فائض مالي، والتي تدخره لأي حدث طارئ او ازمة اقتصادية في المستقبل، وللأجيال القادمة.
لذلك تسعى الكثير من الدول التي تحترم نفسها الحاكم فيها خادم لشعبه، باشاء اكثر من صندوق، لأنها بذلك تحمي ثروة البلد، من السراق وسطوة الحكام، فيتم الاعلان عن الاموال المرصودة لتلك الصناديق، واين تستثمر، يشرف على ادارتها اناس امناء يتم اختيارهم بعناية، فتجد تلك الدول تهتم بتلك الصناديق وتجعلها من اول اولوياتها، لان فيها تطبيق العدالة في توزيع الثروات على ابناء الشعب، والقضاء على الطبقية الطفيلية، المتنعمة بأموال تم سرقتها عن طريق السلطة والرشوة والطرق الغير القانونية والمشروعة، وطبقة محرومة، من ابسط مستلزمات الحياة، ومنها صناديق الاجيال القادمة فلها حقوق على الاباء الحاليين، ولهم حصة في تلك الثروات ولا يجب التفريط بحقوقهم نتيجة غباء الحاكم وطيشه، او استهتار الادارات الحكومية والتفكير بملذات اليوم ونسيان مستقبل الابناء.
تعتز الدول وتعلن عن مقدار الاموال في صناديقها السيادية، فهذه النرويج التي تمتلك اكبر الصناديق حول العالم، والذي تقدر موجوداته بأكثر من 818 مليار دولار حسب اخر بيانات، بالرغم من ان عدد سكانها خمسة ملايين نسمة ، وهذا يعني ان ثروة كل مواطن 200,000 الف دولار، ولا نذهب بعيدا حتى لا يقال تلك دولة محترمة ومتقدمة وفيها يحترم القانون، فهذه دول الخليج النفطية، جميعها لديها صناديق سيادية، وخاصة للأجيال القادمة، فهاهي الكويت تقوم بتحويل 25% من دخل بيع البترول مباشرة الى تلك الصناديق السيادية، فهل فكر صاحب السلطة عندنا بتلك الصناديق السيادية؟! الحقيقة المرة ان من يتسنم زمام الامور في العراق، دائما يشعر بالعظمة وانه القائد الضرورة الذي لم تنجب النساء مثله، فأما يستخدم الاموال في صناعة اسلحة، والدخول في حروب خاسرة، اسهمت في تدمير البنى التحتية للدولة، وحرق الثروة بكل اشكالها، وتحطيم الآمال والطموحات لأجيال واجيال، او من فهم السلطة بانها مال مشاع ينبغي السيطرة عليه وتعويض الحرمان الذي عاشه، وانه حلال زلال له ولأبنائه وحاشيته ومن يلوذ به، فالغوا الدوائر الرقابية والمحاسبة، كما في رقابة التحويل الخارجي في البنك المركزي، من قبل سيدهم بريمر، حيث تم فتح باب الاستيراد على مصراعيه، والغاء التعرفة الجمركية، وفساد العملة، بالفرق بين سعر الحكومة وسعر السوق، فتحولت معامل جميلة من معامل منتجة الى مخازن للبضاعة المستوردة ، فاصبح الجميع تجار، فتجده يستورد طماطة، وكذلك يستورد اغذية وادوية، وعلى كولة المصريين(بتاع كله) ولا يوجد تخصص، فتحولت السوق العراقية استهلاكية 100%، ففي عام 2015 استورد العراق سلع استهلاكية تقدر بمبلغ 44 مليار دولار، في حين ان واردات النفط كانت 39 مليار دولار، وهو ما وصف بعام التقشف، فانخفض رصيد العراق من العملة الصعبة من 88 مليار دولار الى 49 مليار دولار.
يتكلم الاقتصاديون اليوم عن مبلغ الدين العراقي الذي وصل الى 128 مليار دولار، 90 منه من النظام السابق، وهذا يعني ان الطفل العراقي الذي يولد حديثا ، مديونا ب 3000 دولار، والسبب الفساد المالي والاداري والهدر بالمال العام وضعف الرقابة والمحاسبة، وفوضى الاستيراد التي تذهب بالثروة لدول اخرى عبر غسيل الاموال، بجلب سلع رخيصة الثمن ، تقضي على المنتوج المحلي، وتحويل الاموال المنهوبة الى اموال مشروعة وقانونية عندما تتحول الى عقارات ومولات ، ومصارف وشركات، وعجلات مختلفة الانواع والموديلات، فالمافيات المنتفعة، وعدم السيطرة على المنافذ الحدودية، ورغم ارتباطها برئيس الوزراء لكن فيها تتم الكوارث، واكبر مثال ذلك الشوارع في بغداد التي لا تستوعب اكثر من 200الف سيارة، فيما يوجد اليوم اكثر من مليوني سيارة من اغلب الدول التي تستطيع صناعة السيارات بغض النظر عن المتانة والموديلات ،بالاضافة للتك تكتك والستوتة ، اما في مجال الصحة فنقص بالمستشفيات، ظهرا جليا نقصها بتفشي فايروس كورونا، ونقص الابنية المدرسية بعد هدم القديم وتركها بدون أعمار لأن اموالها صرفت قبل الإنجاز، وتم تقاسمها بين المقاول والاحزاب، لذلك تجد في المدرسة الواحدة ثلاثة وجبات من الدوام، ومعدل النمو السكاني الذي يقابله نقص في الموارد والابنية السكنية والخدمات، وجهاز الدولة الوظيفي المترهل والمتضخم وغير المنتج، وضعف القطاع الخاص، وعدم وجود استثمار حقيقي، لعدم توفر الامان فصاحب راس المال جبان كما يقال، واسعار النفط المنخفضة ووارداته التي يعتمد عليها اعتماد شبه كلي، وتضخم اموال وثروات الطبقة الحاكمة على حساب الشعب، وهي سبب الماسي، فلو سمحت الاحزاب بتطبيق القانون على السارقين، واعادة الاموال المسروقة منهم، لاختلف الوضع، فهذه زعيمة المانيا انجيلا ميركل عندما شوهدت وهي تتبضع من دون حماية ومواكب ، سألها احد الصحفيين؟ لماذا لا ترسلي من يجلب لك ما تحتاجين، ولماذا لا زلتي تسكنين في حي شعبي ، قالت لهم ، انا مؤتمنة على اموال امة ، وهذ ليس ملكي، وليس ببعيد عنا ، لماذا لا يشاهدوا احمدي نجاد الرئيس الايراني السابق وبساطته وعدم استغلاله المال العام، وكما قال زعيم فيتنام الحديثة هوشي منه عندما سألوه عن حالة التقشف التي يعيشها مع العلم انه الزعيم فلم يجدوا عنده غير كتب قديمة ونظارة وساعة جيب اجابهم: (الزعامة ليست في حاجة للمال ، انها بحاجة اكثر الى عقل يفكر جيداً) ، لذلك فالحكومة الحالية مطالبة بتصحيح المسار اذا كانت جادة كما تدعي، في مكافحة الرشوة في دوائر الدولة، وحماية القضاة والقوات الامنية المتصدية لقضية الفساد، واهم شيء التثقيف بخطورة الاعتداء على مال الشعب العراقي الحالي والاجيال القادمة والتشهير بالمجرمين، واعادة الاموال المسروقة، والا سوف يبقى ابنائنا خدم وعمال مهظومة حقوقهم، يعملون عند أبناء أصحاب السلطة والمال المسروق، ولكن املنا بالعادل القهار كبير، وشاهدنا ماذا فعل بصدام وابناىه وحاشيته من استهتار وظلم وطغيان، ونحب أن نذكر من اغرتهم السلطة، واعمتهم المناصب،ان الله سوف لن يغفر الله لكم ذنوبكم مهما بذلتم، لحرمانكم الاباء العيش الكريم، وسرقة طموح وامال الابناء ، ويوم المظلوم على الظالم اشد من يوم الظالم على المظلوم.